رجال أعمال سعوديون يوجّهون بوصلة صادراتهم الاستثمارية الجديدة إلى السوق الليبية

وسط مطالبة بإيجاد خط بحري مباشر لنقل البضائع السعودية إلى دول المغرب العربي

جانب من أحد المشاريع السكنية في مدينة بنغازي بليبيا (رويترز)
TT

وجّه رجال أعمال سعوديون بوصلة صادراتهم الاستثمارية الجديدة إلى السوق الليبية، يأتي ذلك في الوقت الذي باتت فيه السوق الليبية، من أكثر الأسواق العربية جذبًا لرؤوس أموال سعودية، تعتزم الاستثمار في أسواق المنطقة خلال العام الحالي، وسط مطالبة بإيجاد خط بحري مباشر؛ لنقل البضائع السعودية إلى دول المغرب العربي.

وفي السياق ذاته، باتت الصادرات السعودية المتجهة إلى السوق الليبية خلال الفترة الحالية، ترتكز على منتجات مواد البناء، ومنتجات غذائية، وصناعات كهربائية، وغيرها من الصناعات المختلفة، وهو الأمر الذي يعزز من فرصة سرعة إنشاء مجلس أعمال سعودي - ليبي خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وقال أحمد الكريديس، رئيس لجنة الصادرات السابق في الغرفة التجارية والصناعية بالرياض لـ«الشرق الأوسط»: «أثبتت البضائع السعودية قوتها في المنافسة في مختلف أسواق المنطقة، وفي ظل ذلك بدأ رجال أعمال سعوديون بتوجيه بوصلة صادراتهم الجديدة، إلى السوق الليبية لعدة أسباب مختلفة»، مضيفا: «من أهم الأسباب التي قادت إلى توجه الصادرات السعودية إلى السوق الليبية؛ هو أنها باتت من أكثر أسواق المنطقة جاذبية من جهة، وحرص رجال الأعمال السعوديين إلى فتح أسواق استثمارية جديدة في المنطقة من جهة أخرى».

وطالب الكريديس، بضرورة إيجاد خط بحري مباشر؛ لنقل البضائع السعودية إلى دول المغرب العربي. وقال: «للأسف الوضع الحالي للنقل البحري بات من أهم العوائق التي تواجه الصادرات السعودية، المتجهة إلى دول المغرب العربي، ولو كان هنالك خط مباشر لنقل هذه البضائع لتجاوزنا كثيرًا من مشكلاتنا».

وأكد الكريديس أن الصادرات السعودية تقوم على مجهودات «فردية» لا أكثر، مبينا: «في الوقت ذاته أن هنالك حاجة ملحة إلى إنشاء هيئة متخصصة للصادرات السعودية، تقوم بدور التنظيم، والدعم، والتوجيه، والتحفيز».

وأضاف الكريديس: «لو تتحد الصادرات السعودية، بحيث يكون هنالك تحالف بين القطاع الخاص والقطاع العام، لأصبحت من أكثر الصادرات العربية المطلوبة للأسواق المحلية»، مشيرًا إلى أن 80 في المائة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية لديها القدرة الكاملة في التصدير للخارج.

وشدد الكريديس خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على أن الصادرات السعودية تسير بلا قائد. وقال: «لدينا القدرة على المنافسة في مختلف الأسواق العربية والأفريقية، وبعض الأسواق العالمية في الوقت ذاته، ولكننا للأسف نسير بشكل عشوائي، وليس هنالك قائد يستطيع تنظيم أعمالنا».

من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن مجلس الأعمال السعودي - الليبي سيتم اعتماده قبل شهر أغسطس المقبل، وقالت هذه المصادر: «هنالك مطالب سعودية - ليبية، بإيجاد مجلس أعمال مشترك، وهو الأمر الذي من المتوقع تلبيته خلال أشهر قليلة جدا».

وكان المهندس عبد الله المبطي، رئيس مجلس الغرف السعودية قد أكد في لقاء نظمه مجلس الغرف السعودي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع الدكتور محمد يوسف المقريف، رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام، على عمق وقدم العلاقات السعودية - الليبية، مبديا ثقته بتطوير العلاقات الثنائية، خاصة التجارية والاقتصادية.

غير أن المبطي استدرك بأن العلاقات التجارية بين السعودية وليبيا في الماضي لم ترتقِ حتى الآن إلى طموحات القطاع الخاص في البلدين، حيث لم يتجاوز إجمالي قيمة التبادل التجاري مبلغ 51.2 مليون دولار عام 2011.

ودعا الجانب الليبي إلى تقديم كافة أنواع التسهيلات والدعم، لرجال الأعمال السعوديين، وإلى البدء في تأسيس مجلس أعمال سعودي - ليبي مشترك، مؤكدا قدرة القطاع الخاص السعودي على المشاركة الفاعلة، في مشاريع إعادة الإعمار الليبية.

فيما أوضح الدكتور محمد يوسف المقريف، رئيس المؤتمر الوطني الليبي حينها، أنه بحث مع خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، جميع القضايا على مختلف الصعد، وعلى مستوى شامل يغطي الرؤية الثنائية حول قضايا المنطقة، مشيرا إلى أن هناك تطابقا كاملا في رؤيتي البلدين، حول القضايا الدولية والإقليمية، فضلا عن القضايا الثنائية.

وقال: «إننا في السعودية نعمل على تدشين مرحلة مقبلة مبشرة، طابعها التعاون والتكامل، وذلك من خلال شراكة حقيقية استراتيجية على كافة الصعد، تتجاوز المصالح المشتركة إلى تبادل المصالح والمنافع بين البلدين؛ لمواجهة كل التحديات التي تواجهها»، مؤكدا توفر إرادة سياسية سعودية - ليبية لتفعيل كل ما طرح وتم بحثه.

وأكد رئيس المؤتمر الوطني الليبي حينها، أن الاستثمارات السعودية التي توقفت في ليبيا مع اندلاع الثورة الليبية الأخيرة، ستنطلق بقوة مضاعفة أضعاف ما كانت عليه في السابق، مشيرا إلى اعتزام توظيف الإرادة السياسية في كل من السعودية وليبيا لصناعة آلية فعالة، لتنفيذ كافة ما تم الاتفاق عليه.

يشار إلى أنه حسمت جامعة الدول العربية الخطة النهائية المعتمدة؛ لإعادة إعمار ليبيا، حيث تعتمد هذه الخطة على تقديم الأيدي العاملة، والشركات المنفذة من دول المنطقة إلى ليبيا بهدف إعادة الإعمار مجددًا، وقال محمد الربيع، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية في حديثه لـ«الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي: «أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية قرارا بالطريقة الممكنة لإعادة إعمار ليبيا، حيث تضمن هذا القرار أن يتم دعم السوق الليبية بالأيدي العاملة، والخطط المقترحة، والشركات المشغلة، لإعادة إعمار ليبيا مجددا».

وأضاف الربيع: «ليبيا لا تحتاج إلى دعم مالي، لأن لديها موارد كبيرة جدًا، لكنها تحتاج إلى الشركات المنفذة لمشروعات إعادة الإعمار، بالإضافة إلى الأيدي العاملة، وجامعة الدول العربية ستدعم هذا الملف بقوة، لأن الشركات العربية لديها فرصة استثمارية كبيرة في السوق الليبية، خصوصًا أن الشركات العالمية تستهدف هذه السوق»، مؤكدًا على أن الأيدي العاملة التي ستتوجه إلى السوق الليبية بهدف إعادة الإعمار ستكون من الجنسيات العربية.