تونس: ميزانية 2013 يطغى عليها التفاؤل السياسي

الحكومة تسعى إلى تحقيق نسبة نمو سنوي بنحو 4.5%

تسعى الحكومة من خلال الميزانية الجديدة إلى توجيه القسط الأكبر من جهودها نحو دعم سياسة التشغيل (أ.ب.ف)
TT

تسعى الحكومة التونسية خلال سنة 2013 إلى تحقيق نسبة نمو في حدود 4.5 في المائة وتعول في ذلك على ميزانية عامة مقدرة بنحو26.7 مليار دينار تونسي (نحو 19 ألف مليون دولار)، مقابل 25 مليار و401 مليون دينار تونسي سنة 2012، أي بنسبة زيادة تقدر بـ3.1 في المائة.

وكان حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية الحالية قد صرح أثناء إلقائه بيان حول الميزانية الجديدة نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن تونس تعمل على تحقيق نسبة نمو بـ4.5 في المائة عام 2013 مقابل 3.5 في المائة تتطلع إليها خلال 2012، كما تسعى إلى تقليص عجز الميزانية من 6.6 في المائة سنة 2012 إلى 5.7 في المائة سنة 2013. وصرح كذلك أن الحكومة لن تعمل على الترفيع في الأداءات بالنسبة للمستثمرين الصغار والعائلات في دعوة لاستقرار رؤوس الأموال في تونس، وذلك على عكس كبرى الاستثمارات التي قد تعرف خلال السنة الجديدة بعض الارتفاع على مستوى الأداءات الجبائية لدعم موارد الدولة.

وتسعى حكومة حمادي الجبالي من خلال الميزانية الجديدة إلى توجيه القسط الأكبر من جهودها نحو دعم سياسة التشغيل (تعاني البلاد من نسبة بطالة لا تقل عن 17 في المائة من اليد العاملة النشيطة وهو ما يقارب المليون عاطل عن العمل) وتعديل توجهات التنمية الجهوية (القضاء على جانب من تأخر معدلات التنمية في المناطق الداخلية ممثلة بالخصوص في القصرين وسليانة وسيدي بوزيد، الجهات التي كانت مهدا للثورة التونسية). كما تعمل على تطوير البنية التحتية (طرقات ومسالك فلاحية لضمان سيولة الإنتاج) هذا بالإضافة إلى مواصلة سياسة دعم المنتجات الاستهلاكية مع توجيه الدعم لأصحابه من الفئات المحتاجة. ولا تخفي الحكومة توجهها نحو المزيد من التقشف في مصاريف الحكومة والدولة بهدف إيجاد معادلة مالية صعبة تتقارب من خلالها المداخيل مع المصاريف.

وعلى الرغم من طبع التفاؤل الذي يلازم القيادات السياسية، فإن خبراء في الاقتصاد يرون أن على تونس توخي الحذر في ظل التقلبات السياسية التي لا تزال تعرفها البلاد. كما أن مقادير الدعم لمعظم السلع الاستهلاكية تثقل كاهل الميزانية وتجعل من الصعب إيجاد معادلة وسط بين الإنفاق والمداخيل المتذبذبة سواء بالنسبة للقطاع السياحي أو الفلاحي أو كذلك على مستوى الصادرات في ظل تقلص طلب السوق الأوروبية وانكماشه.

وفي هذا الشأن صرحت لبنى الجريبي مقررة لجنة المالية بالمجلس التأسيسي (البرلمان) لـ«الشرق الأوسط» أن إعادة النظر في سياسة صناديق الدعم في ميزانية الدولة لسنة 2013 تبقى مسألة ضرورية وأضافت أن معظم المبالغ المالية المرصودة لدعم الفئات الاجتماعية الضعيفة تذهب في واقع الأمر إلى غير مستحقيها، وترى أنه من الضروري بمكان خلال فترة ما بعد الثورة، ترشيد نفقات الدولة وإيجاد موارد جبائية أخرى للمحافظة على التوازنات المالية للبلاد ودعت إلى مقاومة ظاهرة التضخم المالي الكبير الذي بات يعاني منه الاقتصاد التونسي.

ولا تزال نفقات الدعم للمواد الاستهلاكية «كثيرة الطلب» مرتفعة للغاية وقد ارتفعت من 1500 مليون دينار تونسي (نحو ألف مليون دولار أميركي) سنة 2010 إلى 2800 مليون دينار تونسي (قرابة ملياري دولار) في سنة 2011 وعاودت تلك النفقات الارتفاع من جديد سنة 2012 إلى حدود 3200 مليون دينار تونسي. وخلال ميزانية سنة 2013 من المتوقع أن تبلغ 4200 مليون دينار تونسي (قرابة 3 مليارات دولار).

ويرى الخبير الاقتصادي التونسي الهاشمي عليه أن هذا الواقع الاقتصادي التونسي المتسم بضغوط ومتطلبات التنمية والتشغيل يفرض حتما إعادة النظر، ولو بشكل نسبي في سياسة الدعم وهو ما يفسر حسب رأيه توجه قانون المالية للسنة الجديدة نحو إقرار مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى توجيه الدعم نحو مستحقيه من الفئات الاجتماعية الضعيفة.

وتواصل ميزانية الدولة للسنة الجديدة دعمها كثيرا من المواد الاستهلاكية الغذائية على غرار الخبز والعجين بمختلف أصنافه والحليب والزيت والسكر. كما تقدم دعما في مجال الطاقة والكهرباء والغاز والمحروقات والنقل المدرسي إلى جانب تحمل بعض المؤسسات العمومية جانبا من الدعم المقدم للتونسيين في مجال الأدوية والمخزونات الغذائية الموجهة لتعديل السوق على غرار البيض والحليب واللحوم (الدواجن على وجه الخصوص).

وتعمل الحكومة التونسية خلال ميزانية سنة 2013 على إعادة تحديد الأولويات في مجال تعبئة موارد الدولة والتصرف، وتعول على دعم مجموعة من الكتل الاقتصادية من بينها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية للنهوض بعمليات الاستثمار سواء المباشر أو غير المباشر. إلا أن قائمة طويلة من المستثمرين ما زالت تستشعر الخوف من التوجه إلى السوق التونسية في ظل بعض التقلبات السياسية وعدم الاستقرار السياسي الذي يبقى ضمانة أساسية قلل التوجه نحو ضخ الاستثمارات إلى الاقتصاد التونسي الذي كانت مؤشراته سلبية غداة ثورة 14 يناير (كانون الثاني) من سنة 2011.