السعودية تتحرك فعليا للعمل على أبحاث زراعية تهدف إلى زيادة الإنتاج وخفض الاستيراد

رئيس «ساق» لـ«الشرق الأوسط»: شح «المياه» لم يعد عائقا

TT

بدأت السعودية في اتخاذ تحركات فعلية نحو العمل على أبحاث زراعية تهدف إلى زيادة حجم الإنتاج المحلي، وتقليل نسب الاستيراد الخارجي من جهة، والبحث عن طرق مبتكرة للتوسع في المنتجات الزراعية بالتزامن مع تقليل نسب المياه المستخدمة في هذا الجانب من جهة أخرى.

وتأتي هذه التحركات التي أخذت طابع الرسمية والتطبيق الفعلي، في الوقت الذي أبرمت فيه مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية يوم أمس مذكرة تفاهم مع شركة المجموعة الزراعية السعودية «ساق»، وهي الاتفاقية التي تعد الأولى من نوعها على مستوى المنطقة.

وفي هذا السياق، كشف المهندس عبد العزيز بن محمد البابطين رئيس مجلس إدارة المجموعة الزراعية السعودية «ساق» لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن بلاده تتجه نحو زيادة حجم الإنتاج الزراعي الداخلي خلال السنوات القليلة المقبلة، مقللا من إمكانية تأثر مخزون المياه بهذه الزيادة.

وقال المهندس البابطين خلال حديثه: «الاتفاقية الموقعة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تعتبر الأولى من نوعها على مستوى البلاد والمنطقة، ونحن حريصون على إنجاح بنود هذه الاتفاقية، وزيادة حجم الإنتاج الزراعي في السوق المحلية»، مشيرا إلى أن القطاع الزراعي سيقود قطاع الفرص الوظيفية المتاحة أمام السعوديين في كثير من المدن السعودية.

وأوضح رئيس مجلس إدارة المجموعة الزراعية السعودية «ساق» أن التحرك السعودي نحو البحث العلمي الزراعي لن يكون تكرارا للأبحاث العالمية في هذا الجانب، وقال «الهدف من البحث العلمي في القطاع الزراعي السعودي هو البحث عن الفرص الزراعية والإنتاجية التي تتناسب مع البيئة المحلية، بالإضافة إلى كيفية التوسع في المنتجات الزراعية بالتزامن مع تقليل نسب المياه المستخدمة من خلال طرق مبتكرة، حيث إن موضوع شح المياه لم يعد عائقا أمام البحث العلمي».

واعتبر المهندس البابطين عملية التوقف عن زراعة «القمح» محليا ليست حلا للمشكلة، مشيرا إلى أنه من الأجدى أن يتم البحث عن الطرق المناسبة لزراعة القمح في الأراضي الزراعية السعودية، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية التقليل من معدلات المياه المستخدمة.

من جهة أخرى، أبرمت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في مقرها أمس مذكرة تفاهم مع شركة المجموعة الزراعية السعودية «ساق»، بهدف تبادل المعلومات الفنية والعلمية في مجال الأبحاث الزراعية التي تسهم في تطوير أداء القطاع الزراعي بما يحقق الفائدة ويزيد من إسهامات التنمية الزراعية المستدامة في المملكة.

ووقع المذكرة كل من الدكتور محمد بن إبراهيم السويل رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والمهندس عبد العزيز بن محمد البابطين رئيس مجلس إدارة المجموعة الزراعية السعودية «ساق»، بحضور الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد نائب رئيس مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لمعاهد البحوث.

وأوضح الدكتور محمد بن إبراهيم السويل أن هذه المذكرة تهدف إلى تنفيذ سلسلة من النشاطات البحثية والعلمية المشتركة ذات المنفعة المتبادلة، والعمل على تنفيذ بنود المذكرة حسب الإمكانات المتاحة، وقال «سيقوم المركز الوطني للتقنية الزراعية بالمدينة بإعداد وتصميم وتنفيذ مشاريع بحثية محددة في مجال التقنيات الزراعية تركز على أنشطة المجموعة باستخدام التقنيات الحديثة».

وأكد الدكتور السويل أن المدينة بموجب هذه المذكرة ستقدم الدعم المالي للمشاريع المشتركة أو الدعم المباشر لنشاطات التعاون المستقبلية، حيث يتم اعتماد تنفيذ جميع البرامج التعاونية التي يتفق عليها الطرفان على المبالغ المتوفرة.

من جهته قال المهندس عبد العزيز بن محمد البابطين: «المذكرة ستمنح للطرفين تبادل الوثائق والمعلومات العلمية والبيانات الإحصائية التي لها علاقة بمجالات الأبحاث الزراعية، والاشتراك في تنظيم الأبحاث والمؤتمرات، وورش العمل، والندوات، والدورات التدريبية، بهدف تحقيق أهداف التعاون المشترك، بالإضافة إلى الاشتراك في نشر نتائج البحوث الذي يتم تنفيذها بين الطرفين».

وكان المهندس عبده بن قاسم الشريف العسيري منسق مكتب منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» شبه الإقليمي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية واليمن، وممثل المنظمة بالإمارات قد قال لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 3 أشهر: «من المتوقع أن يرتفع عدد سكان العالم من 7 إلى 9 مليارات نسمة عام 2050، كما أن التقدم الاقتصادي، لا سيما في البلدان ذات الاقتصاديات الصاعدة، سينتج عنه زيادة الدخل للطبقات الفقيرة التي تنفق 50 في المائة من دخلها على توفير الغذاء».

وأضاف العسيري حينها: «سيشهد الطلب العالمي على الغذاء زيادة كبيرة، ولمواجهة ذلك سيتطلب الأمر زيادة الإنتاج بنسبة 70 في المائة على الصعيد العالمي، وبنسبة 100 في المائة بالنسبة للبلدان النامية، ولكن في المقابل فإن الاستثمارات في القطاع الزراعي لا تأخذ المنحى نفسه».

وقال: «حصة الزراعة في المساعدات الإنمائية الرسمية تراجعت من 19 في المائة عام 1980 إلى 3 في المائة عام 2006، لتبلغ حاليا نحو 5 في المائة، ولا تخصص الدول النامية لهذا القطاع سوى نحو 5 في المائة من ميزانياتها الوطنية، كما يجري تحويل أكثر من 100 مليون طن من الحبوب لإنتاج الوقود الحيوي بفضل ما تقدمه البلدان المتقدمة من دعم مالي يبلغ نحو 13 مليار دولار».