«باركليز»: الأثرياء في الشرق الأوسط يتطلعون إلى النكسات الاقتصادية كمحفز للمثابرة والاستمرار

90% من أصحاب الثروات في المنطقة لا يؤمنون بأن «رأس المال جبان»

TT

لا يبدو أن الإحجام عن المخاطر سمة سائدة لدى أصحاب الثروات على الأقل في السعودية، وبحسب أحدث تقديرات فإن 74 في المائة من أصحاب الثروات هناك يؤيدون الاستمرار في مشاريع الأعمال التي تواجه الفشل بدلا من اللجوء إلى الحد من الخسائر، وهو ما يعادل النصف تقريبا، في حين أن النظرية التي تقول إن رأس المال جبان تصبح لاغية بحسب ذات الأرقام التي تشير إلى أن القطريين يمثلون النسبة الأعلى في العالم، فنسبة 73 في المائة منهم يؤمنون بالتعلم من تجربة فشل الأعمال في الماضي، و85 في المائة يؤكدون تمكنهم من تخطي هذه التجربة بسرعة.

وأفاد أحدث التقارير الصادرة عن بنك «باركليز» ضمن سلسلة تقارير «ويلث آنسايتس» (Wealth Insights) بأن 91 في المائة من أصحاب الثروات في منطقة الشرق الأوسط يتفقون على أن الفشل هو عامل إيجابي وأساسي لتحقيق النمو الاقتصادي، مقارنة بآراء 74 في المائة من أصحاب الثروات على مستوى العالم، وفي مقارنة مع الاقتصادات الغربية، فأصحاب الثروات في منطقة الشرق الأوسط ينظرون إلى النكسات الاقتصادية بإيجابية ويظهرون مثابرة عالية ويتطلعون بشكل أفضل إلى الفوائد الناجمة عن هذه النكسات.

كما ينتشر اعتقاد لدى الأغلبية الساحقة من أصحاب الثروات في منطقة الشرق الأوسط (91 في المائة) وآسيا (80 في المائة) بأن الفشل هو إيجابي وضروري لتحقيق النمو لاقتصادي، في حين تنخفض هذه الأرقام إلى 71 في المائة و69 في المائة في الولايات المتحدة وأوروبا. وإضافة إلى ذلك، ينظر أصحاب الثروات في آسيا وأميركا الوسطى والجنوبية بإيجابية إلى الفرص التي نتجت عن الأزمة المالية العالمية الأخيرة (53 في المائة و60 في المائة) مقارنة مع الولايات المتحدة وأوروبا (44 في المائة و42 في المائة).

ويقدم التقرير بعنوان «إذا لم تحقق النجاح في البداية.. اتبع المواقف العالمية من التحديات العاثرة» والذي شمل استطلاعات آراء لأكثر من 2000 فرد من أصحاب الثروات من كبار رجال الأعمال والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم. ويقدم التقرير دراسة عميقة حول مختلف الطرق التي يتبعها أصحاب الثروات في جميع أنحاء العالم حول تطلعاتهم واستجابتهم للنكسات الاقتصادية. ويكشف التقرير أيضا عن كيفية تقييم مختلف الثقافات والصفات المتعلقة بالمثابرة والتفاؤل والدور الذي يلعبه الحظ ونظرة رجال الأعمال إلى النكسات كنقطة انطلاق لتحقيق النجاح في المستقبل. ويشير التقرير إلى أن أكبر نسبة من أصحاب الثروات في منطقة الشرق الأوسط (81 في المائة) تعتقد أن فشل المساعي السابقة في مجال تنظيم المشاريع يزيد من فرص نجاح المشاريع الجديدة. ويترسخ هذا الموقف من الفشل عندما سئل المشاركون في الاستطلاع في منطقة الشرق الأوسط عما إذا كانوا يرغبون في تعيين شخص خاض تجربة فشل في مشاريع الأعمال. وبلغت نسبة الذين أكدوا هذا الخيار من المملكة العربية السعودية (89 في المائة) وقطر (86 في المائة) و61 في المائة من الإمارات العربية المتحدة. وفي أماكن أخرى من العالم أعرب، فقط 42 في المائة و47 في المائة من أصحاب الثروات في المملكة المتحدة واليابان رغبتهم في تعيين شخص شهد تجربة مؤسسة فاشلة وينخفض هذا الرقم إلى 25 في المائة في موناكو.

ويكشف التقرير عن أن 74 في المائة من أصحاب الثروات السعوديين هم من أصحاب الرأي الذي يقول إن رجال الأعمال يجب أن يستمروا حتى لو كانت أعمالهم في تخبط بدلا من اللجوء إلى الحد من الخسائر. ففي منطقة الشرق الأوسط، هناك 36 في المائة من القطريين الذين يؤمنون بتخفيض خسائرهم في حال كان أداء الأعمال غير مستقر. ومع ذلك، يبين التقرير أن الأغلبية الساحقة 100 في المائة يعتقدون أن الفشل في الماضي سيزيد من فرص النجاح لمستقبل رواد الأعمال.

