رئيس البنك الإسلامي: نمطر يوميا بطلبات استشارات عالمية حول الصيرفة الإسلامية

د. أحمد محمد علي يؤكد لـ «الشرق الأوسط» توجه البنك لإصدار صكوك بشكل سنوي

د. أحمد محمد علي («الشرق الأوسط»)
TT

كشف الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية عن أن البنك سيتجه لأن يكون زبونا دائما للأسواق المالية، حيث يتجه لإصدار صكوك بشكل سنوي، مشيرا إلى أن ما أصدره البنك من صكوك عامة أو خاصة بلغ مجموعه نحو 2 مليار دولار.

وبين الدكتور أحمد أن البنك يعمل على برامج في بعض المشاريع التي تم التوقيع عليها في تونس ومصر، إضافة إلى مشاريع أخرى هي قيد الإجراء في الوقت الحاضر، مبينا أن ليبيا طلبت مساعدة البنك في الصيرفة الإسلامية أو النظام المصرفي الإسلامي، بالإضافة إلى طلب للمساعدة في مشاريع محددة ومنها التواصل الحدودي مع الدول المجاورة.

وقال رئيس البنك الإسلامي في حواره مع «الشرق الأوسط» أن البنك سيعمل على تنظيم مؤتمر استثماري عالمي في لندن لصالح الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقالية، بالتعاون مع بريطانيا والبنك الأوروبي للتنمية، كما كشف عن وضع التجارة البينية بين الدول الإسلامية وأمور أخرى خلال الحوار:

* ما خطط البنك الاستراتيجية المقبلة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية والرؤية المستقبلية؟

- البنك ومنذ خمس سنوات وضع رؤية واستراتيجية الآفاق حتى عام 2020، الاستراتيجية شكلت من فريق من الدول الأعضاء برئاسة الرئيس الماليزي السابق مهاتير محمد ، وعلى الرغم من أن الاستراتيجية وضعت قبل الأزمة المالية العالمية في 2008، اتضح أنها في الطريق الصحيح، وهي قائمة على عدة عناصر، من ضمن العناصر الأساسية في الموضوع هو تطوير البنك، وأن يكون نشاطه على مبدأ المشاركة، وقد بدأ البنك فعلا في توجه جديد بطريقة العمل مع الدول الأعضاء، وعرف البرنامج أن التعاون مع الدول مبني على مبدأ الشراكة، ومن عناصر هذا التوجه أن حينما يوضع البرنامج الثلاثي مع الدول لمدة 3 سنوات أو 5 سنوات، لا ينبني فقط على ما سيقدمه البنك لتلك الدولة من تمويلات، خلال هذه الفترة فحسب، وإنما أيضا يشتمل على ما يمكن أن تقدمه الدولة نفسها للدول الأعضاء الأخرى، لأن البنك من تجربته فإن عملية التنمية عملية في الوقت الحالي أصبحت من التعقيد بحيث لا يمكن لمؤسسة منفردة أن تلبي احتياجات ومتطلبات واستحقاقات التنمية، فلا بد أن تكون هناك شراكة كاملة في جميع الفعاليات، سواء في داخل الدولة ذاتها أو خارجها، ومن هنا فإن سياسة البنك الجديدة قائمة على هذا المنطلق، وسيتم توقيع اتفاقيات تدريجيا تمت مع عدد من الدول وهذا العدد يتزايد على أن نغطي جميع الدول، وتوضع هذه الاستراتيجية مع كل دولة بحيث أنه إذا جاء ما سيقدمه البنك للدولة أيضا يشتمل على المشاركة من الدولة في وضع الاستراتيجية بتفصيلاتها، أيضا ما ستقدمه الدولة ذاتها للدول الأخرى، لأن البنك يضم 56 دولة، والنمو في هذه الدول يختلف اختلافا كبيرا جدا وهذا يجعل هناك إمكانات كبيرة جدا لكي تستفيد الدول الأعضاء من بعضها البعض، على سبيل المثال، عندما كنت في زيارة لنيجيريا، من ضمن المواضيع التي ذكرت، حاجة نيجيريا لبناء سدود صغيرة على كثير من الأنهار وإمكانية استخدامها لتوليد الطاقة الصغيرة للقرى والهجر، وقلنا لهم هناك تجربة ناجحة في إندونيسيا، وفعلا أرسل مختصون من نيجيريا من خلال فريق كامل، وذهبوا إلى إندونيسيا ليتعرفوا عن كيفية الاستفادة من خبرتهم، ومن ثم عادوا لتطبيق تلك الخبرة، وأتوقع أيضا توجه مختصين إلى إندونيسيا سيتوجهون إلى نيجيريا، للاستفادة من تجربة إندونيسيا في هذا المجال، فأذن استراتيجية البنك الإسلامي الجديدة هي قائمة على مبدأ الشراكة.

