2012.. العام الأسوأ لمبيعات السيارات في أوروبا

سجلت تراجعها الأدنى منذ 33 عاما

تراجعت مبيعات السيارات الأوروبية 14 شهرا متواليا في نوفمبر الماضي (إ. ب. أ)
TT

وصف العام المنصرم 2012 بأنه الأسوأ لمبيعات السيارات في أوروبا، وخاصة بعد أن اتبعت حكومات عدة دول سياسات تقشف لتفادي السقوط في دوامة أزمة الديون السيادية التي طالت اليونان وآيرلندا والبرتغال وانتظار قبرص والمجر ودول أخرى الفرصة للحصول على مساعدات إنقاذ مالية، كما تقدمت إسبانيا بطلب لإنقاذ قطاعها المصرفي.

وسجلت مبيعات السيارات تراجعا في فرنسا، إسبانيا وإيطاليا في العام الماضي، لتصل إلى أدنى معدل منذ 33 عاما. التراجع يعود إلى استمرار معظم الحكومات الأوروبية باتباع إجراءات تقشفية لتقليص ديونها، ما دفع المحللين إلى توقع انتقال الأزمة إلى قطاع الصلب. يأتي ذلك في وقت تعاني فيه صناعة السيارات الأوروبية من مشكلات أبرزها الزيادة في الإنتاج مقابل انخفاض الطلب.

المفوضية الأوروبية ترى أن التعويض ممكن عبر زيادة إمكانية الوصول للأسواق الناشئة وزيادة الأبحاث والابتكار.

يؤيد ذلك رئيس اتحاد منتجي السيارات الأوروبيين إيفان هوداك، ويقول: «عندما نستثمر أكثر في الابتكار ونعالج مشكلة زيادة الإنتاج ونعيد هيكلة صناعة السيارات فسنزيد قدرتنا على المنافسة». لكن للمنافسة مضاعفاتها، فجزء من إنتاج مصنع «غنك» البلجيكي المغلق سينتقل إلى إسبانيا، مبددا آمال عماله هنا. لكن هذا لا يقارن بتأثير المنافسة الخارجية، وخصوصا بعد انفتاح السوق الأوروبية أمام السيارات المقبلة من كوريا الجنوبية بناء على اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها مع الاتحاد الأوروبي أخيرا. وفي عام 2012، قارب معدل التراجع في إيطاليا عشرين في المائة، وفي فرنسا بلغ أربعة عشر في المائة أما في إسبانيا فوصل إلى ثلاثة عشر في المائة. مجموعة «فورد» الأميركية كانت الخاسرة الكبرى في الأسواق الأوروبية، مبيعاتها تراجعت بمعدل أربعين في المائة في فرنسا، وواحد وثلاثين في المائة في إسبانيا وثلاثة وثلاثين في المائة في إيطاليا. ومجموعة «فولكس فاغن» الألمانية، أكبر مجموعة أوروبية لصناعة السيارات سجلت تراجعا كبيرا في الدول الثلاث، وخصوصا في فرنسا حيث وصل إلى خمسة وعشرين في المائة.

وخلال الشهر الماضي جرى الإعلان عن أن سوق السيارات في دول الاتحاد الأوروبي في أزمة حادة. بعد أن واصلت مبيعات السيارات الجديدة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم تراجعها للشهر الرابع عشر على التوالي. تراجع تجاوز قليلا نسبة العشرة في المائة.. وهو المستوى الأدنى المسجل منذ عام 1993.

وإجمالا لم يتم في شهر نوفمبر الماضي بيع سوى أقل من مليون سيارة في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين.

وقد اختلف الوضع بحسب البلدان ففيما ارتفعت المبيعات في بريطانيا وتراجعت في ألمانيا وانهارت في كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. كذلك تفاوتت المبيعات من شركة إلى أخرى.. فهي تراجعت بالنسبة إلى «بيجو» و«سيتروان» و«رينو» و«فولكس فاغن» مثلا.. وارتفعت بالنسبة إلى «بي إم دبليو» و«مرسيدس» وغيرهما.. اللافت أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يخفى أنه عاجز فعلا عن تقديم أي حلول لهذه الأزمة. وهو يأمل في أن تتمكن الشركات المصنعة نفسها من التصدي للازمة.

