المقاولون السعوديون يلجأون إلى ديوان المظالم ويطالبون بإصدار فتوى صريحة بشأن قرار وزارة العمل الأخير

مجلس الغرف يتبرأ من القرار وتأكيدات بأن خسائره تتجاوز الـ4.3 مليار دولار

TT

يزمع قادة قطاع المقاولات في السعودية، الخروج من مأزق قرار وزارة العمل الأخير والذي يقضي برفع رسوم رخصة العمل من 100 ريال (26.6 دولار) إلى 2500 ريال (666 دولارا) سنويا، من خلال 3 مسارات رسمية ودينية وقضائية. وقال فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية السعودية للمقاولين لـ«الشرق الأوسط»: «إننا بصدد إتباع ثلاثة مسارات في محاولة منا للخروج من مأزق هذا القرار الوزاري، أولها مخاطبة وزير العمل واللقاء به مباشرة للوصول معه إلى حكم أخير على هذا الأمر».

وأضاف: «المسار الثاني يكون من خلال التوجه إلى دار الإفتاء السعودية ومطالبة مفتي عام السعودية بإصدار فتوى صريحة في هذا الأمر بعد دراسة هذا القرار من كل جوانبه لمعرفة الأضرار التي تترتب عليه، وثالثها التوجه إلى ديوان المظالم لرد مظلمة رجالات قطاع المقاولات وبالتالي معافاة الاقتصاد الوطني من خسائر أخرى غير محسوبة لوزارة العمل». وزاد الحمادي أن أبرز ما خرجت به ورشة قطاع المقاولات، التي تم عقدها أمس الثلاثاء بمباني الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، كتابة خطابات لوزير العمل ومطالبته بضرورة عقد لقاء مباشر برجالات هذا القطاع ليسمع شكواهم واقتراحاتهم ومن ثم الوصول إلى حكم رشيد ومرض لكافة الأطراف. كما أن هناك اقتراحا برفع مظلمة القطاع المترتبة على هذا القرار إلى ديوان المظالم لرد مظلمته، في الوقت الذي يزمع فيه مطالبة دار الإفتاء السعودية بالإفتاء فيما سميت بالتعسفات وانعكاسات هذا القرار. وشدد الحمادي على مطالبة المقاولين من خلال هذه الورشة، الأجهزة الحكومية بالتعويضات المطلوبة في هذه الحالة، وإصدار قرارات بشأنها مستصحبة بآلية تحدد كيفية التعويض.

ولفت إلى أن المبالغ التي تجمع في هذه الحالة والتي سماها البعض بالجباية، من المؤكد سترجع لصندوق الموارد البشرية، ما يعني أن الصندوق في حاجة لدعم صندوق حافز، مبينا أنه كانت هناك رسوم تؤخذ وهي 100 ريال من وزارة العمل لمكتب العمل ولا ترد صندوق حافز، في حين أن حافز كان يتم عن طريق الجوازات.

ووفق الحمادي فإن الصندوق كان يتم دعمه من قبل الجوازات بـ170 ريال والتي كانت تضاف إلى رسوم الإقامة، أما بالنسبة للـ200 ريال، التي فرضت للموارد البشرية، كانت تخدم واجبا تقوم به الدولة وزارة العمل بأن تدفع للبطالة كل عام أو عامين، مشيرا إلى أنها فعلت ذلك العام الماضي.

وبالتالي يعتقد الحمادي، أن المشكلة تكمن في إشكالية الموارد البشرية، مدللا على ذلك بأن وزير العمل اجتمع بالمقاولين في دار صندوق الموارد البشرية، مشيرا إلى أن هذا القرار الأخير يدل على أن هناك تخبطا وتناقضا واضحان في القرارات من غير أن تخضع لدراسة وافية.

أما الدكتور فيصل الشريف نائب رئيس لجنة المقاولين، أوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزارة كشفت أنها متناقضة بشكل كبير ومزعج، مبينا أنها في البدء بادرت على تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 353 بشكل عاجل جدا، بينما هناك قرارات لمجلس الوزراء تساهم في مساعدة قطاع المقاولات والنهوض به، لم تطبقه حتى الآن على الرغم من مرور خمسة أعوام عليها. ومثل لذلك، بالقرار 23 والقرار 155 وقرارات أخرى، تنص على مساعدة المقاولين وتسهل عملية إجراءات الاستقدام ومنحهم التأشيرات اللازمة والالتزام بنسب سعودة محددة، مبينا أن نسبة السعودية في قطاع للمقاولات كانت 5 في المائة، ثم ارتفعت في برنامج نطاقات حتى وصلت إلى 7 في المائة، غير أنها ما لبثت أن ارتفعت حاليا إلى 50 في المائة، مشيرا إلى أنها نسبة يستحيل تنفيذها.

