كثرة المنافسين تضيق هامش سيطرة «أبل» على الأسواق

رغم أن الـ«آي فون» والـ«آي باد» اللذين تنتجهما الشركة لا يزالان يحافظان على بريقهما

TT

عادة ما يكون الخريف هو الفصل الذي يبدأ فيه الناس في الإقبال على منتجات شركة «أبل»، وهو أيضا الفصل الذي يفعل فيه المستثمرون الشيء نفسه مع أسهم الشركة، ارتقابا لموسم إجازات آخر يشهد انتعاشا في المبيعات. لكن هذا العام، رغم أنه لا يبدو أن أجهزة الـ«آي فون» والـ«آي باد» التي تنتجها شركة «أبل» قد فقدت أي شيء من بريقها وجاذبيتها بالنسبة لهواة التسوق في موسم الإجازات على الرغم من حالة عدم اليقين التي سادت بين المستثمرين بشأن التأثير المحتمل لنتيجة الانتخابات الرئاسية على الضرائب والطلب الاستهلاكي على نوعيات المنتجات التي تبيعها شركة «أبل».

وبحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، أشار محللون إلى أن الرئيس أوباما اقترح أثناء حملته الانتخابية رفع معدلات الضرائب المفروضة على الأرباح الرأسمالية بالنسبة لمن يتجاوز دخلهم 250 ألف دولار لتصل إلى 20 في المائة، مقابل المعدل الحالي البالغ 15 في المائة، وربما تكون إعادة انتخابه ليلة الثلاثاء الماضي قد دفعت بعض المستثمرين إلى التخلي عن الأسهم تحسبا لعملية بيع أسهم أوسع نطاقا تسبق زيادة محتملة في الضرائب. وربما يكون لدى مالكي أسهم «أبل» سبب وجيه للخوف من زيادة الضرائب على الأرباح الرأسمالية، حيث ارتفعت قيمة أسهم «أبل» بشدة منذ عام 2005 حين كان سعرها يتراوح حول 35 دولارا للسهم، لكنها استهلت العام الحالي عند سعر 411 دولارا، ثم وصلت إلى القمة بسعر يتجاوز 700 دولار في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. لكن أسهمها هبطت بأكثر من 20 في المائة عن تلك القمة بعدها.

وقد تلت هذا التراجع سلسلة من الأحداث التي تبدو غير ذات صلة بالموضوع، ومن بينها تنفيذ عملية تجديد شاملة في خط إنتاج شركة «أبل» يتوقع أن تؤثر على هوامش الأرباح على المدى القصير، وكذلك إجراء إعادة هيكلة نادرة الحدوث في صفوف الإدارة العليا بالشركة. ويعلق غين مونستر، المحلل بشركة «بايبر جافراي» على ذلك قائلا «إنها مجرد موجة بعد موجة من الأنباء السيئة». كما أن هذه الأحداث لا تسهم بدور يذكر في التخفيف من التساؤلات التي تعكس المخاوف الأبعد مدى التي يمطر بها المستثمرون المحللين من أمثال مونستر، مثل: إلى أي مدى يمكن لشركة «أبل» أن تكون أكبر من ذلك (بقيمة سوقية تبلغ 525 مليار دولار، وهي الأعلى بالنسبة لأي مؤسسة من المؤسسات)؟ وألن ينفد قريبا الناس الذين تبيع شركة «أبل» أجهزة الـ«آي فون» والـ«آي باد» و«ماكنتوش» إليهم؟

وقد كانت تلك المخاوف من أكبر الأسباب التي جعلت أسهم «أبل» تباع لوقت طويل بخصم، رغم ما قد يبدو في ذلك من غرابة، عن الشركات الزميلة لها في قطاع التكنولوجيا، كما انخفضت نسبة سعر السهم إلى الأرباح — وهي قيمة سهم الشركة مقسوما على أرباحها المتوقعة لكل سهم خلال العام القادم — بالنسبة للعقود المستقبلية لشركة «أبل» إلى ما دون مستوى 10، مقابل 14 لشركة «غوغل» و32 لشركة «فيس بوك» و131 لشركة «أمازون». وأشار ستيف داولينغ المتحدث باسم شركة «أبل» إلى أن الشركة بشكل عام لم تعلق على سعر أسهمها، إلا أن مسؤولي الشركة يؤكدون أنهم ما زالوا يرون فرصا هائلة أمام الشركة، وأنها ما زالت تنمو بسرعة كبيرة بالنسبة لشركة في مثل حجمها.

