السعودية تستهدف رفع معدلات رفاهية مواطنيها من خلال إقرار الميزانية

1.5 تريليون ريال حجم الاستثمار في المشاريع الجديدة خلال 10 سنوات

TT

في خطوة تستهدف المضي قدما نحو التنمية، والاستثمار في مشاريع البنية التحتية، وتحقيق أعلى معدلات الرفاهية للمواطن، اعتمدت السعودية يوم أمس الميزانية الأضخم في تاريخها للعام المالي الجديد 2013، وهو الأمر الذي يعني أن حجم نمو الاقتصاد الوطني خلال العام الميلادي الجديد سيحقق قفزة نوعية جديدة، بسبب زيادة الاستثمارات الحكومية من خلال الإنفاق الرأسمالي.

وتنقسم الميزانية السعودية المعتمدة للإنفاق الحكومي إلى إنفاق جار وهو ما يتعلق بمخصصات رواتب موظفي الدولة، والبدلات، والتشغيل، وغيرها من الأمور المشابهة، في حين يتعلق الإنفاق الرأسمالي بحجم الإنفاق المقدم على المشاريع الجديدة.

وبحسب مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن السعودية اعتمدت خلال السنوات العشر الماضية نحو 1.5 تريليون ريال (400 مليار دولار) للإنفاق الرأسمالي، وهي أرقام تعد الأعلى من حيث حجم الإنفاق على مستوى منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة. وبحسب معلومات توافرت لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن جزءا كبيرا من حجم فائض الميزانية السعودية للعام المالي 2012، البالغة 386 مليار ريال (103 مليارات دولار)، ستتجه إلى الاستثمار في الإنفاق الرأسمالي، ويتمحور هذا الإنفاق بشكل رئيسي على مشاريع النقل بين المدن السعودية، والرعاية الصحية.

وارتفعت الزيادة المقدرة لحجم الإنفاق الحكومي خلال عام 2013 بما مقداره 130 مليار ريال (34.6 مليار دولار) عما كانت عليه مخصصات العام الماضي 2012، ليكون بذلك حجم الإنفاق المقدر خلال العام المالي الجديد والبالغ 820 مليار ريال (218.6 مليار دولار)، هو الإنفاق التاريخي الأكبر على مستوى البلاد من جهة، وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى.

وأمام هذه المستجدات على صعيد ميزانية الدولة، أكد الدكتور إحسان بو حليقة، عضو مجلس الشورى السابق والخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن الحكومة السعودية ركزت خلال السنوات العشر الماضية على مشاريع الإنفاق الرأسمالي، وقال: «هناك وتيرة متصاعدة في معدلات النمو على الإنفاق الحكومي بشكل كامل، وهناك جزء كبير من حجم هذا الإنفاق يتجه إلى الإنفاق الرأسمالي، حتى حقق أرقاما قياسية غير مسبوقة خلال الفترة الحالية».

وأوضح الدكتور بو حليقة أن حجم الإنفاق الرأسمالي ارتفع خلال الموازنة الجديدة بنسبة 600% عما كان عليه في وقت سابق، مشيرا إلى أن هذا التطور يأتي في ظل حرص السعودية على تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطن بشكل مباشر. ولفت الدكتور بو حليقة إلى أن القطاع الخاص السعودي ما زال غير قادر على خلق بيئة وظيفية مناسبة أمام السعوديين، يأتي ذلك على رغم استفادته المباشرة من الإنفاق الحكومي الضخم، وقال: «عندما يكون هنالك حجم إنفاق عال من قبل الحكومة، فإنه من الطبيعي أن يستفيد القطاع الخاص من هذا الإنفاق، وبالتالي ينعكس هذا الأمر على واقع الفرص الوظيفية أمام السعوديين، إلا أن هذا الأمر غير موجود على أرض الواقع».

وكشف بو حليقة عن ارتفاع حجم العمالة التي تم استقدامها خلال العام الحالي مقارنة بما كانت عليه خلال العام الماضي 2011، موضحا أن هذا الارتفاع جاء نتيجة للنشاط الاقتصادي والتجاري الكبير الذي حققه القطاع الخاص في البلاد، في ظل الإنفاق الحكومي الضخم على المشاريع التنموية.

ولخص الدكتور بو حليقة التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي بشكل كامل بثلاثة تحديات مهمة، وقال: «هذه التحديات ترتكز في ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين، وتعثر إنجاز كثير من المشاريع الحكومية، وعدم قدرة وزارة الإسكان حتى الآن على تقديم الحلول الممكنة لحل معضلة الإسكان في البلاد، رغم الدعم المالي الكبير جدا الذي وجدته مشاريع هذه الوزارة».

وأوضح الدكتور بو حليقة أن عدد المشاريع المتعثرة في السعودية تبلغ خلال الفترة الحالية نحو 3 آلاف مشروع، مشيرا إلى أن تعثر هذه المشاريع، رغم وجود المخصصات المالية اللازمة لها، يدل على شائكة كبيرة جدا تواجه قطاع الإنشاءات في البلاد. من جهة أخرى، أكد فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن استمرار معدلات الإنفاق الحكومي في النمو في السنوات القليلة الماضية سيقود إلى تحسين مستوى رفاهية المواطن بشكل مباشر، وقال: «حظيت مشاريع الصحة، والتعليم، والنقل، والإسكان بجزء كبير من حجم الإنفاق الحكومي المخصص للعام المقبل 2013. وهو الأمر الذي سيقود بالتالي إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطن بشكل مباشر».

وأوضح العقاب أن القطاع الخاص يعد شريكا استراتيجيا مع القطاع العام في الحركة التنموية للبلاد، مضيفا: «زيادة الإنفاق الحكومي تساهم في رفع وتيرة الحركة التجارية، مما يؤدي بالتالي إلى استفادة القطاع الخاص، ليحقق بذلك عوائد أفضل، ويتضح ذلك من خلال العمل بالتعاون مع شركات ومؤسسات القطاع الخاص على مكافحة البطالة، وتحقيق أعلى معدلات توطين الوظائف».

وذكر العقاب أن استمرار السعودية في زيادة حجم الإنفاق الحكومي بشكل متصاعد أمر يدل على حكمة القيادة في البلاد على استثمار المدخرات المالية بما يحقق أعلى معدلات التطور والنمو لمشاريع البنية التحتية.