احتجاز «مغامر» يزعم امتلاكه حصة في موقع «فيس بوك»

بتهم النصب والاحتيال

جانب من طرح أسهم «فيس بوك» الذي رافقته جعجعة إعلامية كبيرة (إ.ب.أ)
TT

في عام 2010 أقام رجل أعمال مغامر من نيويورك دعوى قضائية مدوية، يزعم فيها أنه كان قد أبرم اتفاقا مع مؤسس موقع «فيس بوك» مارك زوكربيرغ تخول له امتلاك حصة ضخمة في موقع التواصل الاجتماعي العملاق.

من جانبه أنكر زوكربيرغ الاتهام وأكد محاموه، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، أن رجل الأعمال المغامر، بول سيغليا، محترف في النصب والاحتيال. وفي يوم الجمعة انحازت السلطات الفيدرالية إلى زوكربيرغ، بالقبض على سيغليا واتهامه بتنفيذ مخطط تكلفته مليارات الدولارات للاحتيال على شركة «فيس بوك».

ويقول المدعون العموميون إن سيغليا (39 عاما) من ويلسفيل بولاية نيويورك قد أقام دعوى فيدرالية زائفة يدعي فيها أنه قد وعد بحصة نسبتها 50 في المائة في «فيس بوك» في عام 2003، ثم قام بتزييف وفبركة وتدمير أدلة بهدف تدعيم ادعاءاته.

وقال بريت بارارا، النائب العام في ولاية مانهاتن: «ادعاء سيغليا لا يمثل فقط محاولة احتيال ضخمة، بل أيضا محاولة لإفساد نظامنا القضائي من خلال اختلاق أدلة مزيفة». وأضاف: «إكساب عملية احتيال صورة دعوى قضائية لا يحصنك ضد المقاضاة».

من المتوقع أن يظهر سيغليا في المحكمة الفيدرالية في بافالو ظهيرة يوم الجمعة. ولم يرد محاميه، دين بولاند، بشكل فوري على مكالمة هاتفية تطلب تعليقه على الدعوى القضائية.

لقيت الادعاءات بعيدة الاحتمال التي تقدم بها سيغليا اهتماما ضخما بشكل جزئي لأنها أتت في الوقت نفسه الذي تم فيه إطلاق فيلم «الشبكة الاجتماعية»، ذلك الفيلم الحاصل على جائزة الأكاديمية والذي يروي قصة معركة زوكربيرغ القضائية مع رفاقه في الدراسة بجامعة هارفارد، التوأمين وينكلفوس، حول أصل موقع «فيس بوك». وسدد زوكربيرغ للتوأمين وينكلفوس 65 مليون دولار على الأقل لتسوية الدعوى القضائية.

منذ أن أقيمت الدعوى القضائية لأول مرة طرح محامو موقع «فيس بوك» تساؤلات حول مصداقية سيغليا. وفي عام 1997 أدين بتهمة امتلاك فطريات هلوسة. وفي عام 2010 اتهمه النائب العام لولاية نيويورك بالاحتيال على المستهلكين في شركة لتصنيع الخشب الحبيبي نشاطها متوقف في الوقت الراهن وكان يديرها مع زوجته.

إضافة إلى ذلك تثار تساؤلات الآن أيضا حول محامين مثلوا سيغليا وأبقوا قضيته حية على مدار عامين. في دعواه الأصلية، التي أقامها في عام 2010، كان بول أرجينتيري، الممارس الوحيد في شمال ولاية نيويورك. وأقيمت دعوى قضائية معدلة في أبريل (نيسان) 2011 من قبل روبرت براونلي من مكتب «دي إل إيه بايبر»، أكبر مكاتب المحاماة في العالم، إلى جانب دنيس فاكو، وهو نائب عام سابق لولاية نيويورك، الذي يعمل الآن في القطاع الخاص في «ليبيس ماتياس ويكلسر فريدمان» في بافالو.

