ماريو مونتي يستقيل ويزعج الأسواق ويقلق الشركاء بالاتحاد الأوروبي

بورصة ميلانو تتألم بخسارة 3.4% وأسهم البنوك تواسيها بنفس النسبة

ماريو مونتي (أ.ب)
TT

أدى تعهد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي بالتقاعد، بالتزامن مع إعلان سلفه سيلفيو برلسكوني العودة للساحة السياسية إلى ردود فعل سلبية في الأسواق أمس وقلق لدى الشركاء الأوروبيين.

كان مونتي صرح السبت أنه يعتزم الاستقالة بعد أن يوافق البرلمان على مشروع قانون الموازنة بنهاية الشهر الحالي. ويأتي قراره الذي يفتح الباب أمام إجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) أو مارس (آذار) في أعقاب سحب حزب برلسكوني دعمه للحكومة، رغم أنه لم يتقدم بطلب تصويت لحجب الثقة.

قال مونتي لصحيفة «لا ريببليكا» الإيطالية ذات التوجهات المنتمية إلى يسار الوسط: «إذا كان يتعين علي التعبير عن مشاعري اليوم، فأود بإخلاص أن أقول إنني قلق للغاية». وقال إن إعلانه استقالته مطلع الأسبوع جاء بحيث تستوعب الأسواق «الضربة النهائية آملا بالطبع ألا تكون هناك ضربة».

وتراجعت بورصة ميلانو بنسبة 3.4 في المائة بحلول الساعة الثانية بعد الظهر (1300 بتوقيت جرينتش) مع تكبد أسهم البنوك الخسارة الأكبر.

وتذبذب فارق العوائد للسندات الإيطالية العشرية ونظيرتها الألمانية حول 3.6 نقطة مئوية مرتفعا من 3.3 نقطة مئوية يوم الجمعة الماضي.

كان ما يطلق عليه هامش المخاطرة، وهو مؤشر المخاطرة القياسي على الدين العام الإيطالي، قد بدأ في الارتفاع الأسبوع الماضي في أعقاب إعلان برلسكوني العودة زعيما لحزب المحافظين الإيطالي والتطورات الحاصلة على الأرض من استقالة مونتي.

ومن المتوقع أن يكون مزادا السندات يومي الأربعاء والخميس اختبارا آخر لمعنويات المستثمرين بشأن إيطاليا.

كان مونتي تبنى إجراءات تقشف صارمة ومرر إصلاحات تتعلق بالعمال ونظام التقاعد لم تحظ أي منها بالشعبية. وانتقد برلسكوني أداء مونتي، كما من المتوقع أن يشن حملة شعبية ضد إجراءاته التي أدت إلى استعادة إيطاليا المصداقية على الصعيد الدولي.

ودعت ألمانيا العضو الأكثر نفوذا داخل الاتحاد الأوروبي إلى عدم التراجع عن الخطوات التي قام بها مونتي.

قالت متحدثة باسم وزير المالية الألماني فولفجانج وشيبله في برلين: إننا «نتوقع أن تستمر إيطاليا في الالتزام الكامل بالتزاماتها الأوروبية المتفق عليها وتواصل طريق الإصلاح الذي بدأته».

وقبيل المشاركة في اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل، قال وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله إن «إيطاليا لا يمكن توقف الآن طريق الإصلاح الذي تم البدء فيه. إيطاليا قطعت ثلثي طريق الإصلاح، لكن الثلث الأخير مهم».

وإيطاليا هي ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو ويعتقد أن أموال إنقاذ التكتل صغيرة للغاية عن أن تنقذها في حال ما عجزت عن الاقتراض من الأسواق.

وقال فيسترفيله إن الأزمة الإيطالية يمكن أن تدفع أوروبا بأسرها في «اضطراب هائل».

وعبر وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جويندوس عن مخاوفه بشأن تداعيات ذلك على بلاده. وارتفع هامش المخاطرة على السندات الإسبانية لأجل عشر سنوات إلى نحو 4.3 نقطة مئوية اليوم الاثنين مقابل أقل من 4.2 نقطة مئوية يوم الجمعة الماضي.

وحذر رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي من أوسلو حيث يشارك في حفل جائزة نوبل للسلام إنه «ما من بديل للماليات العامة القوية. ليس هناك بديل حقيقي لما يقوم به السيد مونتي».

ويتوقع محللون أن يستمر قلق الأسواق على المدى القصير على الأقل. غير أنهم قالوا أيضا إن الثقة يمكن أن تعود إذا ما تخلى مونتي عن دوره غير الحزبي واتخذ موقفا بخوض الانتخابات المرتقبة.

قال بنك «باركليز كابيتال» البريطاني في مذكرة للعملاء اليوم الاثنين إن «إيطاليا يجب أن تكون حريصة للغاية بألا يتآكل رأسمال مصداقيتها الذي جمعته حكومة مونتي حتى الآن».

وأضاف أن «التزام مونتي بتولي دور مركزي في السياسة الإيطالية سيكون أفضل وسيلة للحفاظ عليه في أعين الشركاء الأوروبيين وأسواق المال».

وردا على سؤال في مقابلة مع صحيفة «لا ريببليكا» عما إذا كان ينتوي التخلي عن دوره غير الحزبي ودخول معترك الانتخابات، قال مونتي: «لا أعرف، حقا لا أعرف».