الإشاعات وليس التلوث الإشعاعي.. أكبر تحديات المنتجات الغذائية في فوكوشيما اليابانية

صاحب مصنع ألبان لـ «الشرق الأوسط»: الكثير من محلات السوبر ماركت ترفض توزيع منتجاتنا

بيكاي نهاي رئيس مصنع «آيزو شو نايوغايو»
TT

تطارد شركات الأغذية في ولاية فوكوشيما إشاعات التلوث بالإشعاع الذري رغم الاختبارات العلمية التي تؤكد سلامتها من التلوث المضر. وتحظر السلطات الصحية في اليابان توزيع وتصدير أي منتجات من منطقة فوكوشيما إلا بعد إصدار شهادة صحية بسلامتها من التلوث. وقال خبراء صحة دوليون على هامش المؤتمر الوزاري لسلامة الطاقة الذرية الذي عقد في مدينة كوريياما أكبر مدن الولاية، إن المنتجات التي تصدر أو توزع من إقليم فوكوشيما تعد أكثر المنتجات صحة لأنها المنتجات الغذائية الوحيدة التي تخضع لاختبارات في كل مراحل إنتاجها. وتواصل وزارة الصحة والعمل بالتعاون مع السلطات المحلية في مدن فوكوشيما نشر المعلومات عن مستوى التلوث في الأغذية والمنتجات والتأكد من سلامتها قبل توزيعها. ويلاحظ أن معظم الأعمال التجارية والمصانع المتخصصة في صناعة الأغذية قد تأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر بالتسرب الإشعاعي ولكنها الآن بدأت تعود للإنتاج والتوزيع وإن كانت تعاني من الإشاعات ورفض بعض محلات السوبر ماركت توزيع منتجاتها. ولاحظت «الشرق الأوسط» أن معظم الوفود وخبراء الصحة الدوليين الذين حضروا المؤتمر الوزاري لسلامة الطاقة الذرية في مدينة كوريياما أشادوا بالجهود اليابانية لتنظيف منطقة فوكوشيما من التلوث الإشعاعي والشفافية التي اتبعتها اليابان في الإعلان عن مستوى التلوث وكيفية الفحص العلمي على الأغذية والمنتجات.

وزارت «الشرق الأوسط» مع فريق الصحافة الأجنبية في الأسبوع الماضي مصنعا لمنتجات الألبان في إقليم آيزو شرق اليابان وغرب ولاية فوكوشيما للتعرف على تأثر الشركات الصغيرة والمتوسطة في اليابان بعد كارثة الزلزال والتوسنامي وما تلاه من عطب في مفاعل داييتشي وتسرب إشعاعات ذرية في بعض أنحاء منطقة فوكوشيما وكيف تمكنت هذه الشركات من الاستمرار في تلك الظروف القاسية. ومصنع «آيزو شو نايوغايو» الذي زارته «الشرق الأوسط» مع الفريق الصحافي الأجنبي الذي دعته وزارة الخارجية مصنع من النوع المتوسط الذي يبلغ دخله السنوي نحو 600 مليون ين (نحو 70 مليون دولار). وقال رئيس المصنع بيكاي نهاي إنه من الجيل الثاني الذي ورث المصنع بعد وفاة والده الذي أسسه بعد عودته من الأسر في روسيا. ولد بيكاي نهاي في عام 1945 وكان والدي يعمل في الجيش الياباني وعمل في خطوط «منشوريا» وأعتقل لثلاثة أعوام في روسيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان وحينما رجع إلى اليابان في العام 1948 أنشأ هذا المصنع.

وقال بيكاي إن منطقة آيزو لم تتأثر بالتسونامي مثل المناطق الأخرى ولكن منتجات الحليب تعرضت للحظر ضمن الحظر الذي شمل المنتجات الغذائية من جميع نواحي فوكوشيما. وقال كان على مصنعنا أن يوفر الحليب ومنتجات الألبان لنواحي فوكوشيما الأخرى خاصة مناطق هامدوري وكامدوري التي تأثرت بشدة من التوسنامي وبعضها بالإشعاعات التي تسربت من المفاعل ولحسن الحظ كان لدينا مخزون احتياطي من الحليب. قال بيكاي إن أول تحد واجهنا هو النقص في الوقود. ثم تلاه أن السلطات حظرت توزيع المنتجات من جميع إقليم فوكوشيما إلى حين التأكد من سلامة المنطقة من الإشعاعات واستمر هذا الحظر لمدة أربعة أيام. وبالتالي كانت هناك مشكلة في الحصول على الحليب من المنطقة. ولكن لحسن الحظ كان لدينا مخزون احتياطي كاف من الحليب غطى احتياجاتنا للأربعة أيام الأولى ولكن مع زيادة الطلب من المناطق الأخرى، خاصة التي تدمرت بفعل التسونامي اضطررنا للحصول على الحليب من الولايات الأخرى ولكن واجهنا مشكلة التكيف مع المواصفات المكتوبة والتي تحملها عبوات منتجاتنا وهي أن جميع المكونات تأتي من منطقة آيزو. وأضاف لحسن الحظ فإن السلطات في الولاية سمحت لنا بتجاوز هذه المشكلة والتوزيع رغم أن الحليب ليس من أبقار المنطقة.

وقال في أعقاب رفع الحكومة للحظر واجهتنا مشكلة أخرى وهي أن بعض المتاجر ومحلات السوبر ماركت رفضت توزيع منتجاتنا بحجة أن الأغذية الواردة من إقليم فوكوشيما منتجات ملوثة بالإشعاع الذري رغم أن الفحوصات العلمية وشهادات التوثيق الحكومية أثبتت سلامة منتجاتنا من الإشعاع الذري. وقال إن مبيعاتنا خارج إقليم فوكوشيما انخفضت بنسبة 80 في المائة في الشهور الأولى التي تلت التسونامي ولكن هذه المبيعات بدأت ترتفع مرة أخرى بفضل الجهود الحكومية وجهودنا في الترويج وتصحيح المعلومات الخاطئة عن منتجاتنا ولكننا لم نتمكن بعد من استعادة كامل مبيعاتنا أي المستوى الذي كانت عليه قبل الزلزال. وينتج المصنع الذي زارته «الشرق الأوسط» بالإضافة إلى الحليب أنواعا مختلفة مثل الزبادي والحليب المخلوط بالقهوة. وقال إن التكلفة المصاحبة لعملية صناعة الألبان ومنتجاتها في اليابان مرتفعة وبالتالي فهي عملية غير مربحة خاصة ونحن لا نزال نفقد بعض الزبائن في المناطق خارج فوكوشيما. وأشار إلى أن المبيعات الشركة خارج ولاية فوكوشيما لا تزال منخفضة عن مستوياتها قبل التسونامي بمعدل 20 في المائة.