البرلمان الأوروبي يرفض خفض موازنة العام المقبل

باريس تؤيد خطط برلين بعيدة المدى لاستقرار منطقة اليورو

خوسيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية خلال جلسة البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (إ.ب.أ)
TT

استمر تصاعد مظاهر الغضب الشعبي في عدة عواصم أوروبية بسبب سياسة التقشف، فيما رفض البرلمان الأوروبي إجراء خفض في موازنة الاتحاد الأوروبي لعام 2013 على النحو المقترح من قبل مجلس الوزراء الأوروبي، وأيد دعوة المفوضية الأوروبية لزيادة الموازنة بنسبة 6.8 في المائة للعام نفسه، كما أعلنت المفوضية الأوروبية أن الإجراءات القانونية لتطبيق ضريبة على التحويلات المالية اكتملت عندما أبدت 10 دول أعضاء استعدادها لتطبيق الضريبة التي ستولد عائدات بقيمة 57 مليار يورو سنويا.

من جانبه، قال رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك أيرو إنه من الضروري أن يتحقق الاستقرار في منطقة اليورو، وإنه بمجرد وصولها إلى ذلك الهدف فستتمكن من الدخول إلى مرحلة تشهد قدرا أكبر من التكامل، الأمر الذي تسعى ألمانيا لتنفيذه، إلا أنه اعتبر أن ذلك الأمر سيتحقق «على المدى البعيد». ورفض البرلمان الأوروبي إجراء خفض في موازنة الاتحاد الأوروبي لعام 2013 على النحو المقترح من قبل مجلس الوزراء الأوروبي، وأيد دعوة المفوضية الأوروبية لزيادة الموازنة بنسبة 6.8 في المائة للعام نفسه. وقال بيان للبرلمان الأوروبي إنه من أجل تعزيز النمو وفرص العمل فقد عكس البرلمان التخفيضات المقترحة بقيمة 1.9 مليار يورو والمقترحة في يوليو (تموز) من قبل المجلس الذي يمثل حكومات الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كذلك قرر البرلمان إعادة تضمين قيمة 200 مليون يورو من المساعدات المخصصة لفلسطين وعملية السلام في الشرق الأوسط والمقترحة في مشروع موازنة المفوضية الأوروبية وأضاف إليها مبلغ بقيمة 100 مليون يورو. وقد صدر قرار البرلمان الأوروبي بموافقة 492 عضوا واعتراض 123 آخرين وبالتزامن مع ذلك أعلنت المفوضية الأوروبية أن الإجراءات القانونية لتطبيق ضريبة على التحويلات المالية اكتملت عندما أبدت 10 دول أعضاء استعدادها لتطبيق الضريبة التي ستولد عائدات بقيمة 57 مليار يورو سنويا.

وقال المفوض الأوروبي المكلف بالضرائب الغيرداس سيميتا في بيان أن الدول الـ10 التي أبدت استعدادها لتنفيذ مشروع الضريبة من خلال تعزيز التعاون يمكنها أن تطبقه مضيفا أن الهدف من الضريبة هو رفع عائدات دول الاتحاد الأوروبي لا سيما في الأوقات الصعبة التي تمر بها. وأكد أن إقرار ضريبة موحدة على التحويلات المالية سيقلل من تقسيم وتجزئة السوق، الأمر الذي سيسهل على العاملين في جميع دول الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن مشروع القانون سيحول اليوم إلى مجلس الاتحاد الأوروبي ومن ثم إلى البرلمان الأوروبي لنيل موافقتهما قبل تطبيقه بشكل كامل.

من جهته، أوضح رئيس الوزراء الفرنسي: «تقدمت ألمانيا بعدد من المقترحات القوية للمدى البعيد»، مضيفا أن باريس تتفق أنه في ذلك الصدد «هناك نقص في التكامل الشامل»، خاصة في منطقة اليورو، وذلك في مقابلة أجرتها معه إذاعة «فرانس إنتر» الفرنسية. وشدد رئيس الوزراء الفرنسي على أنه «في المدى القريب يجب التركيز على تعزيز التنمية في أوروبا عبر استقرار اليورو وتنفيذ المراقبة المصرفية والاتحاد المصرفي وتدخل البنك المركزي الأوروبي في الجهود التي تبذلها الدول، خاصة في بلدان مثل إيطاليا وإسبانيا» اللتين تمران بأزمة اقتصادية كبيرة. وأبرز أن ذلك «هو الأهم في الوقت الراهن، فإذا تحقق ستعود الثقة وتزداد التنمية ويمكن أن نصل للمرحلة التالية بإرادة سياسية وأتطلع إلى رؤية ذلك».

