البورصة المصرية تتماسك في مواجهة اشتباكات الذكرى الثانية لثورة يناير

وسط توقعات بتخفيض التصنيف الائتماني وتأثر المحادثات مع صندوق النقد

جانب من البورصة المصرية (رويترز)
TT

قال خبراء اقتصاديون إن البورصة المصرية بدت أكثر تماسكا في مواجهة الأحداث والاضطرابات التي أصبحت تقع في البلاد بشكل متكرر، على الرغم من التهديدات الاقتصادية التي تحملها تلك الاضطرابات، والتي تتمثل في احتمال تخفيض التصنيف الائتماني للبلاد، كما هددت «موديز» الأسبوع الماضي بخفض محتمل في التصنيف بسبب حالة عدم اليقين بشأن الأوضاع السياسية في البلاد ومدى قدرة مصر في الحصول على تمويل دولي.

وأشار محللون إلى أن تلك الاضطرابات قد تضر بالمحادثات المقبلة مع صندوق النقد الدولي، التي من المتوقع أن تبدأ خلال الفترة المقبلة، وترى مؤسسات مالية محلية ودولية أن الاتفاق مع الصندوق مهم، للحصول على تأييد دولي بأن الاقتصاد المصري قوي، كما سيدعم جاذبيته للمستثمرين.

وبعد أحداث دامية مرت بها البلاد، خلال اليومين الماضيين، انخفضت البورصة المصرية بنحو ضئيل، أمس، لتفقد نحو 2.6 مليار جنيه فقط بنهاية تعاملات اليوم، ليصل رأسمالها السوقي إلى 378.967 مليار جنيه. وبلغت إجمالي قيم التداولات نحو 432.43 مليون جنيه، بعد التداول على أسهم 160 شركة، ارتفعت منها أسهم 42 شركة، بينما تراجعت أسعار أسهم 99 شركة، ولم تتغير أسعار أسهم 19 شركة. وتراجع مؤشر البورصة الرئيسي «EGX30» بنسبة 0.02 في المائة ليغلق عند 5688.05 نقطة، كما تراجع مؤشر الشركات المتوسطة «EGX70» بنسبة 0.47 في المائة ليغلق عند 466.77 نقطة.

واتجه المصريون والأجانب نحو الشراء بصافٍ بلغ 24.83 مليون جنيه و104.335 مليون جنيه على التوالي، بينما اتجه العرب نحو البيع بصافٍ بلغ 129.168 مليون جنيه.

وقال متعاملون إن السوق استطاعت التماسك بحلول منتصف التعاملات، بعد أن بدأت جلسة أمس على خسائر جاوزت 7 مليارات جنيه، لكن بحلول منتصف التعاملات، استطاعت البورصة أن تقلص خسائرها تدريجيا.

وقال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إن المتعاملين أصبحوا أقل تفاعلا مع أحداث الاضطرابات، مشيرا إلى أن تكرارها أعطى مرونة أكبر للسوق في التعامل معها، كما أن انخفاض أسعار الأسهم، خلال جلسات الأسبوع الماضي، أدى لتراجع الشهية البيعية للمتعاملين خاصة الأفراد، منوها بأن هناك محاولة لاقتناص الصفقات من السوق حتى الآن عند المستويات السعرية الحالية للاستفادة من الانخفاضات السعرية، وأضاف قائلا: «الجميع يريد الاطمئنان أولا على مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي قبل أن يضخ استثمارات جديدة».

وأوضح أن نقص السيولة وانخفاض قيم التداولات مثلا عائقا أمام تفاقم المبيعات خلال الجلسة، موضحا أن استقرار الأوضاع داخل السوق سيرتبط في الأساس باستقرار الأوضاع في الشارع السياسي المصري.

ويرى عادل أن مواجهة المؤشر الرئيسي لمستويات دعم مهمة أعطى للسوق دفعة ساهمت نسبيا في تحجيم الخسائر، إلا أن هناك حذرا واضحا يعكسه انخفاض أحجام التداولات، مشيرا إلى أن السوق تتعطش خلال الفترة الحالية لظهور أنباء جديدة أو حدوث استقرار يحفز السيولة على العودة مرة أخرى كقوة محركة.

