ترقب لانعكاس إجراءات التقشف ورفع الضرائب على الاستثمارات السعودية في منطقة اليورو

التلويح باتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي

TT

يترقب المستثمرون السعوديون، ما ستؤول إليه إجراءات التقشف، المتضمنة خفض الدين العام، ورفع الضرائب، لعدد من دول الاتحاد الأوروبي، التي تبنت ذلك في ميزانياتها للعام القادم 2013، لتفادي ارتفاع الدين العام، جراء الأزمة المالية التي عصفت بمنطقة اليورو، وانعكاس هذا التوجه على استثماراتهم.

ويخشى المستثمرون أن تفرض عدد من الدول الموقعة على برتوكولات واتفاقيات، مع الحكومة السعودية: «لمنع الازدواج الضريبي»، ضرائب على استثماراتهم المنتشرة في، فرنسا، إسبانيا، بريطانيا، والتي تجاوزت في عدد من دول الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من 3%.

ويلوح السعوديون، بهذه الاتفاقيات في حال تم إلزامهم، بدفع ضرائب على ممتلكاتهم، في حين استبعد قانونيون، واقتصاديون، أن تلجأ دول الاتحاد الأوروبي لاتخاذ هذه الإجراءات حيال الاستثمارات الأجنبية، خاصة السعودية المحمية باتفاقيات مع أكثر من 9 دول في منطقة اليورو غالبيتها تعاني من الأزمة المالية.

وكانت وزارة المالية في السعودية قد أبرمت نحو 29 اتفاقية «لتفادي الازدواج الضريبي»، موزعة ما بين آسيا، وأوروبا، وذلك لحماية رجال الأعمال المستثمرين في دول العالم، بعد أن تعرضوا لأزمات مالية، جراء فرض ضرائب على استثماراتهم، لم يتم سدادها في السنوات الأولى، ونتج عنها تراكم في التحصيل، وهو ما يطلق علي «التهرب الضريبي» ولم تفلح في حين جميع المحاولات لثني عدد من دول الاتحاد من إعفاء المستثمرين، تحت بند أنهم يدفعون الضرائب في دولتهم.

وهنا يستبعد الدكتور صالح الطيار، أمين عام الغرفة العربية الفرنسية، أن تتجه دول الاتحاد الأوروبي الموقعة مع المملكة، فرض ضرائب على المستثمرين السعوديين، المحميين باتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي، وإن تم ذلك فهو مخالفة لمبدأ هذه الاتفاقيات، التي تتيح للمستثمر في كل من البلدين من حماية المستثمر من الازدواج الضريبي.

وأشار الطيار، أن الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو متزعزع اقتصاديا، ووفقا لآخر الإحصائيات التي تم رصدها، تشير إلى أن وضع البطالة في فرنسا وصل إلى 3 ملايين شخص، وما يعادل إلى 11 مليونا في الاتحاد الأوروبي، وأن فرنسا ورثت نحو 600 مليار يورو ديونا، وذلك بحسب رئيس فرنسا.

وأردف أمين عام الغرفة العربية الفرنسية، أن هذا التذبذب دفع بالكثير من دول الاتحاد الأوروبي إلى التقشف في ميزانيات 2013، مع خفض الإنفاق العام، تحسبا من رفع الدين العام، فيما رفعت عدد من الدول ومنها فرنسا ضرائبها إلى أكثر من 3%، عما هو مسجل في أعوام سابقة، وتخفيض سعر الفائدة، وهذه الإجراءات قد تفتك بالاستثمارات الأجنبية في دول منطقة اليورو.

وكانت الحكومة البرتغالية، وقبل ذلك الإسبانية، والفرنسية، قد كشفت في وقت سابق عن مشروع موازنتها لعام 2013 التي تحوي إجراءات تقشفية، يصل فيها متوسط الضرائب على الدخل سترتفع إلى 13.2، مقارنة بالعام الحالي 2012 والمقدرة بنحو 9.8، مع خفض للإنفاق العام بقيمة 2.7 مليار يورو، في حين يشمل البرنامج تسريح نحو 2% من موظفي القطاع الحكومي، وذلك بعد أن حصلت على 78 مليار يورو كمساعدات مالية.

