«ستاندرد آند بورز» تخفض التصنيف الائتماني لمصر لنفس مستوى اليونان مع نظرة مستقبلية سلبية

الحكومة تبحث عن مصادر بديلة لسد عجز الموازنة بعيدا عن الاقتراض الداخلي

TT

خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني طويل الأمد لمصر إلى مستوى (- B) من مستواه السابق عند (B)، وهو نفس التصنيف الائتماني لليونان التي تعاني أزمة اقتصادية حادة.

ويعتبر التصنيف الجديد هو أدنى من مستوى التوصية بالاستثمار في البلاد بنحو ست درجات، وقالت الوكالة إن السبب في هذا التصنيف هو التدهور في المؤشرات الاقتصادية وتراجع احتياطي النقد الأجنبي وعجز الموازنة. وقالت «ستاندرد آند بورز»: «إنه من المرجح حدوث تخفيض جديد للتصنيف إذا وجدنا أن الحكومة غير قادرة على منع تدهور المؤشرات المالية».

وفي تعليقها على مفاوضات مصر للحصول على قرض صندوق النقد الدولي، قالت «ستاندرد آند بورز»: «من وجهة نظرنا، فإنه إذا ظل الاستقطاب الحالي بين حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية للإخوان المسلمين) وباقي أقسام المجتمع قائما - فإن توافر القاعدة العريضة من الدعم المحلي والدولي، الذي يراه صندوق النقد الدولي ضروريا من أجل التنفيذ الناجح للسياسات المخططة بموجب برنامج الإصلاح الحكومي، يبقى بعيدا عن متناول اليد، وسيبقى برنامج الإصلاح غير فعال».

وقال وزير المالية المصري، ممتاز السعيد، في وقت سابق، إنه من المحتمل أن يصل عجز الموازنة بنهاية العام المالي الحالي إلى 200 مليار جنيه (الدولار يساوي 6.169 جنيه) إذا استمرت أوضاع البلاد كما هي عليه، وأيد ما قاله الوزير، التقرير الصادر عن وزارة المالية الذي أوضح أن عجز الموازنة خلال الخمسة أشهر الأولى من العام المالي الحالي من يوليو (تموز) حتى نوفمبر (تشرين الثاني) وصل إلى 80 مليار جنيه. وقال محللون إن الحكومة أصبحت في موقف صعب الآن، وعليها أن تبدأ اتخاذ خطوات جدية للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، لأن هذا قد يحول دون اتخاذ مؤسسات التصنيف الأخرى نفس نهج «ستاندرد آند بورز» خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيزيد الأعباء على الحكومة المصرية من حيث قدرتها على جذب الاستثمارات الخارجية، وسترتفع تكلفة اقتراضها، سواء من الداخل أو من الخارج.

وقال إندرياس باور، رئيس قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد، لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، إن الصندوق لا يأخذ في اعتباره التصنيفات الائتمانية التي تصدرها المؤسسات الخاصة، ولا تؤثر في قراره منح قروض للدول. يأتي هذا في الوقت الذي تسعي فيه الحكومة المصرية إلى تدبير أي أموال لمواجهة مطالبها المتزايدة بعيدا عن الاستدانة الداخلية، حيث تراجعت الحكومة أول من أمس عن اقتراض 1.1 مليار جنيه من خلال إصدار أذون خزانة جديدة، لتقلص قدر الإمكان سعر الفائدة على أذون الخزانة التي طرحتها من أجل توفير سيولة تمكنها من دفع أجور الموظفين ومواجهة الاحتياجات العاجلة، في ظل معاناتها من عجز كبير في الموازنة العامة للدولة.

وأكدت بيانات صادرة عن البنك المركزي، بشأن طروحات أذون الخزانة أمس، أن الحكومة كانت تعتزم اقتراض 4.5 مليار جنيه، إلا أنها اكتفت بنحو 3.4 مليار جنيه. وهو ما فسره الخبير المصرفي أحمد سليم بأن «الحكومة تحاول التقليل قدر المستطاع من الاعتماد على وسيلة واحدة للاقتراض من خلال البنوك والممثلة في (أدوات الدين العام وأذون وسندات الخزانة)».

وأشار سليم إلى أن إقراض الحكومة لأموال البنوك قضى على الاستثمار المباشر وعمليات التمويل المقدمة للقطاع الخاص، التي أصبحت محدودة للغاية بعد أن كانت تزيد على 15 عملية كبرى في العام. وأوضحت البيانات أن البنوك قامت بقدر الإمكان بتثبيت سعر الفائدة على الحكومة رغم المؤشرات السلبية للاقتصاد وحالة الارتباك في السياسات الاقتصادية والسياسية، حيث منحت البنوك الحكومة أمس مليار جنيه لأجل 91 يوما بسعر فائدة 12.9% وهو نفس سعر الفائدة الذي فرضته البنوك الأسبوع الماضي، كذلك ضخت لها 2.4 مليار جنيه لأجل 266 يوما بسعر فائدة 13.48% وهو نفس سعر الفائدة للأسبوع الماضي.

وكانت تسعى وزارة المالية في الحصول على 3.5 مليار جنيه بموجب أذون الخزانة لأجل 13.48% إلا أنها قلصت هذا العطاء 1.1 مليار جنيه لتقليص الفائدة المطلوبة منها قدر الإمكان. في السياق ذاته، قالت مصادر مالية واقتصادية لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة سوف تبحث عن آليات تمويلية لجذب عملة أجنبية داخل السوق تساعد في سد الاحتياجات المتزايدة، منها طرح أراض للمصريين في الخارج خلال شهر يناير (كانون الثاني). ومد آجال شهادة المصري في الخارج مع الانتظار لإقرار قانون الصكوك الإسلامية لتفعليه.

وبحسب ممتاز السعيد وزير المالية، تستهدف الحكومة جمع ما يتراوح ما بين 500 مليون دولار إلى مليار دولار من خلال حصيلة بيع عدد من قطع الأراضي المطروحة للعاملين المصريين في الخارج.

وأضاف السعيد أن وزارته قد اتفقت مع هيئة المجتمعات العمرانية على تسهيل السداد للعاملين في الخارج الراغبين في شراء الأراضي التي سيتم طرحها خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى تخفيض أسعار الأراضي وذلك لتشجيع المصريين العاملين في الخارج على شراء تلك الأراضي.

كما كشفت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» عن تمديد طرح شهادة المصري في الخارج لعدة أشهر ضمن 6 أسواق عربية اتفق معها في وقت سابق، مشيرا إلى عمل الحكومة على عدة مسارات لتوفير عملة أجنبية تدعم بها الاحتياطي النقدي البالغ حاليا 15 مليار دولار بعد فقده أكثر من 22 مليار بعد ثورة يناير.