تقديرات بحاجة دول الخليج ربع قرن لتحقيق إيرادات خطط الاقتصاد المعرفي

خبراء : لم تستفد من مجال الاتصال رغم انخفاض تكاليف الشبكات الدولية

TT

قدر خبراء اقتصاديون حاجة دول مجلس التعاون الخليجي لمدة تصل إلى 25 عاما للوصول إلى إيرادات اقتصادية كعوائد من تحولها نحو الاقتصاد المعرفي، مؤكدين أن الدول العربية لم تستفد اقتصاديا في مجال الاتصال رغم انخفاض تكاليف الشبكات الدولية للاتصال.

وقال الدكتور حبيب الله تركستاني، المحلل الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز، لـ«الشرق الأوسط»، إن منطقة الخليج بحاجة إلى اقتصاد معرفي موجه لتنمية ومعرفة القطاع النفطي والبترولي، مشيرا إلى أن الخليج برمته دول نفطية قدرها أن تعيش على النفط، مؤكدا أن الاقتصاد المعرفي هو الذي يحول هذه الصناعة إلى معرفة.

وأفاد المحلل الاقتصادي بأن المسألة تتعلق بالأبحاث والتطوير والتنمية والابتكار والإبداع، مؤكدا أنه من وجهة نظر اقتصادية بحتة فإن الموضوع يحتاج إلى موازنات مالية بمليارات الدولارات كنتاج حقيقي وانعكاس لتخصيص مبالغ كبيرة من الدخل القومي في البلدان الأوروبية للدخل والتطوير.

وتتطلع دول مجلس التعاون الخليجي إلى التحول إلى الاقتصاد المعرفي، وذلك من خلال خططها التنموية المعلنة، التي شهدت تحولا واسعة في التعاطي مع المعرفة، والوصول إلى مخرجات تساهم في تعزيز وضع الاقتصاد المعرفي في الدول الست.

ولم يخف حبيب الله تركستاني، ذهاب كثير من المفاهيميات الاقتصادية إلى الاتجاه الخاطئ في ما يتعلق بترسيخ ثقافة الاقتصاد المعرفي، مؤكدا أنها ثقافة لا تخضع لعملية الشراء مطلقا.

وأشار تركستاني إلى أن الاقتصاد المعرفي هو الاهتمام بالبنية التحتية وتحويلها إلى صناعة معرفية تدخل في النتاج الاقتصادي للدول المنتجة وتحولها إلى سلعة للتصدير، مفيدا بأن المأسسة الحقيقية للاقتصاد المعرفي موجودة في دول الخليج وتنتظر بوادر الاستثمار الحقيقي.

وقال المحلل الاقتصادي: «نحن أكثر الدول التي تحتاج إلى استثمار حقيقي في الاتجاهات المعرفية بحكم أنها ثروات ضخمة جدا ينتج عنها تحركات اقتصادية فاعلة، وكل تلك المفاصل المعرفية لن يتم ضبطها إلا من خلال خطة محكمة وممنهجة تحاكي الحاجة الماسة للتحرك الفعلي اقتصاديا».

وضرب مثلا بحاجة دول الخليج الفعلية للاستناد لرؤية واضحة، كالتي نهجتها اليابان بخصوص اتضاح المدى بخلق بيئة تكنولوجية، واتضاح الرؤية الأميركية في ما يختص بالصناعات الثقيلة، مؤكدا أن ما يوائم الشأن الخليجي هو النفط والاستثمارات النفطية وكل ما يتعلق بصناعة الطاقة.

واستطرد تركستاني: «ينبغي أن نبدع في مجال إنتاج الطاقة بحكم أن دول الخليج تعتبر دولا ذات ريادة في مجال الطاقة على مستوى العالم»، مشيرا إلى أنه قد آن الأوان لتحويل البترول إلى معرفة واقتصاد يساهم في التنمية المستديمة، وأن الطاقة باتت القاسم المشترك لجميع دول العالم.

وعرج تركستاني في حديثه بأن البتروكيماويات هي نتاج لما يتمخض عن النتاج المعرفي للطاقة، مؤكدا أن العمر الزمني لتحويل المجتمعات الخليجية إلى الاقتصاد المعرفي هو 25 عاما.

من جانبه، قال الدكتور خالد عبد الرحمن البسام، الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»، إن الاقتصاد المعرفي ظهر جليا في الـ15 سنة الأخيرة كنوع من الأدوات الاقتصادية الفاعلة، بحيث أصبح موازيا للاقتصاد التقليدي الاعتيادي.

وأشار البسام إلى أنه اقتصاد يتمخض عنه إنتاج سلع وخدمات وما إلى ذلك، وأغلب الدول العالمية المتقدمة كاليابان والصين وكوريا والولايات المتحدة الأميركية، هي صاحبة اقتصاد معرفي ينمو بسرعة، ويحقق لتلك الدول مداخيل مالية هائلة وقوية.

وأفاد المحلل الاقتصادي بأن «أهم المدخلات الأساسية للاقتصاد المعرفي هي الجامعات والتعليم، حيث تقوم الجامعات بتخريج ما يعرف بـ(التكنولوجيا المتصلة)، التي تترجم في ما بعد إلى (تكنولوجيا منفصلة)، وهذه جزء أساسي من اقتصاد المعرفة، وكلما تطور التعليم الجامعي تطور الاقتصاد المعرفي لديك».

وقال البسام إن «المخرجات من الجامعات ذات المستوى العالي تفضي إلى تكنولوجيا - متصلة عالية، ومن ثم تنعكس إلى منفصلة كالتي حدثت للعالم الكيميائي المصري زويل الذي أفضى اختراعه إلى اقتصاد، كنتاج مباشر للقيمة التعليمية العالية في تطوير المختبرات والمعامل الجامعي التي تعتبر نواة فاعلة في تحول النتاج المعرفي إلى اقتصاد».

وذكر البسام أن المعلومة باتت في موضع الاقتصاد حاليا، وأتاح الاقتصاد المعرفي إيصال المعلومات وهي تعتبر المخرجات من اقتصاد المعرفة، مؤكدا أن دولة كالهند باتت تتصدر مكامن الإنتاج المعرفي من خلال إنتاج لا يتوقف من المنتجات الحاسوبية التي يستخدمها المتعامل مع التقنية بشكل متواصل.

وأوضح أن مؤشرات الاقتصاد المعرفي في العالم العربي متدنية جدا، وأن طرق باب الاستثمار عربيا يكمن في تطوير العنصر البشري، وتهيئة الظروف المناسبة، مشيرا إلى أن دولا عربية بدأت فعليا في بلورة مفاهيم الاقتصاد المعرفي كالبحرين والأردن.

واختتم البسام بالقول إن هناك أمرين مهمين لانطلاقة الإنتاج المعرفي؛ هما: الاستقرار السياسي من جهة وتمهيد السبل الكفيلة لإنجاح البرامج الكفيلة بإنعاش هذا النوع من الاستثمار المعرفي.