من جهته قال إسماعيل الصيدلاني المحامي والمستشار القانوني، إنه من الصعب أن تتجه هذه الدول إلى كسر اتفاقياتها، وفرض ضريبة على رجال الأعمال السعوديين، لافتا إلى أن اتفاقيات منع الازدواج الضريبي تقوم على أسس واعتبارات، منها أن مكان نشوء الدخل هو الأساس في فرض الضريبة، فتفرض الضريبة في الدولة التي ينشأ فيها الدخل الذي يترتب عليه ضريبة، كما أن الازدواج الضريبي يقوم على تحديد أنواع الدخول التي تخضع للضريبة وتنطبق عليها تبعا لذلك مبادئ منع الازدواج الضريبي، موضحا أن هذه الاتفاقيات إما أن تكون ثنائية بين الدول، أو على نطاق تكتلات أو اتحادات أو بين الدول الأعضاء في منظمة واحدة.

واستطرد المستشار الصيدلاني، أن الازدواج الضريبي كان يشكل هاجسا لأصحاب الدخول، خاصة المرتفعة منها من أصحاب الأعمال والمشاريع الكبيرة، من غير المواطنين، إذ يتم فرض ضريبة على دخل الشركة أو المنشأة أو الفرد، في قانون البلد الذي يمارس فيه العمل، وفي بلده الأصلي، مشيرا إلى أن التطور والتوسع في التجارة العالمية، صاحبه استغلال من بعض المكلفين بدفع هذه الضرائب، وأصبح عدد من التجار يلجأون للبلدان غير المنضبطة اقتصاديا ولا تراعي الدقة في متابعة استحقاقات الضرائب، للتهرب من دفع الضريبة، الأمر الذي دفع مجموعة دول العشرين، بوضع قائمة للدول المتهمة بأنها ملاذ للتهرب الضريبي، وألزمتها أن تقوم بالتوقيع على اتفاقيات منع الازدواج الضريبي ليتم شطبها من القائمة المخالفة.

وقال الصيدلاني إن فرض أكثر من ضريبة على ذات رأس المال، أو خضوع نفس وعاء الضريبة إلى أكثر من ضريبة، هو ما يحدث في أغلب الأحيان بالنسبة لأرباح الأموال المستثمرة في الخارج، إذ هي تخضع للضريبة التي تفرضها الدولة المستوردة لرأس المال، وتخضع أيضا للضريبة التي تفرضها الدولة المصدرة لرأس المال.

وقد حذر خبراء اقتصاديون في الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق، من احتمال تجدد الركود، إلى نحو 40% في العام المقبل 2013. وهو ما أقره رئيس مجلس وزراء مالية مجموعة اليورو، في لقاء صحافي، أن منطقة اليورو تمر بمرحلة حرجة وعليها التحرك سريعا لحماية الاستقرار المالي للمنطقة، مؤكدا أن دول منطقة اليورو إلى جانب البنك المركزي الأوروبي وآلية الاستقرار المالي الأوروبية، مستعدون للقيام بشراء سندات دول اليورو المتعثرة ماليا بصورة عاجلة لمساعدة هذه الدول في مواجهة ضغوط أسواق المال عليها.

وعاد المستشار الصيدلاني، ليوضح طرق فرض الضريبية بقوله «أن يكون معدل الضريبة في مكان نشوء الدخل، أقل من معدل الضريبة في بلد المستثمر، وعلى ذلك فإن المستثمر سوف يقوم بسداد قيمة الضريبة على أساس بلد نشوء الدخل، ويكون لبلده الحق في استحصال الضريبة منه على الدخل، وإعفائه بمقدار النسبة التي دفعها في مكان نشوء الدخل، وفي الحالة الثانية أن تزيد الضريبة في مكان نشوء الدخل، عن الضريبة في بلد المستثمر، بحيث يلتزم المستثمر بدفع الضريبة على أساس مكان نشوء الدخل، وأما في الحالة الثالثة أن يكون هناك تساو بين معدل الضريبتين وفي هذه الحالة فإن مكان نشوء الدخل هو الحاكم والفاصل في هذا الوضع».

وأكد الصيدلاني، أنه في حالة الزيادة فإن الاتفاقيات عادة ما تنظم هذه الحالات وفقا للقواعد العامة وإعمال المبادئ القانونية عليها وتحديديها تحت بند حساب الضريبة، وهي تختلف وفقا لأوضاع البلدان التي تبرم تلك الاتفاقيات فيما بينها، والمعيار فيها يكون معيارا شخصيا.