وفي عام 2011، رفض براونلي من مكتب «دي إل إيه بايبر» طلبا مقدما من صحيفة «نيويورك تايمز» بتقديم المستندات الأصلية التي تدعم الدعاوى القضائية لموكله. قال براونلي: «سوف يأتي هذا في سياق عملية نظر الدعوى القضائية». وأضاف: «أي شخص يزعم أن هذه القضية تنطوي على خداع ومرفوعة من قبل شخص محترف في النصب والاحتيال سوف يندم على تلك الادعاءات». غير أن سجلات المحكمة تشير إلى أن مكتب محاماة آخر، يحمل اسم «كاسوويتز بينسون فريدمان آند توريس»، قد تم التعاقد معه من قبل سيغليا قبل أن يشارك كل من «دي إل إيه بايبر» و«ليبيس ماتياس». انسحب مكتب «كاسوويتز بينسون» من القضية وأخطر مكتبي «دي إل إيه بايبر» و«ليبيس ماتياس» بأنه قد توصل إلى قرار مفاده أن التعاقد المزعوم ليس أكثر من عملية احتيال. وفي ما بعد انسحب كل من براونلي وفاكو من القضية. ويذكر أنهما لم يقوما بالرد على اتصالات هاتفية ورسائل بريد إلكتروني تطلب تعليقهما على القضية.

تعود خطة سيغليا المزعومة إلى عام 2003، حينما كان زوكربيرغ طالبا في جامعة هارفارد. في ذلك الوقت كان سيغليا قد نشر إعلانا في قائمة كريغس يبحث فيه عن مبرمج لشركة إنترنت كان يحاول تدشينها. رد زوكربيرغ على الإعلان، ووافق سيغليا على أن يدفع له مبلغا قيمته 1000 دولار نظير عمله. وبعد عدة أشهر، في سكنه الداخلي بالجامعة، بدأ زوكربيرغ مشروعا يحمل اسم «فيس بوك».

لم يتلقَّ زوكربيرغ من سيغليا أي اتصال آخر حتى عام 2010، عندما تم إخطاره بدعوى قضائية يزعم فيها سيغليا أن له حقا في حصة ملكية كبيرة في موقع «فيس بوك».

وبموجب الدعوى القضائية يزعم أن زوكربيرغ كان قد وعده بالحصول على حصة ضخمة إما في «فيس بوك» وإما «بيدج بوك». وكان مرفقا بالأوراق القانونية عقد يضم مفردات تمنح سيغليا حصة في شركة زوكربيرغ الناشئة. كما تضمنت الدعوى القضائية أيضا رسائل بريد إلكتروني متبادلة بين سيغليا وزوكربيرغ أبرزت تعاونهما في أفكار تتعلق بشركة التواصل الاجتماعي.

ويشير مدعون فيدراليون إلى أن ادعاءات سيغليا عارية عن الصحة تماما. ومن جهتهم، قام محققون حكوميون بالبحث في محرك الأقراص الصلبة الخاص بسيغليا واكتشفوا التعاقد الأصلي، الذي لا يحمل أية إشارة إلى موقع «فيس بوك»، ولم تكن خوادم البريد الإلكتروني الخاصة بجامعة هارفارد تحمل أي تسجيل لرسائل البريد الإلكتروني المزعومة.

أثنى محامو «فيس بوك» في مكتب «غيسبون دان آند كراتشر» على وزارة العدل لإقامتها دعاوى جنائية، وفي بيان لهم أشاروا إلى أنه سوف يتابع الدعاوى المحتملة ضد المحامين الذين مثلوا سيغليا.

قال أورين سنايدر، وهو شريك في مكتب «غيبسون دان»: «استخدم سيغليا نظام المحكمة الفيدرالية في دعم احتياله وسوف يتعرض للمساءلة الآن عن مخططه الإجرامي». وأضاف: «وتعتزم شركة (فيس بوك) أيضا تحميل المسؤولية لجميع من عاونوا سيغليا في هذا الاحتيال الصارخ».