ألمانيا ترفض إقرار أي برامج لمساعدة الدول المتعثرة في منطقة اليورو

تواصل ردود الفعل المرحبة بإقرار إجراءات تتعلق بعمل وكالات التصنيف الائتماني

منطقة اليورو وعملتها الموحدة تبقيان على المحك
TT

تواصلت ردود الفعل الأوروبية التي ترحب بموافقة البرلمان الأوروبي على إجراءات تتعلق بعمل وكالات التصنيف الائتماني. ورحبت المفوضية الأوروبية ببروكسل بموافقة البرلمان الأوروبي على القواعد الجديدة، وقال المفوض الأوروبي ميشيل بارنييه في بيان إنه يرحب بموافقة المؤسسة التشريعية الأوروبية على اعتماد الإجراءات الجديدة التي تنظم عمل وكالات التصنيف الائتماني، والتي من شأنها أن تسهم في تحسين نوعية التصنيف وزيادة المنافسة في صناعة التصنيف التي يسيطر عليها عدد قليل من اللاعبين الرئيسيين في هذا المجال، وتقضي على تضارب المصالح، والحد من الاعتماد المفرط على تقييمات المشاركين في الأسواق المالية، وهي كلها أمور سوف تنعكس بالإيجاب على المواطنين الأوروبيين، وقال «إنها خطوة مهمة أخرى على طريق تعزيز التنظيم المالي ومواجهة الأزمة المالية».

كما رحبت الكتل الحزبية المختلفة داخل البرلمان الأوروبي بهذا الأمر. وقال العضو ليونارد دومينتشي، من التكتل الاشتراكي الديمقراطي، إنها خطوة على الطريق الصحيح، تجعل وكالات التصنيف أكثر مسؤولية وأكثر شفافية وأكثر ديمقراطية، لكن سنحتاج للتأكد من تحقيق الأهداف التي وضعناها».

وبالتزامن مع ذلك، طرحت الخزانة العامة الإسبانية الخميس سندات ديون بقيمة أربعة مليارات و504 ملايين يورو لاستحقاقات متفاوتة وبمعدلات فائدة منخفضة. وأصدرت إسبانيا سندات ديون مستحقة السداد على خمسة أعوام بقيمة مليار و583.5 مليون يورو، بفائدة قدرها 3.80 في المائة، علما بأن الطرح السابق في الفئة نفسها بلغت فائدته 4.24 في المائة. كما طرحت مدريد أذون خزانة بقيمة مليارين و409.2 مليون يورو لأجل ثلاثة أعوام، بفائدة وصلت إلى 2.77 في المائة، مقارنة بـ3.39 في المائة في الطرح الماضي بالفئة نفسها.

وأصدرت إسبانيا سندات ديون بقيمة 512 مليون يورو مستحقة السداد على 30 عاما بنسبة فائدة 5.70 في المائة. وكانت مدريد قد طرحت الثلاثاء الماضي سندات ديون بقيمة خمسة مليارات و754 مليون يورو لأجل 12 و18 شهرا، وبمعدلات فائدة هي الأقل منذ مارس (آذار) الماضي. وفي برلين، استبعد وزير الاقتصاد الألماني فيليب روسلر احتمال إقرار برلين برامج جديدة للنمو لمساعدة الدول المتعثرة في منطقة اليورو، كما اقترح رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي. وأكد السياسي الليبرالي الألماني عند تقديم التقرير الاقتصادي السنوي لعام 2013 أنه من غير المتوقع أن تتبنى حكومة يمين الوسط التي تتزعمها المستشارة أنجيلا ميركل سياسات توسعية. وقال «لن نقدم حزم تعزيز اقتصادي». وأوضح أنه «على المستوى الأوروبي» اتخذت عدة إجراءات في هذا الشأن مثل الميثاق المالي الذي وقعت عليه 25 من الدول الـ27 المكونة للاتحاد الأوروبي وهدفه «تحقيق النمو». وأضاف أنه على المستوى الوطني يتعين على جميع الدول تطبيق إصلاحات هيكلية لمرونة أسواقها للعمل وإصلاح أنظمة المعاشات وتشجيع التنافسية وتشجيع عمليات الخصخصة. وطالب راخوي ألمانيا والدول المانحة بمنطقة اليورو بتحفيز الاقتصاد، مشددا على أن إسبانيا ليست في حاجة لخطة إنقاذ.

