توقعات بتراجع واردات الولايات المتحدة من النفط إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عاما

وسط شكوك في أميركا نفسها حول مدى صحة «سيناريو» اكتفاء واشنطن ذاتيا من الطاقة

TT

بينما اعتبر تحولا مهما، قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في أحدث تقرير أسبوعي إن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة قفز الأسبوع الماضي متخطيا مستوى 7 ملايين برميل يوميا للمرة الأولى منذ مارس (آذار) 1993.

وقالت الإدارة في تقريرها الصادر قبل ثلاثة أيام إن مخزونات النفط الأميركية زادت بمقدار 31.‏1 مليون برميل إلى 25.‏361 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الرابع من يناير (كانون الثاني). وكان محللون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا زيادة قدرها 5.‏1 مليون برميل.

وارتفعت واردات النفط الخام 25.‏1 مليون برميل إلى 3.‏8 مليون برميل يوميا.

وسجلت مخزونات البنزين زيادة بلغت 41.‏7 مليون برميل، في حين كانت توقعات المحللين تشير إلى ارتفاع قدره 3.‏2 مليون برميل.

وواصلت مخزونات النفط الخام في كاشينج بولاية أوكلاهوما - وهي نقطة تسليم العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط - الزيادة لتسجل مستوى مرتفعا جديدا بلغ 8.‏50 مليون برميل الأسبوع الماضي بزيادة قدرها 332 ألف برميل عن الأسبوع السابق.

يأتي هذا التقرير بعد توقعات مثيرة للجدل عن انخفاض واردات الولايات المتحدة من النفط خلال العام المقبل إلى أدنى مستوياتها منذ 25 عاما. وتوضح الإحصاءات نمو الإنتاج الأميركي بفضل تقنيات مثل «التكسير الهيدروليكي». وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن تؤدي زيادة إنتاج الولايات المتحدة إلى انخفاض سعر خام برنت من 112 دولارا عام 2012 إلى 99 دولارا عام 2014.

ومن المتوقع أن تنخفض واردات الولايات المتحدة من النفط خلال العام المقبل إلى أدنى مستوى لها منذ ما يزيد على 25 عاما، حيث سيزدهر الإنتاج، بينما يزداد الطلب بخطى بطيئة، بحسب توقعات حكومية.

وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن ينخفض صافي الواردات من الوقود السائل، بما في ذلك النفط الخام والمشتقات البترولية، إلى نحو 6 ملايين برميل يوميا عام 2014. وهو أدنى مستوى لها منذ عام 1987، ويمثل نصف أعلى مستوى وصلت إليه في الفترة من عام 2004 إلى عام 2007 التي بلغ حجم الواردات فيها 12 مليون برميل يوميا. وتشير الأرقام إلى نمو كبير في الإنتاج الأميركي من النفط بفضل استخدام تقنية التكسير الهيدروليكي والتنقيب الأفقي في العمل على احتياطي «النفط المحدود» في ولايات، أهمها داكوتا الشمالية وتكساس.

ونقلت صحيفة «فايننشيال تايمز» عن جاك جيرارد، رئيس المعهد الأميركي للبترول، قوله إن الولايات المتحدة «أمام نقطة تحول عظيمة في تاريخ الأمة سوف تحول محور الطاقة باتجاه الغرب». وسوف يكون لتراجع اعتماد الولايات المتحدة على الواردات النفطية فوائد، من بينها زيادة سرعة التغلب على الصدمات الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط الخام وتوفير فرص عمل في مجال صناعة النفط.

وصرحت إدارة معلومات الطاقة بأنها تتوقع أن تؤدي زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى خفض الضغط على أسعاره. كذلك، تتوقع انخفاض سعر خام برنت، الذي يتم تداوله عالميا، من متوسط سعره، الذي وصل خلال العام المـــــــــاضي إلى 112 دولارا للبرميل، إلى 99 دولارا خلال عام 2014، في الوقت الذي انخفض فيه خام غرب تكساس المتوســــــــــط (نفط خـــــــــام خفيــــــــــف) من 94 إلى 91 دولارا.

وكان الإنتاج الأميركي من النفط الخام قد وصل عام 2008 إلى مستوى منخفض قدره 5 ملايين برميل يوميا، لكنه عاود الارتفاع العام الماضي، حيث وصل إلى 6.43 مليون برميل، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يرتفع إلى نحو 8 ملايين برميل عام 2014.

في الوقت ذاته، تراجع الاستهلاك من 20.7 مليون برميل يوميا من كافة أنواع الوقود السائل عام 2007 إلى 18.7 مليون العام الماضي. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يزداد الاستهلاك قليلا على مدى العامين المقبلين، لكنها تتوقع أيضا أن يكون الاستهلاك عام 2014 أقل منه عام 2011. وشجعت زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة بعض الهيئات، بما فيها وكالة الطاقة الدولية، وهي مركز أبحاث الدول الغنية المستوردة للنفط، على توقع تفوقه على إنتاج دول الخليج وروسيا من النفط لتصبح الولايات المتحدة بذلك أكبر دولة منتجة للنفط في العالم في عام 2020 أو ربما عام 2025، مما يجعل الولايات المتحدة مكتفية ذاتيا من حيث الطاقة، وحتى التصدير بحلول 2030.