وفي نوفمبر الماضي جرى الإعلان عن أن معدل مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا ما زال يتراجع. وتبعا لرابطة مصنعي السيارات الأوروبية، فمجموعتا «رينو» و«جنيرال موتورز» سجلتا التراجع الأكبر في ظل انخفاض حجم الطلب وصعوبة تقليص الإنفاق.

ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين في بروكسل، الكل يعاني، فشركات سيارات «بيجو» و«فورد» و«أوبل»، أغلقت مصانع لها في أوروبا. الغضب قاد آلاف العمال المسرحين إلى الشوارع. استجابة لهذه الأزمة المتواصلة وقدمت المفوضية الأوروبية خطة عمل لدفع صناعة السيارات الأوروبية. وقال أنطونيو تاياني المفوض الأوروبي للصناعة وإدارة المشاريع، بعد إطلاق هذه المبادرة: «سألتقي بالمنتجين والنقابات العمالية ودعوت أيضا وزراء الصناعة الأوروبيين إلى اجتماع لكي نرى كيف يمكننا تحسين قطاع صناعة السيارات»، ويرى البعض أنه العام الأسوأ لمبيعات السيارات في أوروبا منذ قرابة العقدين بعدما انخفضت بنسبة 11 في المائة. التأثير المباشر كان إغلاق بعض المصانع، كما حصل أخيرا مع مصنع شركة «فورد» الأميركية في مدينة «غنك» البلجيكية. أكثر من أربعة آلاف عامل فقدوا وظائفهم جراء الإغلاق، وأحد ممثليهم يقول تعليقا على مبادرة المفوضية الأوروبية: «نرحب بكل مساعدة ونرجو اتخاذ قرارات عملية تنفع صناعة السيارات في أوروبا. غير ذلك ستكون المبادرات مجرد كلام يبيع الناس أملا فارغا».

صناعة السيارات الأوروبية تعاني مشكلات أبرزها الزيادة في الإنتاج مقابل انخفاض الطلب. المفوضية الأوروبية ترى أن التعويض ممكن عبر زيادة إمكانية الوصول للأسواق الناشئة وزيادة الأبحاث والابتكار. يؤيد ذلك رئيس اتحاد منتجي السيارات الأوروبيين إيفان هوداك، ويقول: «عندما نستثمر أكثر في الابتكار ونعالج مشكلة زيادة الإنتاج ونعيد هيكلة صناعة السيارات فسنزيد قدرتنا على المنافسة».

لكن للمنافسة مضاعفاتها، فجزء من إنتاج مصنع «غنك» المغلق سينتقل إلى إسبانيا، مبددا آمال عماله هنا. لكن هذا لا يقارن بتأثير المنافسة الخارجية، وخصوصا بعد انفتاح السوق الأوروبية أمام السيارات المقبلة من كوريا الجنوبية بناء على اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها مع الاتحاد الأوروبي أخيرا. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي أعلن عن استمرار تراجع مبيعات السيارات في أوروبا للشهر الحادي عشر على التوالي. ففي شهر أغسطس (آب) تراجعت مبيعات السيارات بمعدل 8.5 في المائة. شركة «فورد» كانت الخاسرة الكبرى إذ تراجعت مبيعاتها بمعدل تسعة وعشرين في المائة، تليها «جنيرال موتورز» و«فيات» اللتان شهدتا تراجعا في مبيعاتهما بمعدل ثمانية عشر في المائة. مبيعات السيارات تتراجع عادة في العطل الصيفية، لكن الأزمة الاقتصادية جعلت الأمر يزداد سوءا. اليونان التي تعتمد خطة تقشفية قاسية سجلت أكبر تراجع في حجم مبيعات السيارات، تليها البرتغال ومن بعدها إيطاليا.المبيعات في إسبانيا شهدت ارتفاعا مفاجئا، لكن ذلك كان بسبب تسارع المستهلكين لشراء السيارات قبل ارتفاع الضرائب في الأول من سبتمبر. سيارات «رينو» شهدت تراجعا في حجم مبيعاتها بمعدل عشرين في المائة، لكن مجموعتها «داسيا»، الأرخص ثمنا بين المجموعات الأخرى شهدت ارتفاعا في حجم مبيعاتها بمعدل 16%.