تونس في الذكرى الثانية لثورتها.. في انتظار أن يزهر «الربيع» اقتصاديا

«الشرق الأوسط» تستمع إلى نبض تونس العميقة

يشكو سكان منطقة منزل مهيري كأغلب مناطق ولاية القيروان التونسية من غياب العدالة الاجتماعية ومن سوء الأوضاع الاقتصادية («الشرق الأوسط»)
TT

تعتبر منطقة منزل مهيري، من ولاية القيروان من المناطق التي تم تهميشها لأكثر من 5 عقود خلت، حيث تعيش اختلالات واسعة في المجال الاجتماعي والاقتصادي، ولا سيما الزراعي، وترنو للمستقبل بعقول متفائلة. وتشكو منزل مهيري كأغلب مناطق ولاية القيروان من غياب العدالة الاجتماعية. ويتساءل أهالي منزل مهيري، مثل نعيم وشاكر وبوجمعة الجملي، وعبد القادر السالمي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن حظهم من ميزانية 2013. كما يطالب الأهالي باستصلاح الأراضي الدولية المهملة بتعبير بعضهم، وتوزيع بساتين الزياتين المملوكة للدولة على المواطنين بدل تأجيرها لأشخاص من خارج المنطقة بل من خارج الولاية. ووصف بعضهم استمرار الوضع كما كان في عهد المخلوع بأنه «استمرار للفساد، فلا يمكن أن يأتي مستثمر تحت تصرفه 16 ألف هكتار وآلاف من المواطنين لا يملكون زيتونة واحدة». وأثار الأهالي قضية الماء غير الصالح للشرب الذي يستخدمونه في المنطقة.

أصحاب الشهادات العليا العاطلون عن العمل، ممن يملكون أراضي فلاحية مثل مراد البرقاوي، مرحلة ثالثة اقتصاد، يقدمون مقترحات زراعية لحل مشاكلهم، «لا نريد العمل في الوظيفة العمومية، بل نريد الماء لإصلاح أراضينا، وسقي بساتين زياتيننا، حيث يحيط بنا ماء السد من الجهات الأربع، وبقيت أراضينا كجزيرة قاحلة وسط بحر من الماء العذب». وكان شعارهم «نريد الماء لا الوظيفة العمومية.. نحن 26 أسرة وأبسط أسرة تمتلك نحو 7 هكتارات على الأقل، نريد الماء والكهرباء، ولدينا حلول، ومنها ماء السد الذي لا يبعد عنا أكثر من 5 كيلومترات، هذه خسارة وطنية وليست خسارة لنا فقط».

ولم يغب عن المشهد أهم وأبرز مظاهرة وهي الحالات الاجتماعية الصعبة، التي كان واضحا أنها خارج جميع الحسابات، ما عدا تلك التي لا تستوعبهم ولا تقبل بهم ولا تعيرهم اهتماما، مدفوعين حتى في الاجتماعات الجماهيرية مع المسؤولين في تونس الجديدة «الزواولية (الفقراء) ما حد سايل عليهم، ولدي كان من شباب الثورة، وأنا وزوجي نعيش في حالة وبيتنا تقطر علينا عندما تنزل المطر وماحدش ساعدنا، ووقت طلبنا بحقوقنا ثم آشكون سبنا وعيرنا بكلام ما يتقال»، قالت ذلك امرأة رثة الحال، عضها الفقر، وتجسدت فيها الفاقة.

ومن المشاكل التي يعاني منها أهالي منزل مهيري، مصب للمرجين، يؤذي الأهالي، ويقع مكان طريق تم تجميد تنفيذه للغرض، وعمد بعضهم لربط قنوات الصرف الصحي الخاص به بقنوات لتصريف مياه الأمطار مما يهدد بكارثة بيئية.

وقد أوضح والي القيروان عبد المجيد لغمان، أنه «تم تقديم مقترحات للسلطات العليا على مستوى الجهات، وأرسلناها إلى وزارة التنمية، وأرسلنا وفدا للدفاع عن هذه المقترحات، ونرجو أن تتم الموافقة عليها والمصادقة عليها في المجلس التأسيسي، وعندما يتم ذلك سنعلن عن المشاريع التي سيتم القيام بها في المنطقة».

الوالي زار أماكن مشاريع مقترحة لعام 2013، ومنها إقامة منطقة صناعية في منزل مهيري، حيث طمأن الأهالي الذين أبدوا بعض التحفظات من أن المنطقة الصناعية ستكون خاصة بالمنتوجات الفلاحية دون غيرها، ولن يكون لها بالتالي أي تأثير على البيئة. وشدد على أن جميع الثروات الطبيعية التي تتمتع بها ولاية القيروان سيتم تصنيعها في داخل حدود الولاية، وأن الماء المتوفر في المنطقة يجب البحث له عن بديل عاجل إذا كان غير صالح للشرب.

وأعرب عن أسفه لأن «80 في المائة من المشاريع المعطلة سببها مواطنون يعترضون على طريقة تنفيذها ويطالبون بإقحامهم فيها، وعدم تفهم سياسة التدرج، بينما هي مرتبطة بمعطيات محددة». واستشهد بحوادث غلق مصانع وإيقاف مشاريع بسبب الاعتصامات، والاعتراضات، ورفض آلية المراحل.

وأكد الوالي على أن الأراضي الدولية سيتم «إسقاط حق بشأن المستثمر الموجود حاليا في المنطقة وستقوم مصالح الأراضي الدولية بتسيير الأراضي التي كانت تحت تصرفه بشكل مؤقت إلى أن يتم البت فيها. وسيقوم كاتب الدولة للفلاحة الحبيب الجملي الذي ينتمي للمنطقة بالمشاركة في عملية إعادة توزيع الأراضي، سواء بمنحها للعاطلين عن العمل، وتوفير الماء لهم لإفلاح الأرض والحصول على مورد عمل، أو إعادة منحها لأناس يستطيعون إفلاحها وتوفير فرص عمل لأهالي المنطقة». وكشف عن مساعٍ لمنح الولاة حق النظر في إسناد الأراضي الدولية لمن يستحقها بالتعاون مع وزارة أملاك الدولة، وذلك على وجه الكراء إلى أن يصدر قانون التفويت في الأراضي الدولية في الفترة القادمة، لأناس لديهم القدرة على استغلالها من حيث العلم والتجربة، ويحققون الكرامة والعيش الكريم لأسرهم.

وفي رده على سؤال بخصوص الأراضي التي تم افتكاكها من أصحابها في عهد المخلوع، أشار الوالي إلى أن «أي مواطن يستظهر بملكيته لأراض مصادرة، سنساعده على استردادها عبر القضاء دون تدخل في سيره».

وعندما عاد والي القيروان إلى مقر الولاية، كان مكب المرجين قد أغلق، بالتفاهم مع صاحب المعصرة، كما كلف من ينهي مشكلة ربط قنوات الصرف الصحي، مع قنوات تصريف مياه الأمطار. واتفق مع الفلاحين، بمن فيهم حملة الشهادات، على إضافتهم للمنطقة السقوية، وأن تقام المنطقة الصناعية بمنزل مهيري في 2013.