وقال عادل إن حدوث أعمال عنف مؤخرا يعني أن تعافي السوق والتداولات سيأخذ وقتا أطول مما يتمنى الجميع، بينما يقتنص المتعاملون العرب والأجانب الأسهم بأسعار رخيصة وسط توقعاتهم المستقبلية بخصوص تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، وأضاف: «يعيش المتعاملون في سوق المال المصرية حالة من القلق والترقب وعدم القدرة على اتخاذ قرار الاستثمار وسط شح شديد في السيولة في ظل الأوضاع الحالية».

وقال إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث بشركة «أصول» لتداول الأوراق المالية: «إن ما حال دون هبوط السوق أمس بشكل عنيف هو تماسك سهم (أوراسكوم للإنشاء والصناعة)، الذي يمثل ثلث الوزن النسبي لمؤشر البورصة الرئيسي، وعدم هبوطه بشكل عنيف، خاصة مع قرب توقع إعلان عرض شراء إجباري لأسهم الشركة في البورصة المصرية بقيمة 280 جنيها للسهم، الذي أغلق، أمس، عند 262 جنيها».

وفي إطار صفقة مبادلة أسهم «أوراسكوم للإنشاء والصناعة»، مع أسهم شركة «أو سي آي إن في» الهولندية، قالت الشركة إنه تم قيد نحو 140.08 مليون سهم للشركة في بورصة أمستردام متضمنة حصة عائلة ساويرس وشركة «أبراج كابيتال» وآخرين، التي تمثل 91 في المائة من شهادات الإيداع الدولية، بالإضافة إلى 68 في المائة من إجمالي أسهم الشركة.

وأضافت «أوراسكوم» أن الشركة الهولندية حصلت على التزامات إضافية تمثل نسبة قدرها 4 في المائة من حاملي شهادات الإيداع الدولية من مساهمين آخرين، ليصبح بذلك مجموع التحويلات بالإضافة إلى التعهدات القائمة من حاملي شهادات الإيداع الدولية نسبة قدرها 95 في المائة من إجمالي شهادات الإيداع الدولية. كما تلقت الشركة تعهدات غير قابلة للإلغاء من نسبة 8 في المائة من إجمالي عدد الأسهم المصدرة لمبادلة أسهمهم المحلية بأسهم في شركة «أو سي آي إن في»، ليصبح بذلك إجمالي ما تمتلكه الشركة من شهادات الإيداع الدولية لشركة «أوراسكوم للإنشاء والصناعة» بالإضافة إلى التعهدات القائمة غير القابلة للإلغاء من حاملي شهادات الإيداع الدولية والأسهم المحلية، نحو 80 في المائة من أسهم شركة «أوراسكوم للإنشاء والصناعة».

وتابع سعيد: «أصبحنا الآن نعتاد الاضطرابات التي تحدث في البلاد، فللبورصة مناعتها ضد تلك الأحداث».

وأضاف: «لن يحدث تغير في أداء البورصة التي تتحرك حاليا بشكل عرضي إلا بعد ظهور أخبار إيجابية عن الاقتصاد المصري، أما دون ذلك، فسيتحرك المؤشر الرئيسي بين مستويين هما 5500 نقطة و5750 نقطة».

وأشار إلى أن تصاعد حدة التوترات السياسية قد يعصف بالبورصة، خاصة أن البلاد مهيأة لفرض حالة الطوارئ في بعض مناطق البلاد التي تشهد اضطرابات، مثلما ذكر بيان أصدره مجلس الدفاع الوطني المصري بعد اجتماع عقد يوم السبت الماضي.

وكان محمد عمران رئيس البورصة قد قال في تصريحات سابقة إن الوضع السياسي لمصر بات صعبا، وهو ما يزيد من سوء الأوضاع الاقتصادية المحلية نظرا لعدم انفصال المؤشرات الاقتصادية بأي دولة عن أوضاعها السياسية والأمنية.