ثبات معدلات البطالة في منطقة اليورو لكنها لا تزال أعلى من التوقعات.. وأرقام قياسية في إسبانيا

فرنسا تتحدث عن خفض للعجز في الموازنة.. وبرلين ترفض منح اليونان شيكا على بياض ومعاملة خاصة لقبرص

TT

مع عودة النشاط تدريجيا إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي ببروكسل عقب انتهاء عطلة أعياد الميلاد والعام الجديد، وانتقال الرئاسة الدورية للتكتل الأوروبي الموحد من قبرص إلى آيرلندا، جرى الإعلان في بروكسل عن ثبات معدلات البطالة في منطقة العملة الأوروبية الموحدة عند معدل 2.2 في المائة، لكنها تظل أعلى من التوقعات. وبالتزامن، شهدت الدول الأعضاء تطورات خلال الساعات القليلة الماضية تمثلت في إعلان باريس عن خفض العجز في الموازنة والوصول إلى الرقم المحدد في خطط سابقة، بينما وصلت معدلات البطالة في إسبانيا إلى أرقام قياسية جديدة، على حين وجهت برلين رسائل شديدة اللهجة إلى دول متعثرة مثل اليونان وقبرص.

وقالت الحكومة الألمانية إنها لن توافق على منح قبرص معاملة خاصة للتعامل مع طلبها الحصول على مساعدة مالية أوروبية، وفي الوقت نفسه لن تسمح برلين بمنح اليونان شيكا على بياض. وتعتبر ألمانيا وفرنسا في صدارة الاقتصادات الكبرى على صعيد التكتل الأوروبي الموحد. ففي عاصمة أوروبا الموحدة جرى الإعلان عن احتفاظ معدل التضخم السنوي بمنطقة اليورو برقم 2.2 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من دون تسجيل أي تغيير مقارنة بنوفمبر (تشرين الأول) السابق، وفقا لبيانات أولية صادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). ويعتبر هذا الرقم أعلى من التوقعات التي تحدثت عن 2.1 في المائة، ويتوقع المصرف المركزي الأوروبي أن يصل معدل التضخم في العام الحالي إلى 1.6 في المائة، ويصل إلى 1.4 في المائة العام القادم.

وتشير البيانات الأولية إلى أن قطاع الطاقة سجل أعلى نسبة تضخم بمنطقة العملة الموحدة خلال الشهر الماضي (5.2 في المائة مقابل 5.7 في المائة في نوفمبر)، تلاه الأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ (3.1 في المائة مقابل 3 في المائة)، ثم الخدمات (1.8 في المائة مقابل 1.6 في المائة). ومن المقرر أن يعلن «يوروستات» عن البيانات النهائية لمعدل التضخم خلال ديسمبر الماضي، سواء بمنطقة اليورو أو الاتحاد الأوروبي في 16 يناير (كانون الثاني) الحالي. ويأتي ذلك بعد أن تأكد تباطؤ النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو في ديسمبر، إذ انخفضت نسبة الطلبات الجديدة التي سجلتها الشركات الصناعية في منطقة اليورو. وبحسب وكالة «ماركت»، فقد تراجع مؤشر النشاط إلى 46.1 في المائة في ديسمبر، بعد أن كان 46.2 في المائة في نوفمبر، وهذا ما يؤكد أن اقتصاد منطقة اليورو اتجه إلى الركود في الربع الأخير من العام الماضي.

وعلى صعيد التطورات في الدول الأعضاء، قال وزير الاقتصاد الفرنسي بيير موسكوفيسي، إن التقديرات الأولية تفيد بأن بلاده تمكنت من الوصول لهدف خفض العجز العام إلى 4.5 في المائة خلال عام 2012. وأشار إلى أن خفض هذه النسبة إلى 3 في المائة هو هدف هذا العام. وجاءت تصريحات موسكوفيسي خلال مقابلة نشرتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، حيث قال إن جميع الدلائل تشير إلى أن البلاد وصلت لهدف العجز المحدد عند 4.5 في المائة، وأن بيانات تحصيل ضرائب الشركات في أواخر 2012 مطابقة للتوقعات الأخيرة البالغة قيمتها 40.3 مليار يورو لهذا العام، أو أفضل قليلا.

