اتفاق في قمة بروكسل على آلية قرار المراقبة المالية للاتحاد الأوروبي والإشراف على البنوك

اتخاذ تدابير موحدة لتطهير الأوضاع المالية وإنقاذ البنوك المتعثرة

رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروسو (أ.ف.ب)
TT

اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على تعميق الوحدة الاقتصادية والنقدية لهذا التكتل الذي يعاني من أزمة مالية تهدد مستقبله، واتفقوا أيضا على مبدأ اتخاذ تدابير موحدة لتطهير الأوضاع المالية للاتحاد وإنقاذ البنوك المتعثرة.

«في الصباح آلية للإشراف المالي، وفي المساء آلية واحدة لاتخاذ القرار»، هذا ما قاله رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، في مؤتمر صحافي على هامش فعاليات القمة، التي انعقدت على مدار يومي الخميس والجمعة، وأضاف من خلال بيان، أن القادة توصلوا إلى اتفاق بشأن المضي قدما على طريق إنقاذ منطقة اليورو، مع التركيز على عدة أمور؛ منها تعزيز النظام المصرفي، ووصف ما تحقق من اتفاق على إنشاء آلية مراقبة البنوك، بأنه انفراجة سوف تعزز القطاع المالي وتكسر الحلقة المفرغة بين البنوك والسلطات السيادية كما تساعد على ضمان الاستقرار وتحسين شروط الإقراض خاصة ما يقف وراءها من أهداف تتعلق بالنمو وخلق فرص العمل. وأشار فان رومبوي إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت عملا كبيرا لإنجاز أمور كثيرة لم تكن موجودة حتى يونيو (حزيران) الماضي.

في غضون عدة أشهر، أصبحت هناك آلية مراقبة مالية في الموعد المطلوب؛ أي قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وهذا يظهر قدرة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ الإجراءات الحاسمة في الوقت المناسب، والآلية ستخلق توازنا جيدا لأنها تخدم حاجة منطقة اليورو وأيضا تبقى مفتوحة للجميع. وتعرف الآلية تقسيما معقولا للعمل بين المصرف المركزي الأوروبي والسلطات الوطنية وبالنسبة للمصرف المركزي الأوروبي ستضمن فصلا واضحا بين السياسة النقدية والمهام الإشرافية، كما أضاف فان رومبوي أن الاتفاق سيحافظ على سلامة السوق الموحدة للخدمات المالية.

وأشار المسؤول الأوروبي إلى أن القادة اتفقوا على إنشاء إطار تنفيذي في النصف الأول من العام المقبل، حيث إنه بعد إنشاء آلية المراقبة البنكية سوف تكون هناك إمكانية لإنشاء آلية لإعادة رسملة البنوك، وسوف تكون هناك حاجة إلى آلية واحدة للقرار مع الصلاحيات اللازمة وتوفير الضمانات المطلوبة، وسوف تقدم المفوضية الأوروبية مقترحات حول هذا الصدد في عام 2013، والهدف من ذلك هو الحد من المخاطر على الاقتصاد والمودعين ودافعي الضرائب، بحيث تكون هناك آلية للتعامل مع الأمور في حالة فشل أي من البنوك في عملها، على أن تتم هذه الأمور بصورة سريعة وعملية وفي مصلحة الجميع. أما بالنسبة للموضوع الثاني؛ وهو تعزيز الوحدة الاقتصادية، فسيقوم رئيس المجلس الأوروبي بتقديم التدابير المطلوبة والمحددة زمنيا في قمة يونيو (حزيران) من العام المقبل، بالتعاون مع المفوضية الأوروبية، والدول الأعضاء، ويتعلق الأمر بأربعة أمور، وهي، تنسيق الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية، وثانيا البعد الاجتماعي لآلية الإنقاذ الأوروبية، وثالثا ما يتعلق بالقدرة التنافسية والاتفاقات بين الدول الأعضاء والمؤسسات الاتحادية حول هذا الصدد، ورابعا آليات التضامن التي يمكن أن تعزز الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء من أجل تحقيق النمو وخلق فرص العمل. واختتم يقول: «لقد تحققت أمور كثيرة ولكن لا يزال ينتظرنا عمل كبير». ومن وجهة نظر العديد من المراقبين، اتفق قادة الاتحاد الأوروبي على تعميق الوحدة الاقتصادية والنقدية لهذا التكتل الذي يعاني من أزمة مالية تهدد مستقبله، واتفقوا أيضا على مبدأ اتخاذ تدابير موحدة لتطهير الأوضاع المالية للاتحاد وإنقاذ البنوك المتعثرة. رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي وعد من جهته بتقديم مذكرة في يونيو المقبل حول جدول الإصلاحات التي سيقوم بها الاتحاد لتعميق تكامله الاقتصادي والنقدي. وقال: «بالنسبة للآلية الموحدة للمتابعة، ولتوخي الفعالية، قررنا الليلة أننا عندما ننشئ هذه الآلية، سنتخذ قرارا واحدا لنمدها بالسلطة الضرورية لضمان أن أي بنك من بنوك الدول الأعضاء المشاركة يمكن معالجة مشكلاته بالأدوات الملائمة له». القمة السادسة والأخيرة للاتحاد الأوروبي خلال العام الحالي، تأتي بعد التوصل إلى اتفاق لتسليم اليونان قرابة خمسين مليار يورو بعد مفاوضات شاقة ومع تسلم قادة الاتحاد جائزة نوبل للسلام.

