الأسهم الأميركية تجذب صغار المستثمرين مجددا

14.9 مليار دولار تم ضخها في صناديق الاستثمار المشتركة

TT

يبدو أن الأميركيين قد عاودتهم الرغبة في الاستثمار في الأسهم من جديد، بعد أن هجر الملايين منهم السوق بعد الأزمة المالية عام 2008، لكن في الوقت الراهن، يضخ المستثمرون الأفراد كما من الأموال يفوق ما ضخوه على مدى أعوام في صناديق الأسهم المشتركة. لقد ساعد هذا التدفق النقدي، المدفوع بتلاشي التهديدات الاقتصادية وذيوع أخبار أفضل عن الإسكان والوظائف، في دفع السوق إلى مستويات مذهلة من حيث القيمة الاسمية للأسهم. ويقول إندرو ويلكينسون، كبير الخبراء الاقتصاديين بشركة «ميلر تاباك أسوشييتس»: «لقد أصبح لدينا تغيير هائل في نظرة المستثمر».

في الوقت الذي ربما تساعد فيه السوق المزدهرة في رفع الروح المعنوية للأمة، إلا أن ذلك ليس بالضرورة أن يعيد المحافظ الاستثمارية لكل شخص. في الفترات الطيبة والعصيبة، يتجه الكثير من المستثمرين الأفراد للشراء والبيع في اللحظات الخاطئة. فهم يبيعون الأسهم بعد انهيار السوق ويشترونها بعد ازدهارها، وهو عكس ما يأمل المستثمرون في القيام به. ويخشى بعض خبراء السوق أيضا من احتمال حدوث هذا أيضا في الشهور المقبلة. فمن تجنبوا الاستثمار في الأسهم مع هبوط أسعار الأسهم في عام 2008 ومطلع عام 2009 قد فاتهم بالفعل صعودا مميزا. وقد ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» 500 بنسبة 120 في المائة منذ مارس (آذار) 2009، متخطيا الرقم القياسي الذي سجله والذي بلغ 1500. في هذا العام وحده، ارتفعت مؤشرات الأسهم الرئيسية بنسبة 5 في المائة. والآن، يبدو جمهور المستثمرين أكثر خوفا من الحرمان من فرصة الاستثمار في وول ستريت عن خوفهم من القراءة الخاطئة لوول ستريت.

ويبدو ولع الأميركيين الأخير بالبورصة جديدا، ولكنه يمكن أن يخبو بسهولة بعد أن يصبح الاستثمار أكثر خطورة. ويحذر بعض مراقبي السوق من أنه بالنظر إلى الارتفاع المفاجئ الكبير في الأسعار، تبدو السوق مواتية بالفعل لتصحيح مؤقت على الأقل.

وتمثل روح التفاؤل التي سادت السوق في الأسابيع الأخيرة تغييرا هائلا عن السنوات الأخيرة. فحتى وقت قريب، ظل كثير من المستثمرين عازفين عن تداول الأسهم في مواجهة ثلاث مشكلات مسيطرة وهي: الانهيار المحتمل لمنطقة اليورو ومخاوف تباطؤ الاقتصاد الصيني متباطئ وتوجهات سياسة «الهاوية المالية» في واشنطن التي هددت بدفع الاقتصاد إلى ركود جديد.

ويبدو أن تلك التهديدات قد تبددت واحدا تلو الآخر. في هذا الأسبوع؛ حيث توصل الكونغرس إلى طريقة قصيرة الأجل للتعامل مع سقف ديون الدولة، متجنبين تهديدات الجمهوريين بإعلان عجز الحكومة عن سداد ديونها عند وصولها إلى حد اقتراض فرضته على نفسها في فبراير (شباط) أو مارس. ومع انقشاع سحابة الأزمة، يبدو واضحا أن المستثمرين قد ركزوا بشكل أكبر على سلسلة بيانات اقتصادية جديدة تشير إلى سوق إسكان متنامية، وإلى تقلص معدل البطالة وأرباح الشركات التي كانت أكبر من المتوقع.

وتشير الأسابيع القليلة الماضية إلى اعتقاد أنه لن يكون هناك تهديد وجودي آخر لأي اقتصاد عالمي ضخم في عام 2013، على حد قول نيكولاس كولاس، كبير الخبراء الاستراتيجيين المختصين بالسوق في مجموعة «بي إن واي كونفيرج إكس».

وكان الجزء الأكبر من أموال جيم كول، الموظف البالغ من العمر 52 عاما في «بنك «أوف ذا ويست» في سان فرانسيسكو، المودع في حساب التقاعد الخاص به في صورة نقد في نهاية عام 2012، فيما انتظر أن تؤول المفاوضات المالية في واشنطن إلى نتيجة سيئة. ولكن منذ أن توصل الكونغرس إلى اتفاقه، استثمر كول معظم أمواله في صورة أسهم. وقال كول: «قمت للتو بشراء المزيد من الأسهم هذا الصباح. لا يبدو أن هذه الدوامة من النظرة التشاؤمية تخيم على الاقتصاد الأميركي أو الاقتصاد العالمي بالنظر إلى فترة تتراوح ما بين ستة أشهر و12 شهرا من الآن».

لقد ساعد التفاؤل بالاقتصاد وأرباح الشركات منح البورصة ثمانية أيام من الارتفاع المتواصل مباشرة بالنسبة لمؤشر «ستاندرد آند بورز» 500، وهي أطول مدة منذ 2004. وأقفل مؤشر «ستاندرد آند بورز» 500 يوم الجمعة مسجلا ارتفاعا قيمته 8.14 نقطة، أو 0.5 في المائة، ليصل إلى 1.502.96. ولا توجد بيانات مؤكدة يمكن استخدامها في قياس سلوك المستثمرين الأفراد.

* خدمة «نيويورك تايمز»