ويثار جدل حول مدى «دقة» وحتى «موضوعية» تقارير وكالة الطاقة الدولية، التي تبقى وكالة تابعة للدول الغنية المستوردة للنفط، وبالتالي «تحرص» على مصلحتها وتدفع بالتأكيد نحو «سيناريوهات» في صالح الدول الغنية المستوردة للنفط، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، أكد بيتر كليمين، الخبير الجيولوجي، الخبير في جامعة كولومبيا، أن تقرير وكالة الطاقة الدولية، الصادر مؤخرا، والمكون من 672 صفحة، أكثر تعقيدا وضبابية مما توحي به التقارير الإعلامية، التي اكتفت بالاعتماد على الملخص التنفيذي للتقرير، الذي تضمن سيناريوهات، أكدت وكالة الطاقة الدولية نفسها أنها لن تكون بالضرورة صحيحة.

وقد أشار الخبير الأميركي إلى أن تقرير وكالة الطاقة الدولية كان مفاجأة، بل وصدمة للأميركيين أنفسهم، وخاصة المؤمنين بنظرية أن الإنتاج النفطي قد بلغ ذروته عام 1970.

من جهتها، كانت إدارة معلومات الوقود الأميركية حذرة في التعامل مع توقعات وكالة الطاقة الدولية، حيث ترى أن توقعات الوكالة تعتمد على أنواع النفط التي يتم مقارنتها بها وعلى عوامـــــل أخرى من الصعب توقعــــــــــها.

وحتى إذا لم تصبح الولايات المتحدة أكبر دولة منتجة للنفط في العالم أو تتمكن من خفض صافي وارداتها من النفط إلى الصفر، كما يتوقع البعض، سيقل اعتمادها على الواردات عما كان عليه خلال العقد الماضي.

وقال مايكل ليفي من «مجلس العلاقات الخارجية»، وهو أحد المراكز البحثية: «من الجيد بالنسبة للاقتصاد المحلي أن يكون لدينا حافز نمو مثل هذا. ومن الجيد أيضا تجاوزنا الفترة التي كانت تشهد زيادة مطردة في الطلب على النفط». وأضاف أنه رغم ذلك، ستحتاج الولايات المتحدة خلال العام المقبل إلى استيراد كمية من النفط لا تقل عن فترة الأزمة عامي 1973 و1974 التي أضرت كثيرا بالاقتصاد. وحذر محللون ومسؤولون تنفيذيون في مجال النفط من عدم قدرة الولايات المتحدة على تجاهل التهديد المحتمل الذي يواجهه الاقتصاد العالمي نتيجة ارتفاع الأسعار وتوقف الواردات، حتى إذا حققت الولايات المتحدة الاكتفاء الذاتي الكامل من النفط. لذا، سيظل من مصلحة الولايات المتحدة استمرار الإنتاج في الشرق الأوسط. وحذر جيرارد، الذي قضى الأربع سنوات الماضية في انتقاد إدارة أوباما، الحكومة من الإضرار بالصناعة وبتفادي المبالغة في فرض القوانين المنظمة مثل القيود الفيدرالية على التكسير الهيدروليكي. وقال: «لا ينبغي المبالغة واتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعيق أو يعرقل ما نراه من تقدم في ولاية تلو الأخرى».

لكن في المقابل هناك في أميركا من يعارضون بشدة وجهة نظر جيرارد ويدعمون مقاربة أوباما، وذلك بدواعي حماية البيئة وخوفا من التبعات الكارثية على البيئة لتقنية التكسير الهيدروليكي.

* أرقام

* تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن تؤدي زيادة إنتاج الولايات المتحدة إلى انخفاض سعر خام برنت من 112 دولارا عام 2012 إلى 99 دولارا عام 2014.

* النفط الأميركي يتخطى مستوى 7 ملايين برميل للمرة الأولى منذ مارس 1993.

* الإنتاج الأميركي من النفط الخام قد وصل عام 2008 إلى مستوى منخفض قدره 5 ملايين برميل يوميا، لكنه عاود الارتفاع العام الماضي حيث وصل إلى 6.43 مليون برميل، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يرتفع إلى نحو 8 ملايين برميل عام 2014.

* تراجع الاستهلاك من 20.7 مليون برميل يوميا في الولايات المتحدة من كافة أنواع الوقود السائل عام 2007 إلى 18.7 مليون العام الماضي. وتتوقع إدارة معلومات الطاقة أن يزداد الاستهلاك قليلا على مدى العامين المقبلين، لكنها تتوقع أيضا أن يكون الاستهلاك عام 2014 أقل منه عام 2011.

* أقوال

* «أميركا مكتفية ذاتيا من النفط.. هذا معطى لا يمكن المراهنة عليه».

غايل تفربيغ - خبيرة أميركية في موضوع الذروة النفطية

* «ستحتاج الولايات المتحدة خلال العام المقبل إلى استيراد كمية من النفط لا تقل عن فترة الأزمة عامي 1973 و1974 التي أضرت كثيرا بالاقتصاد».

مايكل ليفي من «مجلس العلاقات الخارجية بأميركا»

* «أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، كان المرشحان حينها باراك أوباما وميت رومني يروجان لوهم الاستقلال الطاقوي للولايات المتحدة».

روبرت برايس - كاتب أميركي