* مبدأ «الشراكة» هل ساعد البنك في أعماله خلال الفترة الحالية؟

على الرغم من أن استراتيجية البنك لآفاق 2020، عملت قبيل الأزمة المالية العالمية في 2008، إلا أن الأزمة أثبتت أهمية الاستراتيجية التي وضعها البنك الإسلامي للتنمية، وأنها كانت في الاتجاه السليم، وعند حدوث الأزمة، كانت أزمة مالية في البداية، كنا أقل تأثرا كمؤسسة إسلامية، بالنظر إلى أن الصيرفة الإسلامية قائمة على اقتصاد حقيقي، ولكن عند تحول الأزمة من أزمة مالية إلى أزمة اقتصادية، طبعا تأثر الجميع، وبالتالي فإن البنك الإسلامي تأثر بتأثر الدول الأعضاء، وكنتيجة للازمة أن البنك تقريبا ضاعف من نسبة نموه السنوي خلال 3 سنوات التي تلت الأزمة، وأتذكر عندما قدمت موازنة البنك لمجلس المدراء التنفيذيين بنسبة نمو بلغت 15 في المائة، المجلس رفض، وقالوا نحن عدد كثير من الدول الأعضاء يواجه أزمة مالية، ولا بد من مضاعفة نسبة النمو من 15 إلى 30 في المائة، وفعلا كانت نسبة نمو البنك نحو 30 في المائة، ورغم الأزمة كانت محنة لكن نحن أصبحت لنا منحة لزيادة أعمال البنك ونشاطه، في الوقت الذي صادف رفع رأسمال البنك بالنسبة لمؤتمر أعمال القمة الإسلامية الذي عقد في 2005 في مكة المكرمة كانت من قراراتها رفع رأسمال البنك، هذه الظروف أدت إلى زيادة أعمال البنك، وبالنسبة للازمة كانت آثارها بالنسبة للبنك إيجابية من هذه الناحية، وهذا هو تأثير الأزمة بالنسبة للبنك.

* ما أبرز الدول التي تتم معها مفاوضات لطلب دعم للفترة المقبلة؟

البنك يعمل مبدئيا في أغلب الدول الأعضاء، حيث إن البنك يسعى للوجود في جميع الدول الأعضاء، حتى دول مجلس التعاون الخليجي التي لا تحتاج لتمويل، لكن البنك يسعى إلى الوجود بشكل من الأشكال، طبعا الدول التي مرت بأزمة في العالم العربي، كتونس وليبيا ومصر، التي زرتها مؤخرا، لدينا برامج في بعض المشاريع التي تم التوقيع عليها بالنسبة لتونس ومصر، وبعض المشاريع هي قيد الإجراء في الوقت الحاضر، وبالنسبة ليبيا كان هناك تركيز على طلب مساعدة البنك في الصيرفة الإسلامي أو النظام المصرفي الإسلامي، بالإضافة إلى طلب للمساعدة في مشاريع محددة، ومن أهم النقاط بالنسبة لليبيا هو التواصل الحدودي، حيث هناك برنامج لتطوير مركز الحدود بين تونس وليبيا لتسهيل تنقل البضائع والناس، وهذا بالتعاون مع تركيا لتسهيل التجارة البينية بين تونس وليبيا على أن يكون هذا المركز متطورا ونموذجيا، من أجل تسهيل التجارة ليس فقط للمغرب العربي، بل يمكن أن يطبق في مناطق أخرى لأنه في طلب بالنسبة لمثل هذا النشاط لدول آسيا الوسطى وعدد من الدول الأفريقية، حتى في الحدود الثانية ما بين تونس والجزائر ومستقبلا أتمنى أن يكون بين الجزائر والمغرب، بالإضافة إلى مشروع الطريق الذي يربط الجزائر بالمغرب، كان هناك طريق في السابق ولأسباب سياسة لم يكن هناك اهتمام، والحكومة المغربية طلبت من البنك الإسلامي أن يساعد في إنجاز هذا الطريق على أساس أنه في حال تحسن الأوضاع يتم وصله بالنسبة للجزائر وتسهيل التنقل والتبادل بين الجزائر والمغرب كما نتمنى.