وخلال العام المالي الأخير للشركة المنتهي في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قفزت الإيرادات بنسبة 45 في المائة لتصل إلى 156,51 مليار دولار، كما ارتفعت الأرباح بنسبة 61 في المائة لتصل إلى 41,73 مليار دولار.

ورغم أن أحدث تقرير مالي تصدره الشركة كان متوافقا إلى حد بعيد مع توقعات وول ستريت، فإن الشركة حذرت من أن هامش أرباحها سوف يتراجع على الأرجح خلال موسم الإجازات بسبب إجراء عملية تجديد شاملة لخطوط إنتاج «الآي باد» و«الآي ماك» وكمبيوتر «ماك بوك» المحمول.

وغالبا ما ترتفع تكلفة تصنيع منتجات «أبل» خلال الأشهر الأولى لها في السوق، إلا أن تلك التكاليف تنخفض مع ارتفاع كفاءة عملية الإنتاج وزيادة الكميات.

وقد أعلنت الشركة أن جهاز «آي باد ميني» الجديد الذي تنتجه سوف يكون من بين تلك المنتجات التي تحقق هوامش أرباح متدنية، مما يثير مخاوف من أن تحقق الشركة أرباحا أقل في ظل منافستها في القطاعات ذات الأسعار المنخفضة من سوق الهواتف المحمولة.

وقد جاء تقرير شركة «أبل» المالي المثير للقلق هذا قبل أيام بسيطة من الإعلان عن رحيل سكوت فورستول رئيس قسم تطوير برمجيات الهواتف المحمولة بالشركة، في خطوة قالت الشركة إنها ترمي إلى زيادة التعاون بين الأقسام داخل الشركة، وتم تقسيم مسؤوليات فورستول، الذي كان شخصية مثيرة للخلافات داخل الشركة، على مجموعة من المسؤولين الآخرين بها. وتعتبر هذه الإقالة المفاجئة لفورستول أمرا غير مألوف بالنسبة لشركة «أبل»، التي يعتبر تغيير الوجوه داخل صفوف إدارتها العليا أمرا نادرا مقارنة بغيرها من الشركات التكنولوجية الكبرى.

ثم في أواخر الأسبوع الماضي، ذكرت شركة «آي دي سي» للأبحاث أن 75 في المائة من الهواتف الذكية التي تم شحنها في الربع الثالث من العام كانت هواتف «أندرويد»، وهي المنافس الرئيسي لشركة «أبل» في مجال برمجيات الهواتف المحمولة. وقبل عام كانت شركة «غوغل»، صانعة برمجيات «أندرويد»، تمتلك حصة سوقية تبلغ 57.5 في المائة، بينما ارتفعت حصة الـ«آي فون» بمعدل أبطأ كثيرا، لتقفز إلى 14.9 في المائة من الشحنات، بعد أن كانت 13.8 في المائة بحسب تقديرات شركة «آي دي سي». غير أن شركة «أبل» ما زالت تحقق أرباحا ضخمة من سوق الهواتف المحمولة، أكبر بكثير مما تحققه شركة «غوغل»، وحتى مع التراجع الأخير لأسهم «أبل»، فهي ما زالت تسجل ارتفاعا بنسبة 38 في المائة خلال العام الحالي.

ويقول ديفيد رولف، الرئيس الاستثماري في شركة «ويدج وود بارتنرز» التي تعتبر شركة «أبل» أكبر حصة مساهمة لها، إنه يظل على ثقة من أن شركة «أبل» هي من أفضل الاستثمارات الموجودة، مؤكدا «المتشائمون يرون أن شركة (أبل) في الشوط الثامن، لكننا نرى أنها ما زالت في الشوط الرابع أو الخامس».