ولم يمر قرار الاستقالة القريب لرئيس الحكومة الإيطالية ماريو مونتي، بعد سحب حزب سلفيو برلسكوني دعمه له، دون ردود فعل من قبل قادة الاتحاد الأوروبي الذين أبدوا تعاطفهم معه مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي قالت إن مونتي أنجز عملا مهمًّا ومفيدا لاستعادة الثقة في الاقتصاد الإيطالي، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي لم يعتبر عودة برلسكوني للسلطة في إيطاليا أمرا جديا.

وكانت قمة يونيو الماضي قد كلفت رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع رؤساء المفوضية والمصرف المركزي ومجموعة اليورو، بإعداد تقرير على أن يتضمن معلومات أساسية تتعلق بخارطة طريق تشمل إطارا زمنيا لمراحل الانتهاء من الاتحاد النقدي والاقتصادي، وتناول التقرير الأخير أمورا جاءت على أنها نقاط أساسية في تقرير آخر كان يحمل عنوان «نحو اتحاد حقيقي نقدي واقتصادي» جرى عرضه على مجلس قادة أوروبا في قمة صيف العام الحالي. ويركز التقرير الذي عرض على القادة، على دول منطقة اليورو التي تواجه تحديات، ويحدد التقرير الإجراءات المطلوبة لضمان استقرار وسلامة آلية الإنقاذ الأوروبية ويدعو إلى الالتزام السياسي لتنفيذ خارطة الطريق المقترحة والحاجة الضرورية للعمل من منطلق التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها حاليا منطقة اليورو، ويقول التقرير إن منطقة اليورو تحتاج إلى آليات أقوى لضمان سياسات وطنية سليمة، بحيث تضمن استفادة كاملة للدول الأعضاء من الاتحاد النقدي والاقتصادي وهذا أمر أساسي لضمان الثقة في فعالية السياسات الوطنية والأوروبية لتحقيق المهام العامة الحيوية مثل استقرار الاقتصادات والأنظمة المصرفية ولحماية المواطنين من الآثار المترتبة على السياسات غير السليمة سواء الاقتصادية أو المالية، وفي الوقت نفسه، لضمان مستوى عال من النمو والرعاية الاجتماعية. وينوه التقرير بأن منطقة اليورو تواجه عالما متغيرا وسريع التطور ويتميز بصعود الاقتصادات الناشئة، وبأنه لا بد من جعل آلية الإنقاذ الأوروبية أكثر مرونة وتشكل جدارا عازلا لدول منطقة اليورو ضد الصدمات الاقتصادية العالمية، وأيضا الحفاظ على التماسك الاجتماعي، وفي الوقت نفسه الحفاظ على النفوذ الأوروبي على المستوى العالمي، وتؤكد خارطة الطريق على أن تكوين اتحاد نقدي واقتصادي حقيقي يساهم في ترسيخ مبدأ أن أوروبا ليست الهدف وإنما الأولوية لخدمة مواطني أوروبا وزيادة الازدهار.

ويشير التقرير إلى أن المقترحات المقدمة في مجال السياسة المالية والاقتصادية تتشابك بشكل وثيق وتنطوي على تعميق التكامل والشرعية والديمقراطية والمساءلة، ويرى التقرير أن الاتحاد النقدي يمكن أن يتم على ثلاث مراحل: الأولى ضمان الاستدامة المالية من خلال الإدارة السليمة للمالية العامة، وتشمل هذه المرحلة خمسة عناصر أساسية: أولا استكمال تنفيذ ما يعرف بحزمة التشريعات الستة للحوكمة المالية، وما يعرف بمعاهدة الاستقرار والتقارب، ووضع إطار منهجي لعمليات إصلاح السياسات الاقتصادية، وإنشاء آلية واحدة وفعالة لرقابة القطاع المصرفي واتفاق بشأن توحيد القرارات الوطنية في ما يتعلق بأطر ضمان الودائع والتمويل المناسب للقطاع المالي، وإنشاء إطار تشغيلي لإعادة رسملة البنوك مباشرة من خلال آلية الاستقرار الأوروبي. والمرحلة الثانية استكمال الإطار المالي المتكامل وتعزيز السياسات الهيكلية السليمة، وتتكون من عنصرين: أولا، الانتهاء من إطار مالي متكامل يضمن تنفيذا سريعا للقرارات، وإنشاء آلية أقوى للتقارب والتنسيق وإعادة الهيكلة. أما المرحلة الثالثة، فستكون لتحسين قدرة الاتحاد النقدي الأوروبي من خلال تحسين القدرة على امتصاص الصدمات على المستوى المركزي».