الهولندي ديسلبلوم رئيسا جديدا لمنطقة اليورو.. رغم معارضة مدريد

أكثر من 9 مليارات يورو لليونان وملياران للبنوك الإسبانية.. وتأجيل ملف مساعدة قبرص

رئيس الاتحاد الأوروبي المستقيل جان كلود يونكر (يمين) بجوار الرئيس الجديد جيروين ديسيلبلوم (أ.ب)
TT

اختتم وزراء المال والاقتصاد الأوروبيون اجتماعاتهم ببروكسل أمس، وهي الاجتماعات التي انطلقت الاثنين من خلال وزراء دول منطقة اليورو، وفي ختامها جرى الإعلان عن اختيار وزير المالية الهولندي جيروين ديسلبلوم رئيسا لمجموعة اليورو لفترة تستمر عامين ونصف العام. وجاء في بيان صحافي أصدرته المجموعة في ختام مناقشات اليوم الأول أن ديسلبلوم، وهو عضو في حزب العمال الهولندي، سيخلف جان - كلود يونكر رئيس وزراء لوكسمبورغ الذي تولى رئاسة مجموعة اليورو منذ يناير (كانون الثاني) 2005 ونقل البيان عن وزير المالية الهولندي قوله في مؤتمر صحافي إنه على قناعة بمقدرته على المشاركة في «العمليات الجماعية لصناعة القرار الجيد». وشدد على أنه «عندما نكون مجتمعين نتمكن من تخطي المشكلات القائمة وأن منطقة اليورو تواجه أوقاتا عصيبة، ويعد العام الحالي 2013 عاما حاسما».

من جهته أعرب رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي في بيان صحافي عن ثقته بوزير المالية الهولندي، معتبرا قرار تعيينه رئيسا لمجموعة اليورو «اختيارا صحيحا»، كما عبر رئيس وزراء هولندا مارك روتا عن سعادته لاختيار ديسلبلوم للمنصب.

وقال إن هذا الاختيار فخر لهولندا، كما وصف وزير المالية البلجيكي، ستيفان فان اكير، رئيس منطقة اليورو بأنه الرجل المناسب من البلد المناسب، وأعرب الرئيس السابق يونكر عن قناعته بأن ديسلبلوم يملك المقومات المطلوبة لهذا المنصب الصعب الذي يحتاج إلى وقت ومجهود كبير.

وحدد الرئيس الجديد لمجموعة اليورو أولويات عمله في ثلاثة أمور، وهي الاستمرار في الاتحاد البنكي وتعزيز الموازنة وتعزيز النمو الاقتصادي، وقال ديسلبلوم (46 عاما) الذي لم يمضِ في منصبه كوزير مالية لهولندا أكثر من شهرين، إنه يأمل أن يركز في منصبه الجديد على «السياسيات الطويلة الأمد وليس إدارة الأزمات». وأكد مرارا على «ضرورة المضي قدما في إجراءات التقشف لحل مشكلة الديون، إضافة إلى المضي قدما في الإصلاحات المالية للمنطقة». أما عن التصويت على تعيين ديسلبلوم فلم يكن بالإجماع ولم يكن هناك نقاش، فقد لقي تعيين ديسلبلوم معارضة إسبانية، على الرغم من التأييد الألماني لهذا الموضوع، فقد صرح وزير المالية الألماني فولفغانغ شيوبليه: «انتخب يروين رئيسا جديدا لمجموعة اليورو، وأعتقد أن هذا القرار جيد جدا، وأنا دعمت ترشيحه». ووافق وزراء مالية منطقة اليورو على صرف دفعة الإنقاذ المخصصة لهذا الشهر لليونان، وهذا ما يعد دليلا على التقدم الهام الذي تقوم به الحكومة في إصلاح الاقتصاد وسط التحديات الكبيرة التي تحيط بالدفعات المقبلة، خصوصا بعد إقرار البرلمان اليوناني رفع إضافي في الضرائب خلال مايو (أيار) المقبل. وأعطى الوزراء الضوء الأخضر للإفراج عما قيمته 9.2 مليار يورو المخصصة لهذا الشهر، إذ سيتم إعطاء البلاد ما قيمته مليارا يورو نقدا، وهذا لتمويل نفقاتها العامة، و7.2 مليار يورو على شكل سندات مخصصة لإعادة رسملة البنوك المتعثرة. وأقر وزراء اقتصاد ومالية منطقة اليورو دفع مليار و865 مليون يورو لإصلاح المصارف الإسبانية الأربعة التي تحتاج إلى مساعدات حكومية، لكنها لم تؤمم.