وكانت إسبانيا قد حصلت على 100 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي لمساعدة قطاعها المصرفي المتعثر. وفي ما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية لإسبانيا، قال راخوي إن 2014 سيكون «عام النمو الاقتصادي ونمو التوظيف»، مشيرا إلى أن النصف الثاني من العام سيكون أفضل بعض الشيء إذا لم تحدث اضطرابات في الأسواق المالية.

وفي روما، قرعت النشرة الشهرية للمصرف المركزي الأوروبي في يناير (كانون الثاني) ناقوس الخطر بشأن «هروب المستثمرين من إيطاليا بسبب حالة عدم اليقين السياسي فيها»، والذي «كان مصدرا لبعض تدفقات رأس المال، بهدف البحث عن استثمارات أكثر أمانا في الأوراق المالية للبلدان ذات التصنيف (إيه إيه إيه)». وذكرت النشرة أن «عائدات السندات الحكومية الطويلة الأجل من تصنيف (إيه إيه إيه) في منطقة اليورو بين نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والتاسع من يناير الحالي بقيت عند حدود قريبة من المستويات الدنيا القياسية»، على الرغم من «ارتفاعها في نهاية الفترة لعشر نقاط أساسية، لتقترب من نسبة 1.8 في المائة»، بينما «ارتفعت عائدات السندات الأميركية بالمقابل بخمسة وعشرين نقطة، لتبلغ نسبة 1.9 في المائة في التاسع من يناير»، وفق تعبيرها.

ولفت المصرف الأوروبي إلى أن «الجو في منطقة سوق سندات اليورو عانى بسبب التأثير السلبي للتوقعات الخاصة بتراجع النمو»، كما «كان تفاقم حالة عدم اليقين السياسي في إيطاليا مصدرا لبعض تدفقات رأس المال، بهدف إيجاد مزيد من الاستثمارات الآمنة»، لافتا إلى أنه «مع ذلك، هناك عوامل أخرى أثرت إيجابيا على معنويات السوق»، من بينها «تحقيق اتفاق على الرقابة المصرفية الأوروبية الموحدة تحت رعاية المصرف المركزي الأوروبي، وتسديد الديون من قبل الحكومة اليونانية، التي أعقبتها زيادة بمقدار ست درجات لتصنيف سنداتها السيادية». ويذكر أنه أول من أمس الأربعاء «أقر البرلمان الأوروبي قواعد جديدة تتعلق بكيفية وتوقيت إصدار وكالات التصنيف الائتماني تقاريرها التصنيفية بشأن الدول والشركات الخاصة، وسوف تسمح الإجراءات الجديدة لوكالات التصنيف بإصدار بياناتها حول تقييم الديون السيادية في مواعيد محددة، كما تسمح للمستثمرين والقطاع الخاص بمقاضاة وكالات التصنيف الائتماني في حال تعرضهم لأضرار نتيجة ما صدر عنها من تقارير». وجاءت الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ للتصويت على هذا القرار بعد موافقات سابقة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي عقب مشاورات انتهت إلى الاتفاق على تشديد قواعد عمل وكالات التصنيف الائتماني، في محاولة للحد من الاعتماد بشكل كبير على التقييمات الخارجية لهذه الوكالات، مع إلزام المؤسسات المالية بتعزيز التقييم الخاص بها من مخاطر الائتمان.

