أمين عام الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات: الغاز الطبيعي يقلل اعتماد دول الخليج على عائدات النفط

قال لـ«الشرق الأوسط»: توجد بوادر لتراجع الطلب على البتروكيماويات الخليجية

عبد الوهاب السعدون
TT

ما الذي يمكن قطاع البتروكيماويات الخليجي من تحقيق وتعزيز تنافسيته؟ السؤال يطرح نفسه ولا بد للإجابة عليه من البحث في الميزات التنافسية التي يقدمها الغاز الطبيعي لمنتجي البتروكيماويات الخليجيين من حيث التكلفة والوفرة، وعلى الرغم من وضوحها، فوفرة الغاز الطبيعي المصاحب لإنتاج النفط الخام، شكلت أساسا راسخا لإطلاق المشاريع البتروكيماوية المجدية اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا كون تحويل الغاز إلى منتجات ذات قيمة عالية أسهم أيضا في الحد من التلوث الناتج عن احتراق الغاز المصاحب، و يعتبر عبد الوهاب السعدون، أمين عام الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) أن الغاز الطبيعي يشكل الدعامة الرئيسية لإنتاج الأسمدة وغيرها من المنتجات السلعية، ويشكل حجر الزاوية في استراتيجية تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل اعتماد دول الخليج على عائدات النفط المتذبذبة.

وقال السعدون لـ«الشرق الأوسط» نظرا لكونه أقل تلوثا من النفط، ومصدرا ملائما للطاقة التي تغذي الصناعة المحلية، ونظرا لكون دول الخليج تمتلك نسبة 20 في المائة من احتياطي الغاز العالمي المكتشف، ليس من المستغرب أن تتمكن الشركات الخليجية، مثل «سابك» و«تصنيع» و«إيكويت» و«بروج»، من تبوأ مكانة مرموقة في قطاع البتروكيماويات العالمي خلال فترة زمنية وجيزة نسبيا.

ويرى السعدون أن انخفاض التكلفة قد يبدو ضمانة فعلية للقدرة التنافسية لمنتجي البتروكيماويات في منطقة الخليج، إلا أن التغيرات التي يعيشها الاقتصاد العالمي تتحدى جميع الافتراضات المسبقة؛ فاكتشاف الغاز الصخري في أميركا الشمالية يمنح منتجي البتروكيماويات هناك مزيدا من الزخم، بينما تلوح في الأفق بوادر لتراجع الطلب على الصادرات الخليجية مع تعثر الاقتصاد الصيني وتباطؤ النمو في السوق الأوروبية تحت وطأة الأزمة المالية الحالية.

ويتوافد المئات من المسؤولين التنفيذيين الذين يمثلون قطاع البتروكيماويات في الأسواق الخليجية والدولية إلى دبي للمشاركة في فعاليات منتدى «جيبكا» السنوي السابع وتشكل المحافظة على القدرة التنافسية محط الاهتمام الأول للمشاركين بفعاليات هذا الملتقى السنوي رفيع المستوى.

ويعتبر السعدون أن تضخم الأجور وارتفاع تكاليف المواد الأولية المرافقين لبدء خروج الاقتصاد العالمي من حالة الركود في القطاع يتركان أثرا عرضيا على النتائج المالية لقطاع البتروكيماويات الخليجي أما الواقع المقلق والمتناقض فيكمن في امتلاك المنطقة لمخزون يعادل 1.496.2 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وفقا للتقرير الإحصائي لقطاع الطاقة العالمي الصادر مؤخرا عن «بريتيش بتروليوم»، بينما يبدو أن الكميات المتاحة منه لصناعة البتروكيماويات آخذة في التراجع.

ويرجع السعدون ذلك إلى أن ذلك يعود إلى تزايد المنافسة بين قطاع البتروكيماويات والقطاعات الاقتصادية الأخرى على موارد الغاز الطبيعي، يشهد الطلب عليها في منطقة الخليج ضغوطا متزايدة بشكل مضطرد مع نمو أعداد السكان وذلك لاستخدامها في توليد الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر. وتأتي القيود المفروضة على الأسعار، من ناحية أخرى، لتحبط القدرة على زيادة الإنتاج من المخزون المتوفر، وأوضح دليل على ذلك يتمثل في امتلاك دول الخليج لخمس الاحتياطيات المثبتة من الغاز عالميا، في حين لا يتجاوز حجم إنتاجها 11 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي للغاز.

معتبرا أن أحدث الأرقام الخاصة بمعدلات الاستهلاك الخليجي خير شاهد على الطلب القوي على إمدادات الغاز الطبيعي في دول الخليج، موضحا: «حين شهدت معدلات الاستهلاك العالمي استقرارا خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، تجاوز نمو الاستهلاك السنوي في المملكة السعودية نسبة 13 في المائة، لتسجل بذلك أعلى زيادة سنوية بعد الصين.. وفي حين سجل منتجو البتروكيماويات الخليجيون زيادة بنسبة 13.5 في المائة في القدرة الإنتاجية بين عامي 2010 و2011 وبزيادة نسبتها 29 في المائة في عوائد المبيعات، قد يتأثر هذا النمو اللافت سلبا في حال ترافق انخفاض حجم إنتاج الغاز محليا مع زيادة في حجم الإمدادات المتاحة في الخارج.

ويعتبر السعدون أن منتدى «جيبكا» السنوي يعيد إلى أذهان صناع السياسات الأهمية الكبرى التي يتمتع بها قطاع البتروكيماويات الخليجي كأكثر القطاعات كفاءة في استهلاك الغاز، وتوفيرا لفرص العمل، فضلا عن مساهمته المطردة في إجمالي الناتج المحلي لدول المنطقة. ويشكل طرح قضية المحافظة على القدرة التنافسية في منتدى جيبكا السنوي مدخلا للكثير من القضايا والمواضيع الأخرى التي ستشغل تفكير أعضاء الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات خلال الأيام المقبلة، إلا أن القضية التي تتمتع بالأهمية الأكبر تتمثل في تعزيز تنافسية الصناعة وإعطائها أولوية في إمدادات الغاز الطبيعي.