توقع تراجع احتياطي المغرب من العملات الصعبة لتغطي 3 أشهر فقط

مسؤول حكومي مغربي: نتوقع عجزا ماليا بقيمة 7.6 مليار دولار

بنك المغرب المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

توقع مسؤول مغربي أن يبلغ العجز المالي للمغرب خلال العام الحالي 7.6 مليار دولار، أي ما يعادل 6.8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وقال أحمد الحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط (بمثابة وزير تخطيط)، إن هذا التوقع يأخذ بالاعتبار ترقب حصول المغرب على مساعدات مالية خليجية بقيمة 2.5 مليار دولار خلال هذه السنة في إطار الشراكة الاستراتيجية الجديدة مع دول مجلس التعاون. وأضاف الحليمي، الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية، خلال لقاء صحافي حول آفاق الاقتصاد المغربي: «من دون احتساب هذه المساعدات فإن النقص في التمويلات كان سيصل إلى عشرة مليارات دولار، أي ما يعادل نسبة 9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب».

وأضاف الحليمي أن المغرب الذي بلغ مستوى مديونيته الخارجية سقف 60 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سيضطر إلى سد هذا النقص في التمويل عبر استنزاف رصيده من العملات الصعبة، إذا أراد أن يحافظ على معدل المديونية في نسبة 60 في المائة، وتوقع استمرار تقلص احتياطي المغرب من العملات ليصل إلى ما يعادل ثلاثة أشهر من الواردات خلال العام الحالي، عوض أربعة أشهر في 2012 وخمسة أشهر في 2011. وأشار إلى أن المستوى المتوقع من دون احتساب المساعدات المالية الخليجية هو شهران ونصف فقط من الواردات. وعزا الحليمي هذا النقص الكبير في التمويلات إلى تداعيات الأزمة العالمية، خصوصا الأزمة المالية الأوروبية، على الاقتصاد المغربي، إضافة إلى نمو الواردات المغربية بوتيرة أسرع من وتيرة نمو صادراته، ولجوء الحكومة إلى الاقتراض الخارجي من أجل تمويل العجز الأولي للموازنة الحكومية. وأشار الحليمي إلى أن «العجز الأولي للموازنة يتضمن مصاريف خدمة الدين الحكومي، وبالتالي فإن الحكومة أصبحت تقترض من أجل أداء ديونها». وأوضح الحليمي أن عجز الموازنة الحكومية بلغ 7 في المائة في 2012، بعد أن بلغ 6.2 في المائة في 2011، وأن الحكومة رغم لجوئها إلى الاقتراض من السوق الدولية خلال العام الماضي لم تتمكن من سد هذا العجز، وبالتالي اضطرت إلى تمويله عبر استنزاف احتياطي العملات الصعبة.

ودعا الحليمي إلى فتح نقاش وطني حول السياسة النقدية وسياسة الميزانية من أجل إعادة توجيهها. وقال إن هناك أشياء كثيرة تتطلب التمحيص وإعادة النظر. وأشار على الخصوص إلى حصر هدف السياسة النقدية في المحافظة على استقرار التضخم في نسب منخفضة. وقال إن تجارب الكثير من الدول تبين أن السماح بنسب أعلى من التضخم لا يتعارض مع تحقيق نسب نمو مرتفعة. كما انتقد اعتماد الحكومة على الاقتراض الداخلي من أجل تمويل العجز الناتج عن دعم الأسعار الداخلية عن طريق صندوق المقاصة الذي يدعم أسعار المحروقات والسكر والدقيق. وبخصوص آفاق 2013، توقع الحليمي أن يحقق الاقتصاد المغربي خلالها نموا بنسبة 4.8 في المائة، عوض 2.7 في المائة في 2012، و5 في المائة في 2011، و3.7 في المائة في 2010.

وقال إن هذا التوقع مبني على فرضية تحقيق المغرب لإنتاج زراعي جيد، إذ يرتقب أن تتجاوز محاصيل المغرب من الحبوب 70 مليون قنطار، إضافة إلى تحسن باقي منتجاته الزراعية. وأضاف الحليمي أن الطلب الداخلي والاستثمار لا يزالان يشكلان قاطرة النمو بالنسبة للاقتصاد المغربي، غير أنه توقع تحسن صادرات المغرب، خصوصا في اتجاه البلدان النامية. وقال: «لاحظنا تنوعا مزدوجا في صادرات المغرب، سواء في ما يتعلق بالأسواق حيث بدأت صادراتنا في اتجاه الدول النامية ترتفع، أو بالنسبة للمنتجات المصدرة التي بدأت تبرز فيها منتجات جديدة».

وقال الحليمي إن الأزمة الحالية التي يعرفها العالم يجب النظر إليها كأزمة تحولات، تتطلب توجيه الاستثمارات إلى قطاعات جديدة وتقنيات جديدة لمسايرة الركب. وأشار إلى أن المغرب يبذل مجهودات في هذا الاتجاه عبر الاستثمار في قطاعات مستقبلية كالطاقات المتجددة والتقنية والخدمات ووضع برامج ومخططات للنهوض بقطاعات الصناعة والسياحة والزراعة، غير أنه دعا إلى العمل من أجل انخراط أكبر للقطاع الخاص في عجلة التنمية من خلال الاستثمار. كما دعا إلى إصلاح السياسة النقدية وجعلها أداة لتمويل الاقتصاد، وانتقد اعتماد المجموعات الكبرى في المغرب على التمويلات المصرفية السهلة بدل اللجوء إلى البورصة، مشيرا إلى أنها بهذا السلوك تقلص فرص حصول المشاريع الصغرى على تمويلات مصرفية، في حين تحرم البلاد من سوق مالية متقدمة ومتطورة.