* تم إسناد مهمة أمانة مبادرة دوفيل للبنك الإسلامي.. هل تحدثنا عن هذه المهمة؟

هذه المبادرة جاءت من قبل مجموعة الثمانية بمساعدة الدول العربية التي تمر بمراحل انتقالية وهي تونس وليبيا ومصر ويضاف إليها الأردن والمغرب وتم إضافة اليمن أيضا، ودول مجموعة الثمانية أرادت أن تشارك المؤسسات الإنمائية الدولية في هذه المبادرة، وهي تتمثل في البنك الدولي ومؤسسات العربية والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الإسلامي وأوبك، جميع مؤسسات التنسيق العربية، ومن أجل التعاون ما بين الدول مجموعة الثمانية وبين الدول المانحة في المنطقة التي هي السعودية والإمارات وقطر طلبوا تكوين أمانة أو سكرتارية لكي تنسق هذا التعاون بين مؤسسات تمويل هذه الدول المختارة مع مجموعات الثمانية، وأنشأت هذه المبادرة العام الماضي وتولى البنك الأفريقي لمدة عام، انتهت في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، وطلب من البنك الإسلامي أن يتولى أمانة هذه المبادرة، ونسعى أن نُفعل هذه المبادرة ونُفعل التعاون بين الدول الإقليمية المانحة وبين مؤسسات التمويل الأعضاء في هذه المبادرة، وكما سمعت أن وزير خارجية بريطانيا قال مؤخرا في اجتماع لمجموعة الثمان في الأمم المتحدة، أن بريطانيا ستسعى العام المقبل إلى تنظيم مؤتمر استثماري عالمي في لندن لصالح الدول العربية التي تمر بمرحلة انتقالية، وأن يتم ذلك بالتعاون بين بريطانيا والبنك الإسلامي للتنمية والبنك الأوروبي للتنمية، ورحبت أنا خلال الاجتماعات السنوية المشتركة في طوكيو مؤخرا، وأننا مستعدون لتنظيم مثل هذا المؤتمر ربما يكون في الربيع المقبل على أن تتبعه مؤتمرات أخرى في المنطقة، لأنه الأهم أن يكون القصد هو التنمية والتطوير وخلق الوظائف وتشجيع الاستثمار، فالأفضل أن تعقد المؤتمرات في المنطقة نفسها.

* وقعتم اتفاقية مع البنك الدولي مؤخرا هل لنا بفكرة عن المذكرة؟

إن الصيرفة والمؤسسات الإسلامية أبدت مقدرة أكثر من المصارف الأخرى في مواجهة تداعيات الأزمة، الأمر الذي ولد اهتماما من مختلف الجهات، حيث وقع البنك الإسلامي اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، وتوقيع مذكرة التفاهم بين البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية تهدف إلى إقامة شراكة استراتيجية بين المؤسستين في مجال التمويل الإسلامي لدعم النمو الشامل، بما في ذلك زيادة فرص الحصول على التمويل للفقراء، والاستقرار المالي في بلداننا الأعضاء المتبادلة، نحن نتوقع القيام بذلك عن طريق توسيع قاعدة المعرفة وكذلك من خلال قدرتنا على دعم الجهود التي تبذلها البلدان الأعضاء في منظمتنا لبناء المؤسسات وتطوير أدوات مرنة لتحقيق الاندماج المالي والتنمية المستديمة.

* هل زاد الطلب على تقديم المشاورة والدعم فيما يتعلق بالصيرفة الإسلامية؟

نحن يوميا نمطر بالطلبات والاستفسارات من مختلف أنحاء العالم، الجميع لاحظ النمو الكبير للصيرفة الإسلامية، في الوقت الذي يقدر فيه النمو بنحو 15 في المائة، وحين تنظر إلى بلد كإندونيسيا وفقا لتقرير البنك المركزي هناك، فقد ورد أن نمو النشاط المصرفي الإسلامي في العام الماضي سجل 30 إلى 35 في المائة، كما أن بنك المعاملات في إندونيسيا والذي يساهم فيه البنك الإسلامي مساهمة كبيرة، أشار مدير البنك لي أن العام الماضي سجل النمو لديهم 40 في المائة، وهذا أوجد اهتماما من جميع أنحاء العالم بالصيرفة الإسلامية.

* كم تتوقع نمو البنك خلال العام الحالي؟

باعتبار الطفرة التي شهدها البنك خلال الفترة الماضية بسبب الأزمة المالية العالمية، وارتفع فيها النمو من 15 إلى 30 في المائة، وكانت طفرة كبيرة جدا، وهذه الطفرة لا يمكن أن تستمر بنفس المعدلات، وباعتبار السقف الكبير الذي وصلنه له، نتوقع أن يسجل النمو ما بين 10 إلى 15 في المائة.

