البورصة المصرية تتراجع على وقع مصادمات بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه

احتياطي النقد الأجنبي يتراجع وتحسن في أداء ميزان المدفوعات

جانب من البورصة المصرية (أ.ف.ب)
TT

تتزايد الاضطرابات في مصر، وتزداد معها معاناة الاقتصاد المصري وتبتعد مؤشراته تدريجيا عما تستهدفه الحكومة، مع تصاعد الاضطرابات السياسية في البلاد، في ظل غياب مبادرات لتجاوز الأزمة السياسية التي بدأت قبل نحو أسبوعين بإصدار الرئيس محمد مرسي إعلانا دستوريا جديدا منح فيه لنفسه سلطات واسعة.

وأدت المصادمات مساء أول من أمس بين مؤيدين للرئيس الإسلامي ومعارضين لقراراته المتعلقة بالإعلان الدستوري وطرح الدستور الجديد للاستفتاء العام، إلى وفاة خمسة أشخاص على الأقل، وهو ما اعتبره خبراء عودة إلى حالة عدم الاستقرار التي من شأنها تقييد شهية المستثمرين، قائلين إن هذه التطورات الخطيرة ستؤدي إلى تراجع مؤشرات الاقتصاد بعد ظهور بوادر تحسن خلال الفترة الماضية.

وفقدت البورصة المصرية أمس نحو 9.9 مليار جنيه (1.6 مليار دولار)، ليصل إجمالي رأسمالها السوقي إلى 341.3 مليار جنيه، حيث تراجع مؤشر البورصة الرئيسي «EGX30» بنسبة 4.61% ليغلق عند 4838.51 نقطة، بينما تراجع مؤشر الشركات المتوسطة «EGX70» بنسبة 3.44% ليغلق عند 427.62 نقطة. واتجه العرب والأجانب نحو البيع بصاف بلغ 21.78 مليون جنيه و8.57 مليون جنيه على التوالي.

يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه البنك المركزي أمس أن احتياطي النقد الأجنبي تراجع خلال الشهر الماضي بنحو 448 مليون دولار، رغم حزم المساعدات العربية والخارجية المستمرة لإنقاذ الاقتصاد المصري على مدار الشهور الماضية.

ووفقا لـ«المركزي المصري»، فقد وصل الاحتياطي حاليا إلى 15.035 مليار دولار، بعد أن كان 15.483 مليار دولار، بنهاية شهر أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي ليدخل «دائرة الخطر» التي يحددها الخبراء بتغطية 3 أشهر فقط من الواردات السلعية للبلاد.

وتوقع خبراء أن تسوء مؤشرات الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة مع حالة عدم اليقين التي تسيطر على المشهد السياسي للبلاد، وعدم تمكن الحكومة من الوصول إلى مستهدفاتها الرامية إلى تحقيق معدل نمو يصل إلى 3.5% بنهاية العام المالي الحالي، ووصول احتياطي النقد الأجنبي إلى 25.5 مليار دولار وجذب استثمارات أجنبية بقيمة 4 مليارات دولار.

وأعلنت أول من أمس الحكومة عن مؤشرات اعتبرها البعض مؤشرا إيجابيا، بعدما تراجع العجز في ميزان المدفوعات بنحو كبير خلال الربع الأول من العام المالي الحالي بنسبة 78%، ليصل إلى 518.7 مليون دولار، مقابل عجز بلغ نحو 2.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من السنة المالية السابقة. وكان السبب الرئيسي في تراجع العجز الكلي في ميزان المدفوعات يتمثل في انخفاض العجز الحالي ليسجل نحو 278.9 مليون دولار، مقابل نحو 2.2 مليار دولار خلال الفترة المقبلة من السنة المالية السابقة، وذلك بعد ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج بمقدار 839.7 مليون دولار.

وقال إيهاب سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة «أصول» لتداول الأوراق المالية، إن حالة الانقسام الموجودة في المجتمع المصري ستتسبب حتما في التأثير سلبيا على الوضع الاقتصادي الذي لا يزال يعاني آثار الثورة المصرية في 25 من يناير (كانون الثاني) 2011. ومن المفترض أن تكون البورصة التي تعد أحد مؤشرات الاقتصاد من المؤشرات الأكثر تأثرا، فقد أدت الاشتباكات مساء أول من أمس إلى فقدانها غالبية مكاسبها الأسبوعية ليعاود المؤشر تراجعه.

من جهته، قال الباحث المصرفي أحمد آدم إن الانخفاض الجديد لاحتياطي النقد الأجنبي يؤكد صعوبة الموقف وعدم قدرة الحكومة والمركزي على إدارة الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أنه بعد استبعاد المساعدات الخارجية العربية والأجنبية وعوائد الاستثمار في أدوات الدين الحكومية، يصبح الاحتياطي النقدي الناتج عن الاقتصادي المصري الحقيقي صفر.

وضخت الدول العربية، ممثلة في المملكة العربية السعودية ودولة قطر، بالإضافة إلى تركيا، أموالا طوال الشهور الماضية لمساعدة الاقتصاد المصري، كانت آخرها الشريحة الثانية المقدرة بنحو 500 مليون دولار، والتي دخلت في الاحتياطي الذي أعلن عنه المركزي أمس ليصل التراجع إلى ما يقرب من مليار دولار قبل ضخها.

وأرجع آدم التراجع في الاحتياطي في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى خروج الأجانب من السوق، ودفع عوائد مستحقة لهم ناتجة عن استثمارات قصيرة الأجل في الدين الحكومي وسندات وأذون خزانة، حيث طرحت الحكومة في الأسابيع الأخيرة ما يقدر بنحو 6 مليارات يورو، و1.3 مليار دولار.

يأتي هذا التراجع وسط مساع حكومية للحصول على مساعدات خارجية لسد الفجوة التمويلية لديها المقدرة بنحو 14.5 مليار دولار حتى نهاية العام المالي المقبل، وسيساعد الحصول على تلك الأموال في دعم موقف احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، ولكنه لن يصل إلى 25.5 مليار دولار كما تستهدفه الحكومة، بحسب ما قاله الخبراء.

وقال وزير المالية، ممتاز السعيد، أمس، على هامش توقيع اتفاق إطاري لزيادة التعاون الاقتصادي بين مصر وكوريا الجنوبية، إن الفجوة التمويلية في الموازنة العامة تقدر بنحو 14.5 مليار دولار، تستهدف مصر تمويلها من خلال حزمة من القروض والمساعدات المالية من الدول والمنظمات الدولية المانحة، تتضمن 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، وملياري دولار من البنك الدولي، ومليارا من بنك التنمية الأفريقي، ومليارا آخر من الاتحاد الأوروبي، و1.5 مليار من قطر، ونصف مليار من السعودية، ومليار من تركيا، والجزء الباقي من دول ومنظمات صديقة لمصر.