وأضاف: «أن القرار الأخير 353 والقاضي برفع نسبة السعودة بنسبة 50 في المائة ليس فقط من المستحيل تطبيقه، وإنما كأنه سن لمعاقبة المقاولين، مبينا أنه في الوقت الذي طلب فيه توظيف أكثر من مليوني سعودي، فإنه من الملاحظ لا يوجد في الأصل ما يقارب هذا الرقم ممن يطلب وظيفة في هذا القطاع.

وزاد الشريف بأن نظام (حافز)، مسجل فيه 1.3 مليون إلى 1.4 مليون مواطن، مع أن نسبة النساء تصل إلى80 في المائة، في الوقت الذي يصل فيه عدد المواطنين الراغبين للوظيفة فيه فقط 600 ألف، مستغربا مطالبة الوزارة القطاع بنسبة سعودة تصل الـ50 في المائة.

وأوضح أن هناك تقديرات مستقاة من دراسة أعدتها غرفة الرياض التجارية، تبين أن الزيادات المباشرة في هذا القطاع تتراوح من 4 إلى 5 في المائة، منها 13 في المائة تنطبق على الصيانة والتشغيل، وأكثر من 20 في المائة على العقود الخاصة بالنظافة، أما الزيادات الأخرى غير المباشرة وفق الشريف فهي ناتجة عن زيادة المواد وزيادة المقاولين من الباطن وزيادة الأسعار مبينا أن ذلك ينعكس سلبا على القطاع.

ووفق الشريف فإن هناك تقديرات توضح أن نسبة التضخم، سترتفع جراء هذا القرار الأخير إلى 30 في المائة، وترتفع بموجبه نسبة زيادة الأسعار إلى 30 في المائة، مشيرا إلى أن تقديرات وزارة التجارة تؤكد أن نسبة الأسعار التي زادت خلال الـ6 أشهر الماضية فاقت التصور.

واتفق الشريف مع الحمادي أن قطاع المقاولات سيخسر جراء هذا القرار، ما يتجاوز الـ16 مليار ريال (4.3 مليار دولار)، مبينا أن القرار يعني أن المطلوب دفع مقابل مادي لـ3 ملايين وافد، مشيرا إلى أن هذا الرقم، يعادل نصف العاملة الوافدة بما فيها السائبة، الأمر الذي يتصور أنه سيحقق أكثر من 16 مليار ريال (4،3 مليار دولار) لصندوق الموارد البشرية.

إلى ذلك، قال المهندس عبد الله المبطي رئيس مجلس الغرف لـ«الشرق الأوسط»: «إن القرار بصورته الحالية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخدم توجهات الدولة نحو التوطين والسعودة، ولا أن يحقق الهدف المعلن منه وهو رفع تكلفة العامل الأجنبي».

وأضاف: «هذا القرار سيقود إلى آثار سلبية على جميع قطاعات الأعمال، وبتأثيرات أعمق على القطاعات، التي تعتمد على العمالة الفنية والمهنية التي لا يتوفر مقابلها من الأيدي العاملة الوطنية، وهو ما أكد الجميع على انعكاساته المباشرة على ارتفاع السلع والإضرار بالمستهلك».

وقال المبطي خلال اجتماع عقده المجلس أمس بالرياض: «لدينا جهود مستمرة في هذا الشأن بغية الوصول لصيغ وقرارات» مناسبة «بشأن آليات رفع تكلفة العمالة الوافدة من دون الإضرار بمقدرات ومكتسبات القطاع الخاص» ومن جهة أخرى، أكد أن الاستعدادات تجري على قدم وساق لوضع اللمسات النهائية، لعقد القمة الاقتصادية والتنموية العربية الثالثة بالرياض، والتي يتشرف مجلس الغرف بتنظيمها ولأول مرة في تاريخه بالتعاون مع جامعة الدول العربية والاتحاد العام للغرف العربية.