وسبق أن قال ميشيل بارنييه، المفوض الأوروبي المكلف بالسوق الداخلية والخدمات، بعد أن تم التوصل إلى اتفاق بين البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية «وكالات التصنيف يجب أن تتبع قواعد أكثر صرامة تجعلها أكثر عرضة للمساءلة عن الأخطاء»، مضيفا أن المفاوضات أدت إلى «نتيجة جيدة، فمع هذا الاتفاق نتخذ خطوة مهمة أخرى نحو مزيد من الاستقرار المالي، كما نحد بشكل كبير من مخاطر أزمة مالية أخرى مع كل العواقب الممكنة على الاقتصاد الحقيقي والنمو والعمالة والمالية العامة». وتحظر القواعد الجديدة نشر الوكالات لتقييمات غير مرغوب فيها حول الديون السيادية، وإجبارها على وضع جدول زمني إرشادي لقراراتها في المستقبل بشأن التصنيف السيادي للدول الأعضاء، ويهدف هذا الجدول إلى تفادي التأثير المفاجئ في الأسواق. وتجبر القواعد الجديدة الوكالات على نشر قراراتها بعد نهاية التداول في الأسواق، وساعة واحدة على الأقل قبل فتح الأسواق في الاتحاد الأوروبي، كما يجب إعلام المستثمرين والدول الأعضاء بالحقائق الأساسية والافتراضات المرتبطة بهذه القرارات وذلك لتسهيل فهم أفضل للديون السيادية.

ولا يحق بموجب هذه القواعد الجديدة للمستثمرين امتلاك حصص كبيرة في أكثر من وكالة تصنيف في الوقت نفسه لضمان الاستقلالية الكافية للوكالات، وسيتم تقليص الحق في عمليات الاندماج بين الوكالات لتشجيع المنافسة. وسيبدأ العمل بالقرار اعتبارا من فبراير (شباط) أو مارس المقبلين بمجرد إقراره نهائيا من جانب المجلس الأوروبي لوزراء المال عقب اعتماده في غضون الأسابيع القليلة القادمة من جانب الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد. أما في ما يتعلق بإنشاء وكالة تصنيف أوروبية فقد أفادت وسائل الإعلام في بروكسل أمس بأن الفقرة قد تأجلت إلى مرحلة قادمة، وستكون على الأقل في 2016.

ويذكر أنه في وقت سابق أشارت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في برلين إلى أن مشروع القرار سيحمّل الوكالات الأميركية مستقبلا مسؤولية كاملة عن الأخطاء الكبيرة التي يمكن أن تسببها تقويماتها. وسيحق لكل من تضرر عن غير حق من تقويمات الوكالات الثلاث رفع دعوى قضائية ضدها للحصول على تعويضات مالية، سواء أكان الأمر يتعلق بشركة أو بدولة. وسيكون على هذه الوكالات وضع التبريرات التي استندت إليها في تقويمها، وتحديد المعايير التي اعتمدتها في شكل مفصل وواضح. ويحدد مشروع القرار الذي وافق عليه البرلمان أيضا متى يحق لوكالات التصنيف الكشف عن تقويماتها، فإن كانت تتعلق بالدول فعليها القيام بذلك في مواعيد ثلاثة تكون خارج ساعات الدوام وقبل بدء عمل البورصات الأوروبية بوقت كاف، لا خلال عمل هذه البورصات. وحسب العديد من المراقبين يهدف الاتحاد الأوروبي من وراء تدبيره الجديد إلى التخفيف من الاضطرابات المالية التي قد تحدث في هذه الأسواق المالية مستقبلا. وهو سيمنع عليها على سبيل المثال نشر تقويماتها عشية انعقاد القمم الأوروبية بهدف ممارسة ضغوط على السياسيين، ويحدد في الوقت ذاته الحصة التي يحق للمستثمرين امتلاكها في هذه الوكالات، وحصة الوكالات في الشركات التي تخضع لتقويماتها لتفادي تشابك المصالح المشتركة بينها.

وعلى الرغم من بقاء الاتحاد الأوروبي تحت سقف مطالبه المتشددة إزاء عمل الوكالات الثلاث («موديز»، و«فيتش»، و«ستاندرد آند بورز»)، فإن هذا دفع البعض إلى انتقاده على تراجعه عنها، خصوصا تراجعه عن إنشاء وكالات تقويم أوروبية. وسبق أن أبدت وكالة «موديز» استياءها من مشروع القرار، وأعربت عن «القلق من النتائج التي ستترتب عنه في الأسواق المالية». أما الوكالتان الأخريان فأوضحتا أنهما تنتظران صدور النص النهائي للقرار قبل اتخاذ موقف منه، لكنهما أعربتا في الوقت ذاته عن «الاستعداد للتعاون مع المراقبين الأوروبيين».