تعاون أميركي ـ بريطاني لوضع حد لفكرة المصارف التي تكون أكبر من أن تنهار

يهدف لتفادي اللجوء إلى إنقاذ مصرف من أموال دافعي الضرائب

TT

إنها واحدة من المشكلات الشائكة التي تتعلق بالنظام المالي. وتتمثل المشكلة في كيفية تعامل السلطات مع انهيار مصرف عالمي كبير لحماية النظام المالي ككل. في محاولة لاكتشاف وسائل لمعالجة هذه المشكلة، قال المنظمون في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا يوم الاثنين الماضي إنهم كانوا يتعاونون في ما يتعلق بإجراءات تستخدم للاستحواذ على مؤسسة مالية موشكة على الانهيار ولها العديد من الأعمال في الخارج.

الهدف من ذلك هو تفادي المشكلات التي حدثت عندما انهار مصرف «ليمان براذرز» عام 2008. كانت تسوية أمر «ليمان» معقدة بسبب عملياته الكثيرة في لندن التي تخضع للقانون البريطاني. قد تتكرر هذه المشكلة بسبب وجود أفرع كبيرة لأكثر المصارف الأميركية والبريطانية في كلتا الدولتين. ووضع كل من البنك المركزي الإنجليزي والمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع في ورقة مشتركة الاستراتيجية المفضلة لهما في التعامل مع انهيارات مثل هذه المصارف. وقال فيليب سواغيل، الأستاذ بكلية السياسات العامة في جامعة ميريلاند: «من الرائع إثارة المؤسستين هذا الأمر». وعمل سواغيل مساعد وزير لشؤون السياسات الاقتصادية خلال فترة تولي هنري بولسون منصب وزير الخزانة. وأضاف: «إذا نجحوا في إنجاز هذا الأمر، فستختفي المصارف التي تكون أكبر من أن تنهار من الوجود». وتعد عبارة «أكبر من أن تنهار» هي عنوان المشكلة التي تواجهها الحكومات عندما يوشك مصرف كبير على الانهيار. يريد المسؤولون تفادي اللجوء إلى إنقاذ لمصرف من أموال دافعي الضرائب، لكن السماح بانهيار المصرف قد يضر بالنظام المالي. وتم السماح بانهيار مصرف «ليمان براذرز» عام 2008، لكن تم إنقاذ المجموعة الأميركية الدولية لأن انهيارها كان أكبر من أن يتحمله النظام. ومرر المشرعون في الولايات المتحدة وبريطانيا منذ الأزمة المالية قوانين تهدف إلى إتاحة وسائل أمام المنظمين لتفادي كلا المصيرين. وتهدف هذه القوانين في جوهرها إلى تولي زمام الأمور في المصرف الذي يعاني من مشكلات والإبقاء على عمله، في الوقت الذي يتكبد فيه حاملو الأسهم الخسائر، والدائنون أيضا إن لزم الأمر. وركزت الورقة التي قدمها البنك المركزي الإنجليزي والمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع على طريقة واحدة لتحقيق ذلك الهدف. يتولى المنظم المختص إدارة الشركة الأم للمصرف، ثم يبدأ في عملية إعادة هيكلة. ويأمل المنظمون بقولهم إنهم يركزون على الشركة الأم أن يشكلوا التوقعات في السوق ويقللوا الشعور بعدم اليقين الذي يحدث عند انهيار مصرف إلى الحد الأدنى. وكتب المنظمون: «سوف يزيد هذا النهج من إمكانية توقع المشاركين في السوق طريقة تعامل السلطات المنوط بها حل الأزمة مع الوضع».

تهدف الاستراتيجية إلى إعادة المصرف الذي يتم الاستحواذ عليه للوقوف على أقدامه مرة أخرى. ستكون المصارف في أغلب الحالات مفلسة، مما يعني أن كل أسهمها قد تآكلت بفعل الخسائر. لتصحيح وضع المصرف سيحصل المنظم على ديون الشركة الأم ويحولها إلى أسهم لدعم عمليات المصرف في المستقبل.

مع ذلك، تثير هذه الاستراتيجية تساؤلات. وتقدم الورقة بالكاد التزاما بالتعاون.. بمعنى آخر إنها لا تمنح المنظم سلطة ترقى إلى جعله جهة أجنبية مختصة بإعادة هيكلة المصرف. لذا قد تتكرر بعض المشكلات المتعلقة بالاختصاص التي عرقلت إشهار «ليمان براذرز» الإفلاس. يشكك بعض المحللين في استخدام المنظمين هذه الوسائل في خضم الأزمة، حيث ربما يتفق المسؤولون على عدم اتخاذ أي إجراء يضر مصالح الدائنين خوفا من عدم الاستقرار المالي، ويتجهون بدلا عن ذلك إلى شكل من أشكال الإنقاذ. وقال مارك كالابريا، مدير دراسات التنظيم المالي في معهد «كاتو إنستيتيوت»: «الأمر يتعلق بالجرأة في استخدام هذه الوسائل في وقت الذعر». ولا يزال هناك تساؤل بشأن ما إذا كان لدى الشركات الأم المصرفية موارد مالية تمكنها من المساهمة بشكل كبير في إصلاح الميزانية. على سبيل المثال، لدى «جي بي مورغان تشيس» ديون طويلة الأجل قيمتها 116 مليون دولار، وتمثل 5 في المائة من إجمالي أصول المصرف التي تبلغ قيمتها 2.3 تريليون. والنسبة أكبر في حالة «غولدمان ساكس»، حيث تصل إلى 14 في المائة. على المنظمين أن يقرروا المبلغ المناسب لديون الشركة الأم مما يضطرهم أحيانا إلى الضغط على بعض المصارف لدعم الوضع المالي للشركات الأم. وربما تقاوم بعض المصارف بقولها إن هذا سيصعب عليها تحقيق عائدات معقولة. وقال ديفيد شرا، المستشار التنظيمي بالمعهد المالي الدولي: «إنهم بحاجة إلى التفكير في العبء الخاص بقدرة المصارف على تقديم القروض للاقتصاد العالمي».

وربما يقول المتشككون أيضا إن هذه الإجراءات المشار إليها يوم الاثنين قد لا تستطيع التعامل مع انهيار كثير من المصارف العالمية الكبرى في آن واحد. وقال سيمون جونسون، الأستاذ في كلية «إم أي تي سلون» لإدارة الأعمال: «دائما ما تكون المشكلة الكبيرة التي نراها منهجية. لذا هل هذا يحل مشكلة (أكبر من أن ينهار) من جذورها؟ لا».

مع ذلك، قد يسفر التعاون الأميركي - البريطاني نظريا عن نجاح في التعامل مع أغلب الأعمال الأجنبية التي تتم في المصارف الموجودة في أي من البلدين. وتمثل أعمال أكبر خمسة مصارف أميركية في بريطانيا 88 في المائة من النشاط الأجنبي في البلاد بحسب عرض قدمته المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع في يوليو (تموز) الماضي. «ينطبق هذا بوجه عام على الشركات البريطانية» بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني كتبها مايكل كريمينغر، الشريك في «كليري غوتليب ستين آند هاميلتون». وأضاف مايكل، المستشار العام السابق في المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع: «ربما كان هذا النهج ليُنظر إليه باعتباره ذا قيمة كبيرة عام 2008».

* خدمة «نيويورك تايمز»