وقال إن الشيء ذاته ينطبق على ضرائب الدخل، التي ستتجاوز قيمتها 59 مليار يورو خلال العام الماضي، بما يتفق مع التوقعات، مشيرا إلى أن بيانات ضريبة القيمة المضافة لم تعرف بعد. وفي ما يتعلق بالعام الجديد، أكد الوزير الفرنسي أن حكومة باريس لن تتنازل عن توقعاتها بتحقيق نمو اقتصادي يقدر بـ0.8 في المائة خلال 2013، النسبة التي يرى كثير من المحللين أنها تعكس تفاؤلا مفرطا من جانب السلطات.

وأضاف موسكوفيسي أن الحكومة الفرنسية لن تتراجع أيضا عن هدف الوصول بالعجز العام إلى 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، حتى لو حددت المفوضية الأوروبية الهدف عند 3.5 في المائة.

وفي برلين، جرى الإعلان عن أن عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا سجل ارتفاعا في شهر ديسمبر الماضي بمعدل ثلاثة آلاف شخص، لكنه ما زال بمعدل 6.9 في المائة، وهو الارتفاع الذي جاء أدنى من توقعات المحللين. وقد أوضح أحدهم أن الشركات تسعى إلى إبقاء الأيدي العاملة الكفؤة، مما يمنع ارتفاع معدل البطالة. ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المواطنين في بلادها لإظهار الوحدة والشجاعة وبذل جهود مشتركة لمواجهة وضع اقتصادي يزداد تعقيدا.

وذكرت ميركل في رسالتها بمناسبة عيد رأس السنة «الوضع الاقتصادي لن يتحسن العام المقبل، لكنه سيتفاقم. لكن هذا لا يجب أن يحبطنا بل على العكس يجب أن يكون حافزا لنا». وأوضح أنه لضمان «رخاء ووحدة» الألمان، من الضروري «التوازن العادل» وبذل الجهد «لتحقيق أمان على مستوى اجتماعي للجميع». وقالت «أزمة الديون في أوروبا تظهر لنا الآن أن الأمر المهم يكمن في هذا التوازن. بدأنا نجني ثمار الإصلاحات التي أقررناها. ومع ذلك، فإننا لا نزال نحتاج مزيدا من الصبر. الأزمة لن نتجاوزها قريبا». وأفادت «كذلك على المستوى الدولي فإنه لا يزال يتعين بذل الكثير لتحسين الرقابة على الأسواق المالية». وأضافت أن البلاد ودعت عام 2012 بأدنى معدل للبطالة منذ توحيد ألمانيا في عام 1990.

وفي إسبانيا، سجل معدل البطالة أول تراجع في شهر ديسمبر منذ نحو خمسة أشهر، وهو يعود بشكل أساسي إلى انتعاش قطاع التوظيف خلال موسم الميلاد. وجاء التراجع بعدما سجلت إسبانيا معدلا قياسيا لعدد العاطلين عن العمل في الربع المالي الثالث بلغ خمسة وعشرين في المائة.

وحول الملف القبرصي، قال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي إن قبرص لن تحصل على معاملة خاصة أو امتيازات لحل أزمتها. وأشار إلى أن خطة إنقاذها المنتظرة ستسير وفقا للإجراءات المعتادة. وجاءت تصريحات فسترفيلي لصحيفة «دي فيلت» الألمانية، حيث أكد أن الاتحاد الأوروبي لديه «آليات معروفة» لتحقيق الاستقرار المالي، ونفى أن قبرص ستحصل على معاملة خاصة. وأشار السياسي الليبرالي إلى أن الاتحاد الأوروبي «مستعد للتضامن شريطة أن يكون ذلك مقابل إصلاحات هيكلية حقيقية».

وقال إن «اليونان لن تحصل على شيك على بياض، وقبرص كذلك»، مطالبا نيقوسيا في هذا السياق بإجراء إصلاحات في قطاعها المصرفي. وأضاف فسترفيلي أن «الشفافية المصرفية من الأمور التي ينبغي أن تتناولها قبرص في إطار الإصلاحات الهيكلية». ومن المقرر أن يبحث وزراء مالية دول منطقة اليورو في 21 من يناير الحالي أزمة قبرص، التي طلبت الصيف الماضي مساعدة من شركائها الأوروبيين، يمكن أن تصل قيمتها حتى 17.5 مليار يورو.