ويكشف التقرير عن أن أصحاب الثروات يعتقدون أن النجاح يعتمد بشكل كبير على المهارات والذكاء والجهد والعمل الشاق. وكمعدل وسطي، يشير التقرير إلى أن أكثر من ثلث المشاركين في الاستطلاع يعزون النجاح إلى تلك العوامل (35 في المائة لكل منها). ومن ناحية أخرى، ينظر إلى الفرص (16 في المائة) والعلاقات (15 في المائة) على أنها عوامل أقل أهمية. وفي منطقة الشرق الأوسط، تأتي الإمارات العربية المتحدة في مرتبة أعلى فيما يتعلق بالاعتقاد في أهمية المهارات والذكاء والجهد والعمل الشاق، بنسبة 35 في المائة و36 في المائة على التوالي. وفي قطر، يرجح 34 في المائة من أصحاب الثروات إلى أن النجاح يرجع للصدفة وهو أعلى من جميع البلدان التي شملها الاستطلاع.

ويقول غريع ديفيز، رئيس قسم السلوكيات المالية لدى بنك باركليز: «إن الاعتقاد القوي في المهارات بدلا من الحظ يمكن أن يعطي ثقة عالية في اتخاذ القرارات في المستقبل. ويمكن لهذه العقلية أن تكون خطرة على أمن الأعمال أو المستثمرين على المدى الطويل، حيث تنتهي في اتخاذ المزيد من المخاطر على افتراض أن سبب نجاحك يكمن في قرارك الجيد».

ويكشف التقرير عن تباين في عدد الأشخاص الذين يرون أنفسهم على أنهم رواد أعمال في الاقتصادات الغربية مقابل الشرقية. ووفقا للبحث، ينظر فقط 29 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع في الولايات المتحدة و30 في المائة في أوروبا إلى أنفسهم كرواد أعمال، مقابل 47 في المائة في آسيا و50 في المائة في الشرق الأوسط و55 في المائة في أميركا الوسطى والجنوبية. وبالإضافة إلى ذلك، يقول 56 في المائة من رواد الأعمال في كافة أنحاء العالم بأنهم تعلموا الكثير من الفشل، مقارنة مع 41 في المائة من غير رواد أعمال.

ويقول روري غيلبرت، المدير الإداري ورئيس إدارة الثروات والاستثمار لدى بنك باركليز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «تقليديا، تعتبر أوروبا وأميركا الشمالية على نطاق واسع مركزين رئيسيين لريادة الأعمال، ولكن هذه النتائج تدعم الاعتقاد السائد أن هناك تحولا عالميا في مجال الأعمال مع الخوف من تراجع مجد هذه الاقتصاديات إلى الوراء. لقد أظهرت الحكومات في جميع أنحاء العالم أهمية الدور الحاسم الذي سيلعبه رجال الأعمال في الاقتصاد العالمي من خلال فهم نفسيتهم وثقافتهم في المثابرة وكيف أن هذا يختلف بين المناطق والذي سيكون أمرا حاسما في جعل هذه الفرصة حقيقة واقعة».

ويكشف التقرير عن بعض النتائج المهمة المتعلقة بعقلية الأفراد في مناطق مختلفة. ففي الشرق الأوسط يوافق 83 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع على أن أي شخص يعمل بجهد كاف يمكن أن يصبح رجل أعمال ناجحا. أما في الولايات المتحدة وأوروبا تبلغ النسبة 49 في المائة و44 في المائة فقط.

ويشير بول أورميرود، الخبير الاقتصادي ومؤلف كتاب «لماذا معظم الأشياء تفشل.. وكيفية تجنب ذلك»، إلى أن النكسات لا مفر منها والنجاح على المدى الطويل يعتمد على وجود سياسات واضحة تخفف من المخاطر. وفي هذا الإطار يعلق بول قائلا «إن النهج المعتاد هو محاولة للتنبؤ بالمشكلات المحتملة ووضع الخطط اللازمة لمنع حدوثها. ولكن لا يمكنك تجنب الفشل. فلن تقدر على حل هذه المشكلة الأساسية، مهما كنت ذكيا كونها مرتبطة بكافة الأنظمة الناشئة مثل النظم الاجتماعية والاقتصادية. لذلك نركز على قوة المثابرة التي تشهد إقبالا واسعا في الشرق. والسؤال المطروح هنا هو ما يتعين على الغرب أن يفعل لمواجهة هذا التحول المحتمل، وما هي الآثار المترتبة على المدى الطويل».