وأكد رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر عند ختام الاجتماع أن الدفعة الثانية من المساعدات المالية الممنوحة لإسبانيا من قبل شركائها الأوروبيين ستوجه إلى مصارف «كاخا3» و«بي إم إن» و«إسبانيا دويرو» التي يجب أن تواجه شروطا صارمة مقابل التمويل. وأوضح يونكر أن المبلغ سيسدد في مطلع فبراير (شباط) المقبل، مبرزا أن إسبانيا ستحتاج إلى أموال أقل لإصلاح مصارفها عن المقدرة في البداية. وحصلت إسبانيا على 36 مليار و978 مليون يورو في دفعة أولى من المساعدات المالية مخصصة للمصارف الأربعة المؤممة، وهي بنكيا ونوفاجاليسيا وكتالونيا كايشا وبنك فالنسيا. وكانت الدول الأعضاء في منطقة اليورو قد اتفقت مؤخرا على منح إسبانيا حزمة إنقاذ بقيمة تصل إلى 100 مليار يورو لإعادة رسملة قطاعها المصرفي المتعثر. وتعهد وزراء منطقة اليورو في ديسمبر (كانون الأول) إعطاء اليونان ما قيمته 49.1 مليار يورو على شكل دفعات حتى مارس (آذار) القادم، وتسلمت البلاد الشريحة الأولى من أموال الإنقاذ بما قيمته 34.4 مليار يورو خلال الشهر الماضي والتي طال انتظارها منذ يونيو (حزيران) الماضي. أما عن قبرص فقد ناقش الوزراء احتمالية تقديم الدعم المالي للبلاد إلا أنهم عادوا للتأكيد بأن لا قرار حول هذه القضية حتى مارس القادم، خصوصا بعد المصادر التي أكدت أن البلاد تستطيع تدبير أمورها الداخلية حتى مارس، بعد أن أعلنت السلطات القبرصية في وقت سابق عدم صمودها ماليا إلى ما بعد عام 2012. والجدل الكبير يدور حول طلب قرض الإنقاذ بما قيمته 17 بليون يورو تعادل الناتج الداخلي للبلاد، ما يعني احتمال وصول الدين إلى 200 في المائة من الناتج الداخلي، وهذا «لا يمكن احتماله». وفي المقابل «إذا كانت الحاجات تبلغ فعليا 10 بلايين يورو فهذا يحدث فرقا».

أما عن عملية إعادة رسملة البنوك عن طريق آلية الاستقرار الأوروبي، فقد أشار الوزراء إلى أن عملية إعادة رسملة البنوك من غير المحتمل أن تحد من انتشار أزمة الديون الأوروبية، فقد أقر وزراء مالية منطقة اليورو في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الإطلاق الرسمي لآلية الاستقرار الأوروبي برأسمال 500 مليار يورو. ستستخدم الآلية التي تحل محل صندوق الاستقرار المالي المؤقت في إقراض الدول المتعثرة في منطقة اليورو مقابل تنفيذ إصلاحات مالية وهيكلية صارمة لاستعادة ثقة المستثمرين، إذ لا يزال الخلاف قائما بين الوزراء المالية الأوروبيين حول كيفية ومتى ستتمكن آلية الاستقرار الأوروبي من التدخل بشكل مباشر لإعادة رسملة البنوك وتقديم المساعدة للحكومات المتعثرة، وهذا ما ناقشه كل من ألمانيا والنمسا، بينما ناشدت كل من فرنسا وآيرلندا للإسراع بإتمام الاتحاد المصرفي بأقصى سرعة ممكنة.

