محللون: مساعدات إيران الاقتصادية لن تفيد مصر وهناك صعوبة في تحقيق تقارب

قالوا إن العقوبات المفروضة على طهران تحول دون تنمية العلاقات بين البلدين

TT

اعتبر محللون أن سعي إيران لتقديم مساعدات إلى الحكومة المصرية من خلال تقديم خط ائتماني كبير، هو سعي للخروج من عزلتها التي فرضتها الولايات المتحدة عليها، وقالوا إن العقوبات المفروضة على إيران لن تستطيع مصر بسببها الاستفادة من تلك التسهيلات، ولكنهم يرون أن توسيع العلاقات مع تلك الدولة من الممكن أن يستخدم ورقة ضغط لإزالة خلافات طهران مع الدولة العربية.

وكانت هناك رغبة من قبل مصر وإيران في تحسين علاقتهما التجارية بعد الثورة المصرية، وعقدت اجتماعات بين وزراء من كلا الجانبين، إلا أنها لم تؤت ثمارا حتى الآن.

وقال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في تصريحات صحافية إن بلاده عرضت قرضا على مصر رغم العقوبات الاقتصادية الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي، وأضاف: «أعلنت من قبل أنه يمكننا أن نقدم خطا ائتمانيا كبيرا للأخوة المصريين، وكذلك خدمات عديدة»، مشيرا إلى أن الاقتصاد الإيراني تأثر بالعقوبات، لكنه «اقتصاد ضخم» يشهد «أمورا إيجابية»، وأضاف أن الصادرات ترتفع شيئا فشيئا. إلا أن خبراء مصريين قللوا من شأن تلك المساعدات، وقالوا إنها لن تفيد مصر كثيرا، كما أن العقوبات المفروضة على إيران قد تكون عائقا يحول دون زيادة التبادل التجاري بين البلدين.

وقال حمدي موسى المدير العام لبنك «مصر - إيران» لـ«الشرق الأوسط» إن الخط الائتماني عبارة عن تسهيلات وليس قرضا، فعندما تحتاج مصر إلى سلعة إيرانية تستخدم هذا الخط لاستيرادها. وأشار إلى أن بلاده لا تحتاج إلى مثل تلك المساعدات، وتابع: «لدى المصارف المصرية خطوط ائتمان مع عدد من البنوك في العالم، ولا نستخدمها، ونعتمد على أنفسنا لتمويل البضائع المستوردة من الخارج»، وأضاف أنه «من النادر أن تجد بنكا مصريا يتعامل من خلال خطوط الائتمان مع أوروبا وأميركا، فلدينا سيولة كافية، والعقوبات الموجودة على إيران لن نستطيع من خلالها استيراد تلك البضائع».

ويرى موسى أن تلك التصريحات سياسية، ويعتقد أنها تستخدم فقط لإظهار النوايا الحسنة لإيران والتقارب بين الدول الإسلامية.

وبنك «مصر - إيران» هو بنك مصري يبلغ رأسماله المدفوع 200 مليون دولار، تأسس في 1975 بوصفه شركة مساهمة مصرية، وتوزع مساهماته بين بنك «الاستثمار القومي» 29.93%، وشركة «مصر للتأمين» 16.06%، وشركة «مصر لتأمينات الحياة» 13.87%، والشركة الإيرانية للاستثمار الأجنبي المملوكة للحكومة الإيرانية بنسبة 40.14%، ولهم أربعة ممثلين في مجلس إدارة البنك.

وعن قدرة إيران من خلال هذا الخط الائتماني على حل أزمة الوقود في مصر، قال موسى إن «بيع المشتقات النفطية لا يتم بتسهيلات ائتمانية،.. التعامل يجب أن يكون (كاش)، ولهذا نلجأ إلى الحصول على قروض لكي ندفع ثمن الوقود».

وتعاني مصر من أزمة وقود وأزمة في السيولة الدولارية التي تستطيع معها شراء استهلاكها منه، حيث وصل احتياطي النقد الأجنبي لديها إلى أدنى مستوى له منذ 15 عاما، وفي مقابل ذلك، تنتج إيران مشتقات نفطية ومكررات تجد صعوبة أحيانا في تسويقها نتيجة العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.

وتابع موسى: «لا أرى أنه من الممكن أن يكون هناك تقارب مع إيران خلال الفترة الحالية نظرا للعقوبات المفروضة عليها».

من جهته، أخطر البنك المركزي المصري جميع البنوك المصرية والأجنبية العاملة في مصر بداية العام الماضي بحظر التعامل والاستخدام بشكل مباشر أو غير المباشر مع البنوك الإيرانية والبنك المركزي الإيراني، مع مد حظر التعامل كذلك عن طريق حسابات البنوك المصرية المفتوحة في بنوك أميركية أو تخضع للبنك الاحتياطي الفيدرالي في أميركا وذلك لخدمة أية مقابلات تجارية مع دولة إيران أو البنك المركزي الإيراني.

وقال الدكتور حسين عمران، الخبير الاقتصادي ورئيس نقطة التجارة الدولية السابق، إن ما أعلنه الرئيس الإيراني يجب أن يدرس بشكل دقيق لتحقيق ما المكاسب، وأضاف: «المبدأ الأساسي هو أن الاقتصاد المحرك الرئيسي للسياسة، حيث تقيم الدول علاقات سياسية لكي تحرك الجوانب الاقتصادية، ومن هنا يمكن أن نستخدم علاقتنا مع إيران ورقة ضغط تستطيع من خلالها مصر إنهاء المشكلات بين طهران ودول الخليج».

وأكد أن الاستجابة للجانب الإيراني يضر بمصر أكثر مما ينفعها، و«يجب أن تكون هناك دراسة وتنسيق مع الدول العربية بهذا الشأن، وتكون تلك العلاقة ورقة لإصلاح علاقة إيران مع الدول العربية». وقال إن علاقات مصر وامتدادها الطبيعي مع الدول العربية ودول الخليج، و«لا يمكن أن تخسر مصر تلك العلاقة في مقابل التحالف مع إحدى الدول»، وتابع: «التاريخ يعلمنا الكثير».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وإيران نحو 100 مليون دولار خلال الـ9 أشهر الأولى من العام الماضي 2012.