البنوك المصرية تسحب مليار دولار من أرصدتها بالخارج لمواجهة شح العملة الصعبة في الداخل

مطالبات بالعدول عن قرار جمهوري يحدد أموال القادمين إلى مصر

سعر صرف الدولار ارتفع بالبنوك قبل إجازة أعياد الميلاد، ليسجل 6.49 جنيه في سعر بيع البنوك مقارنة بتعاملات يوم الخميس (أ.ب)
TT

سحبت البنوك المصرية مليار دولار من أرصدتها المستثمرة في الخارج خلال الأسبوع التالي لتطبيق البنك المركزي المصري آلية جديدة للتعامل الدولاري، بغرض دعم السوق المحلية التي تعاني صعوبات تتعلق بتوفير النقد الأجنبي داخل السوق. وتمت آخر عملية للسحب من أرصدة البنوك في الخارج ليلة أمس، حيث استقبل مطار القاهرة الدولي، 150 مليون دولار أميركي في 94 طردا، قادمين من سويسرا على متن الطائرة المصرية التابعة للشركة الوطنية «مصر للطيران»، لصالح أحد البنوك المصرية، وهي العملية الثالثة خلال أيام، فقد تم سحب 800 مليون دولار لصالح «البنك الأهلي»، و60 مليون دولار لصالح «بنك القاهرة» الأسبوع الماضي في محاولة لتعويض أي نقص في العملة داخل السوق.

وتقدر أرصدة البنوك المصرية في الخارج بنحو 74.582 مليار جنيه في نهاية سبتمبر (أيلول) تبعا للبنك المركزي المصري.

وارتفع سعر صرف الدولار بالبنوك أول من أمس قبل إجازة أعياد الميلاد، ليسجل 6.49 قرش في سعر بيع البنوك مقارنة بتعاملات يوم الخميس التي سجلت 6.45 قرش، في حين رفعت بعض شركات الصرافة السعر ليتراوح بين 6.50 و6.55 قرش، وفي السوق السوداء وصل السعر إلى 6.62 قرش، يأتي ذلك بعد أن ضخ البنك المركزي للبنوك المصرية نحو 360 مليون دولار خلال خمسة عطاءات للعملة الصعبة.

وبدأ البنك المركزي المصري، يوم الأحد قبل الماضي، تنفيذ آلية جديدة يقوم من خلالها بطرح عطاءات دورية لشراء أو بيع الدولار الأميركي FX Auctions تتقدم إليها البنوك بعروضها، وهي آلية معمول بها في الكثير من الدول، حيث تستهدف المحافظة على احتياطي النقد الأجنبي وترشيد استخداماته.

في السياق ذاته، قالت مصادر مصرفية رفيعة المستوى إن ما حدث في سوق الصرف من ارتفاعات عقب تطبيق البنك المركزي للنظام الجديد الأسبوع الماضي - ليست له علاقة بطلبات صندوق النقد الدولي للموافقة على إقراض مصر 4.8 مليار دولار.

وأشارت المصادر المطلعة على مفاوضات الصندوق لـ«الشرق الأوسط» إلى أن صندوق النقد طلب إصلاحات اقتصادية معينة من الحكومة المصرية، تم الإعلان عن بعضها خلال الأسابيع الماضية، وليس من ضمنها ترك سعر الصرف، مؤكدا أن الصندوق اشترط مستوى معينا للاحتياطي النقدي، دون سعر معين للعملة.

وتبعا لمصدر شارك في اجتماعات مختلفة على المستوى الاقتصادي، منها اجتماع مع رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي، فقد طلب أن يتحرك سعر الصرف وفقا للسعر الحقيقي دون دعم يأتي على حساب الاحتياطي النقدي، الذي فقد أكثر من 60% من قيمته على مدار الفترة الماضية، والذي وصل وفقا للمركزي إلى 15 مليار دولار. وتسعى الحكومة للوصول به إلى 19 مليار دولار تبعا لوزير التخطيط المصري الدكتور أشرف العربي.

وكشف المصدر عن أن ترك سعر الصرف وعدم دعم الجنيه على حساب الاحتياطي، كانا مطلبين منذ وصول الاحتياطي النقدي إلى مستوى 20 مليار دولار، لكن الطلب رفض من قبل محافظ البنك المركزي فاروق العقدة، الذي أصر على الاحتفاظ بمستوى معين لسعر الصرف والاستمرار في مساندة الجنيه.

وقال المصدر إن سياسة العملة القوية من دون اقتصاد منتج وقوي لا محل لها في اقتصادات العالم، والصين هي النموذج الواضح لتلك الحالة، فعلى الرغم من قوة الاقتصاد الصيني فإن عملته أقل من عملات كثيرة في العالم.

في السياق ذاتهـ كشفت مصادر، شاركت في الاجتماع الذي عقده الرئيس محمد مرسي قبل أيام بمقر رئاسة الجمهورية مع مجموعة من الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال، عن‏ أن الاجتماع ناقش عددا من الاقتراحات التي من شأنها حل بعض المشاكل التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي.

وقال مصدر اقتصادي، شارك في الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط»، إن عودة الاستثمار الأجنبي ومشكلة سعر الصرف كانتا من القضايا التي تم طرحها في الاجتماع مع الرئيس الذي اقتصر علي عدد قليل من الاقتصاديين ولم يحضره سوى شخص مصرفي واحد.

وأشار المصدر إلى أنه تم طرح ضرورة رفع الحظر على المبالغ الكاش للمسافرين القادمين من الخارج بأي كمية، خاصة أن عددا كبيرا من السياح العرب الوافدين إلى مصر يحملون أموالا سائلة، وهو ما يتطلب تعديلا على القرار الجمهوري الصادر قبل أيام ويتعلق بعدم تجاوز ما قيمته 10 آلاف دولار سواء في حالة السفر أو العودة إلى الأراضي المصرية. كما اقترح على الرئيس ضرورة عدم تقيد عملية السحب أمام العميل المصري الذي يقوم بتحويل أموال بالعملة الصعبة إلى السوق المصرية بأي مبالغ لتشجيع عملية التحويل إلى السوق المصرية وعدم تقيدها بالقانون الذي حدد للعميل الفرد في اليوم 10 آلاف دولار و30 ألف دولار للشركات.