* هل تعتزمون إصدار صكوك خلال الفترة المقبلة؟

في السابق لم نكن نتجه إلى السوق سنويا، ولكن من الآن سنستمر وسنكون زبائن للأسواق المالية ونصدر صكوكا بشكل سنوي، نحن أصدرنا صكوكا قبل شهرين وسنسعى لإصدار صكوك خاصة بشكل سنوي، أما الصكوك العامة سنصدرها خلال العام المقبل، ويصل مجموع الصكوك العامة والخاصة التي استقطبها البنك نحو 2 مليار دولار.

* الاجتماعات الأخيرة للبنك وصندوق النقد الدوليين لم تشهد قرارات حاسمة، كيف ترى نتائج هذه الاجتماعات؟

الاجتماعات تعتمد على اللقاءات والندوات في مواضيع تبحث للتشاور والمعرفة وتبادل الآراء، والاجتماعات الرسمية هي اجتماعات روتينية، الاجتماعات التشاورية هي المهمة للوصول إلى ما يتطلع إليه القطاع المصرفي والإنمائي العالمي.

* ذكرت في وقت سابق على برنامج التنمية الغذائية للدول الأعضاء، ما هي التحديات التي تواجه البنك في هذا الجانب وخاصة في برنامج الإفادة من الأضاحي؟

كما تعلم البنك الإسلامي للتنمية تشرف بأن أسندت له حكومة المملكة العربية السعودية إدارة هذا المشروع، للإفادة من الأضاحي، والهدف الأساسي هو تيسير أداء النسك على حجاج البيت الحرام، وفي إطار هذا المشروع، حيث إن المشروع يوظف نحو 800 طبيب بيطري ونحو 400 من رجال العلم من أجل الكشف على جميع الأنعام التي تعرض في مجازر المشروع للتأكد من الضوابط الشرعية، وكذلك الشروط الصحية، وهذه أهم خدمة يؤديها المشروع للحاج، وهو توفير الأنعام المستوفية لجميع الشروط الشرعية والصحية، بتوظيفها للعدد الكبير من الأطباء والعلماء الشرعيين، والأمر الثاني هو إيصال هذه اللحوم للمستحقين سواء على حجاج بيت الله الحرام في أيام عيد الأضحى وعلى فقراء الحرم وعلى الجمعيات الخيرية إضافة إلى النقل إلى 27 دولة خارج المملكة، إضافة إلى المحافظة على البيئة، حيث تم تنظيم الذبح بعدما كان عشوائيا في السابق، والحمد الله تطور المشروع من عام 1983 حيث تمت الاستفادة من 63 ألف رأس، في حين تمت الاستفادة من مليون رأس خلال 80 ساعة في العام الماضي، نحن نعمل سنويا نعلن في شهر محرم عن مناقصة من رجال الأعمال العاملين في قطاع الأنعام، وبالتالي نسعى لتوفر أفضل الأسعار للحجاج، ومؤخرا وفرنا خدمة الحصول على قسائم الأضاحي عن طريق الإنترنت، حيث يستطيع المضحي في أي مكان في العالم من الحصول على تلك القسائم من الإنترنت.

* كيف ترى التجارة البينية بين الدول الإسلامية باعتباركم أحد منشآت هذا التضامن؟

نسعى في البنك الإسلامي للتنمية إلى زيادة التعاون بين الدول الأعضاء، وذلك باعتبار البنك مؤسسة لخدمة التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية، وكنت قد حضرت اجتماع «كومسك» وهي لجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري للدول الإسلامية وسعدت بهذه الاجتماع حيث قدمت استراتيجية جديدة لـ«كومسك» حيث إنها من أنشط اللجان الدائمة برئاسة رئيس تركيا لتعزيز العمل والتعاون بين الدول الأعضاء في المجال التجاري والاقتصادي، حيث إن هذا نشاط مهم جدا وتشكر عليه تركيا وأنا واثق أن الاستراتيجية الجديدة سيكون لها دور في تفعيل التعاون التجاري بين الدول الإسلامية وتحقيق الهدف الذي وضعته قمة مكة المكرمة الاستثنائية الثالثة في عام 2005، حيث شهدت قرار رفع التجارة البينية بين الدول من مستواه في ذلك الوقت من 14.4 في المائة إلى 20 في المائة بحلول عام 2015، نرجو أن يتم ذلك قبل هذا الموعد، حيث تقدر التجارة في هذا العام بنحو 17.7 في المائة ونحن نأمل في تحقيق هذا الهدف.