وفي إطار استمرار التعبير عن رفض السياسات الأوروبية الاقتصادية وخاصة خطط التقشف، احتشد المئات أمام مقر البرلمان الإسباني احتجاجا على خطة الموازنة الجديدة لعام 2013، التي تتضمن استقطاعات لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد. ودعت إلى المظاهرة ما يعرف بتنسيقية (25 سبتمبر) الاحتجاجية لمحاصرة مقر مجلس النواب، مثلما جرى خلال الشهر الماضي ضد إجراءات التقشف، وأسفرت الاحتجاجات آنذاك عن إصابة واعتقال العشرات. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها «لا» وصور مقصات في إشارة إلى الاستقطاعات التي تجريها الحكومة اليمينية بزعامة ماريانو راخوي، وطالب المتظاهرون باستقالة نواب الحزب الشعبي الحاكم، والحزب الاشتراكي المعارض، الذي حكم إسبانيا خلال الثمانية أعوام الأخيرة. ويمر الاقتصاد الإسباني بمرحلة ركود في خضم أزمة منطقة اليورو، اضطرت البلاد على أثرها للحصول على قرض أوروبي بقيمة 100 مليار يورو، وسط توقعات بالحصول على حزمة مساعدات أخرى. كما هتف المحتجون: «الحكومة تسألنا الصبر، ونحن نرفض»، وطالبوا بـ«استقالة من وضعوا أنفسهم في خدمة الترويكا»، في إشارة إلى ما يصفونه بممارسة ضغوط خارجية على الاقتصاد الإسباني. يأتي ذلك فيما تمكنت إسبانيا من جمع نحو 4 مليارات يورو في مزاد لبيع سندات قصيرة الأجل والاستفادة من أسعار فائدة مرتفعة جدا وضعتها الحكومة الإسبانية. في الوقت نفسه يستمر البرلمان الإسباني في تنفيذ موازنة التقشف لعام 2013 رغم رفض الشارع لها. وزير الميزانية كرستوبال مونتورو يقول: «هذه الميزانية سوف تمكننا خلال السنة القادمة من تجاوز أي ركود اقتصادي في إسبانيا، السنة التي ستشهد المزيد من فرص العمل، توقفوا عن القول إن هذه الأشياء غير صحيحة، وإن هذه الميزانية ليست موجهة للجانب الاجتماعي، بل على العكس، هذه الميزانية مركزة على الجانب الاجتماعي، مقارنة بأي وقت مضى، في إسبانيا الديمقراطية». سوريا رودريغوز من الحزب الاشتراكي تقول: «أود أن أقول إن خطابه كان كذبة كبيرة، جملة من الأكاذيب، لخلق ميزانية غير حقيقية، وذلك لأن الاقتصاد الكلي يتم التلاعب به، هذا ليس صحيحا.، ولا أحد يؤمن بما قال». وانتشرت أعداد كبيرة من عناصر الشرطة في محيط البرلمان الإسباني لفرض السيطرة على المحتجين الذين يعتزمون محاصرة مبنى البرلمان، حسبما أفادت مصادر إسبانية وفي ملف اليونان ذكر تقرير إخباري أن الاتحاد الأوروبي سيمنح اليونان عامين إضافيين لتتمكن من الانتهاء من تطبيق الإصلاحات وبرامج التقشف، ليمدد بذلك المهلة الممنوحة لأثينا لخفض عجزها العام حتى 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي حتى عام 2016. وأشار التقرير الوارد في صحيفة «سوديوتشه زيتونج» الألمانية إلى هذه المهلة الإضافية ضمن بنود مسودة مذكرة تفاهم تتفاوض عليه اليونان مع الجهات الدائنة الدولية (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، وبموجب مسودة الاتفاق، ستتمكن اليونان من تأخير تطبيق الإصلاحات المنتظرة في سوقي العمل والطاقة، وإرجاء خصخصة الشركات الحكومية والممتلكات العقارية. وهكذا ستحصل حكومة رئيس الوزراء اليوناني، أنطونيس ساماراس، على الدفعة المقبلة من المساعدات البالغة قيمتها 32 مليار يورو من شركائها الأوروبيين، ولكن بشرط توصل الائتلاف الحكومي اليوناني لاتفاق بشأن حزمة إجراءات التقشف الجديدة. وكان وزير المالية الألماني فولفجانج شويبله قد أعرب عن استعداد برلين لمنح اليونان مزيدا من الوقت، كي تتمكن من تنفيذ خطة التقشف والإصلاحات.