كان يفترض أن تدخل الآلية حيز التطبيق في بداية يوليو (تموز) الماضي، إلا أن وزراء مالية الأوروبيين قاموا بالتأجيل حتى الأول من يناير (كانون الثاني) 2013.

ستحل آلية الاستقرار الأوروبية (ESM) التي سوف تشكل آلية دائمة لإنقاذ منطقة اليورو بقيمة 500 مليار يورو محل الصندوق الاستقرار المالي الأوروبي المؤقت (EFSF) المقدر بنحو 440 مليار يورو، أي أن الجدار المالي للآلية الدائمة بنحو تريليون يورو أو 940 مليار يورو بدمج الصندوقين معا. والهدف الأساسي من الصندوق الأوروبي الدائم تقديم الدعم للبلدان الأوروبية في الاتحاد الأوروبي الـ27 التي سوف تواجه مصاعب مالية، ويرى الكثير من خبراء الاقتصاد أنها ضرورية في حال طلبت إحدى الدول الكبرى في منقطة اليورو مثل إيطاليا أو إسبانيا مساعدة أوروبية. وستتمكن الآلية الأوروبية الجديدة من تقديم خطط إنقاذ للبلدان الأوروبية المتعثرة، وسوف يساهم الصندوق في خطط الإنقاذ المخصصة لإعادة رسملة المصارف مباشرة، بالإضافة إلى الحد من الارتفاع الكبير في تكاليف الاقتراض للبلدان الأوروبية التي تعاني من ارتفاع كبير في العائد على سنداتها عن طريق شراء سندات هذه الحكومات من الأسواق الأولية والثانوية.

وكان لنتائج اجتماع وزراء المالية الأوروبيين أثر إيجابي على اليورو الذي واصل الارتفاع ليستقر حاليا فوق 1.33، يتداول زوج اليورو مقابل الدولار الأميركي حاليا حول 1.3356، وسجل الأعلى عند 1.3370 والأدنى عند 1.3229 مقارنة بسعر الافتتاح عند 1.3312.

من جانبه أعرب وزير الاقتصاد والمالية الإيطالي، فيتوريو جريلي، عن ثقته في حدوث تحول بالاقتصاد خلال النصف الثاني من العام الحالي بالنسبة للبلاد ومنطقة اليورو، مؤكدا ضرورة أن تنمو إيطاليا بمعدل 1% سنويا بداية من 2014. وأبرز جريلي أثناء مثوله في البرلمان الأوروبي «درجة الثقة المتنامية» في أوروبا عقب شهور من «التوترات»، مؤكدا أن الأوضاع المالية الجيدة تسمح بـ«القضاء على الشكوك» بخصوص مستقبل منطقة اليورو. وأشار المسؤول إلى أن الأزمة لم يتم تخطيها إلا أن المؤشرات تظهر أنه سيكون هناك تغيير خلال النصف الثاني من 2013، دون الحاجة إلى إجراء استقطاعات جديدة. وأوضح الوزير أن الاقتصاد الإيطالي سيتعافى بشكل تدريجي وسيكون مستعدا للنمو بنسبة 1% سنويا بداية من 2014 ومدعوما بالاستثمارات والصادرات. وأضاف جريلي: «على الرغم من التوقعات الإيجابية للنصف الثاني من هذا العام، فإن الشعور بالرضا لا يجب أن يتملكنا»، مشيرا إلى أن هذا المعدل لن يكون كافيا للسماح بخلق فرص عمل بصورة مستدامة. وأكد المسؤول أن النمو بداية من الآن سيكون تحديا أوروبيا كبيرا، مؤكدا أن حزم الاستقطاعات والتقشف التي تمت في عدد من الدول الأوروبية كانت ضرورية.