محللون: المخاطر على منشآت صناعة الغاز الطبيعي تتزايد بعد العملية الجزائرية

«بريتش بتروليوم» لـ «الشرق الأوسط»: ملتزمون باستمرارية عملياتنا في الجزائر

جانب من منشأة عين أميناس في الجزائر (إ.ب.أ)
TT

أكدت شركة «بريتش بتروليوم» التزامها بعمليات الاستثمار في الجزائر ولكنها قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها ستبحث مع الحكومة الجزائرية ترتيبات أمنية لتوفير حماية كافية لموظفيها في المستقبل. وقال روبرت واين المتحدث باسم شركة «بي بي» لـ«الشرق الأوسط» إن أعمال الشركة في منشأة الغاز الطبيعي في عين أميناس توقفت إلى حين انتهاء الجيش الجزائري من إكمال التحقيق في العملية الإرهابية. ولكنه أكد التزام الشركة بالعمل في الجزائر. وأضاف واين في تعليقاته أن «(بي بي) ستواصل عملياتها في مشروع الغاز الطبيعي بمنطقة عين صالح إلى حين انتهاء الجيش الجزائري من تحقيقاته في الجرائم الجنائية التي حدثت في مشروع عين أميناس». وأشار المتحدث باسم «بريتش بتروليوم» إلى أن شركة «بي بي» ستناقش في المستقبل الترتيبات الأمنية الكافية لحماية موظفيها مع الحكومة الجزائرية. وحول عمليات الشركة في ليبيا قال المسؤول إن الشركة لديها عقود تنقيب وستشرع في عمليات التنقيب بنهاية العام الجاري، ولكنه رفض التعليق حول مستقبل أمن منشآت الطاقة في منطقة شمال أفريقيا.

ولكن خبراء طاقة قالوا إن العملية الإرهابية هددت أمن الغاز في أوروبا وربما تثني بعض الشركات عن الاستثمار مستقبلا في المناطق غير الآمنة في مناطق أفريقية، وقالت هيلما كروفت كبيرة محللي الطاقة في مصرف «باركليز» البريطاني إن «الوضع مقلق. المنشأة الجزائرية كانت آمنة من حوادث العنف». وأضافت في تعليقات نقلتها صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن «ما حدث في الجزائر كان جرس إنذار. إذا كان مثل هذا يحدث في بلد مثل الجزائر يجب أن نكون متيقظين حول أمن منشآت الطاقة في شمال أفريقيا والساحل». وكدليل على القلق الأوروبي من حدوث نقص في إمدادات الغاز الجزائري إلى أوروبا، سجلت أسعار الغاز الطبيعي والنفط ارتفاعات معتبرة مباشرة بعد الهجوم على عين أميناس في لندن وارتفعت المخاوف في العواصم الأوروبية التي ضربها الجليد بقوة، خاصة في مدن مثل روما ومدريد التي تعتمد بشدة على الغاز الطبيعي الجزائري.

يذكر أن الجزائر تعتبر تاسع أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم وخامس أكبر مصدر للغاز الطبيعي حسب إحصاءات وكالة الطاقة الدولية، وتنتج عين أميناس 9 مليارات متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل 2 في المائة فقط من الطلب الأوروبي على الغاز، إلا أن أسعار الغاز الطبيعي تسليم فبراير (شباط) سجلت ارتفاعا بنسبة 4.4 في المائة في لندن مباشرة بعد الحادث، حيث ارتفع سعر وحدة «بريتش بتروليوم» الحرارية إلى 68.29 بنس قبل أن تسيطر الحكومة الجزائرية على الموقف وتعود الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية، مما يعكس حالة القلق من تطورات الموقف ونقص الإمدادات.

تجدر الإشارة إلى أن تكهنات واسعة في الإعلام الغربي أشارت خلال الأسبوع الماضي إلى أن الشركات الغربية ربما تقلل من استثماراتها في منطقة شمال أفريقيا بسبب المخاطر الأمنية، مما أثار مخاوف من تأثير ذلك على إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا التي تعتمد بنسبة 30 في المائة من إمداداتها على الغاز الجزائري. وقال نيكولو سارتوري محلل الطاقة والدفاع بمعهد روما للشؤون الدولية، إنه «بالنظر إلى أهمية صادرات الغاز الطبيعي الجزائري إلى أوروبا وخاصة إيطاليا، فإننا ربما نواجه سيناريو مختلفا إذا تطور النزاع في مالي وأدى إلى مخاطر حقيقية تهدد إمداد الغاز الطبيعي إلى أوروبا». وهنالك مخاطر أثارها خبراء من أن يهدد انفلات الأمن في مالي أمن المنشآت النفطية في ليبيا التي لم تتعاف كليا من آثار التغيير الدامي الذي أودى بحياة القذافي. ويلاحظ أن لدى ليبيا منشآت نفط وغاز عديدة على الحدود الجزائرية بما في ذلك منشأة معالجة الغاز الطبيعي «وافي» التي تقع على بعد 540 كيلومترا جنوب غربي طرابلس، وحقل «الفيل» الذي يدار بالشراكة بين شركة «إيني» الإيطالية وشركة «النفط الليبية». ويقول سارتوري في تعليق لوكالة «بلومبيرغ»: «يبدو أن ليبيا معرضة أكثر للخطر ببساطة لأن الحكومة الليبية الجديدة لا تملك القوة المتوفرة للحكومة الجزائرية».

وقال محللون لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الهجوم الذي حدث للمنشأة الجزائرية ربما يكون بداية لسلسلة هجمات مشابهة في المستقبل على منشآت طاقة في المناطق التي لا تتوفر فيها حماية أمنية كافية، خاصة في مناطق مثل ليبيا ونيجيريا ومناطق أخرى.

يذكر أن إيطاليا التي تتلقى 33 في المائة من إمداداتها من الجزائر ستكون أكبر المتضررين من أي عمليات إرهابية تهدد أمن منشآت الغاز الطبيعي في الجزائر، كما يلاحظ أن سعر النفط ارتفع كذلك في نيويورك رغم أن الجزائر ليست لاعبا كبيرا في سوق النفط.