السعودية تفرض رقابة مشددة على أغنام إيرانية تستهدف أسواقها عبر دول الخليج

«الزراعة» لـ «الشرق الأوسط» : رخصة الاستيراد لم تشمل جميع مناطق إيران

أسعار الأغنام في السوق السعودية بلغت أرقاما قياسية («الشرق الأوسط»)
TT

شددت السعودية بحسب معلومات جديدة حصلت عليها «الشرق الأوسط»، أمس، من الإجراءات الداخلية التي يتم من خلالها السماح للحيوانات الحية بالدخول إلى الأسواق المحلية، يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت فيه أعداد كبيرة من الأغنام الإيرانية بالتوجه إلى السوق السعودية عن طريق بعض دول الخليج الحدودية.

أمام هذه المستجدات، أكد مسؤول رفيع المستوى في وزارة الزراعة السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن بلاده تتحقق من بلد منشأ الحيوانات الحية المتجهة إلى السوق المحلية من جهة، وتدقق على السلالات الغريبة لمعرفة بلد منشئها من جهة أخرى، وهي إجراءات مشددة تهدف إلى حماية الأسواق المحلية من الحيوانات الحية التي قد يعقب استيرادها نتائج سلبية.

وفي ذات السياق، بدأ تجار إيرانيون وخليجيون بجلب أعداد كبيرة من الأغنام الحية للدخول في السوق السعودية عن طريق بعض دول الخليج، يأتي ذلك في الوقت الذي لم تصرح فيه السعودية لجميع المناطق الإيرانية بتصدير أغنامها إلى الأسواق المحلية، وهو الأمر الذي يفتح باب محاولات التحايل على الأنظمة من خلال محاولة دمج الأغنام المرفوض دخولها إلى السوق السعودية مع الأغنام المرخص لها.

وفي ظل هذه التطورات، أكد الدكتور خالد الفهيد وكيل وزارة الزراعة المساعد لشؤون الثروة الحيوانية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن السماح للأغنام الإيرانية بالدخول إلى السوق السعودية محصور على بعض المناطق الإيرانية، وقال «كما أنه تطبق على الأغنام المستوردة من هذه المناطق الإجراءات المحجرية، وهي إجراءات تعتبرها الوزارة خطا أحمر ولا يمكن تجاوزها». وأشار الدكتور الفهيد خلال تصريحه إلى أن الأغنام التي يتم تصديرها إلى السوق السعودية عن طريق دول الخليج تتعرض إلى إجراءات مشددة للتأكد من بلد منشئها، مؤكدا على أن الأغنام التي يلاحظ عليها امتدادها من سلالات غريبة تتعرض لإجراءات دقيقة من شأنها التأكد من منشأ هذه الأغنام.

وجدد الدكتور الفهيد تأكيداته على أن بلاده على اتصال دائم بمنظمة الصحة العالمية، مضيفا أن «وزارة الزراعة السعودية تدعم الاستيراد، ولا تقلل من عزيمة التجار في هذا الجانب، إلا أنها في الوقت ذاته تحرص وبشدة على عملية عدم دخول أغنام مريضة، أو غيرها من الحيوانات المستوردة إلى البلاد».

من جهة أخرى، أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن السعودية رفضت خلال الأيام القليلة الماضية دخول أغنام إيرانية وأفريقية تم التحفظ عليها لأسباب مختلفة، يأتي ذلك في الوقت الذي تبحث فيه الإجراءات المحجرية عن سلامة ما يتم استيراده إلى الأسواق المحلية في البلاد، خصوصا أن وزارة الزراعة السعودية اعتبرت هذه الإجراءات خطا أحمر لا يمكن تجاوزه. وكانت 4 دول عربية قد تحركت بصورة منتظمة لحل أزمة اللحوم الحمراء في المنطقة، وتستهدف هذه الدول الأربع، وهي كل من السودان، ومصر، والسعودية، ولبنان، استثمار مليار دولار في مشروعات تربية وتسمين الماشية، بهدف تحقيق نسبة تكافؤ واضحة بين مستويات العرض والطلب في سوق اللحوم في المنطقة، وسط توقعات بأن تظهر نتائج هذه التحركات مطلع العام المقبل.

يشار إلى أنه يعمل صندوق التنمية الزراعي السعودي على إيجاد خطة جديدة لتحسين مستوى إنتاج الأغنام في السوق المحلية، حيث ترتكز الخطة الجديدة على انتخاب الأغنام الجيدة من حيث مقاومة الأمراض، وعدد مرات الولادة، والاستفادة منها في موضوع تحسين وإكثار الماشية، معترفا في الوقت ذاته بتضخم أسعار اللحوم الحمراء في بلاده.

ورفض المهندس عبد الله الربيعان رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، فكرة وجود خلاف بين الصندوق مع وزارة الزراعة السعودية، وقال إن «العلاقات جيدة، نحن نعمل معا من أجل خدمة القطاع الزراعي والحيواني بالشكل المناسب والإيجابي، وليس هنالك خلاف بيننا». واعترف الربيعان أن أسعار الأغنام في السعودية مرتفعة، إلا أنه استدرك قائلا: «ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء هي ظاهرة عالمية وليست محلية فقط، ولكنني أعتقد أن نمط الاستهلاك في المملكة، واعتماد مربي الماشية على الشعير كعلف وحيد لأغنامهم، ساهم في ارتفاع الأسعار بالصورة التي نراها الآن».

وأشار الربيعان حينها إلى أن عدم اعتماد المستهلك على الأغنام المستوردة من بعض دول أفريقيا يحتاج إلى دراسات ميدانية في هذا الجانب، مضيفا أن «السعوديين يعتمدون على الأغنام المحلية، ولا يتقبلون الأغنام المستوردة، وهو من الأسباب التي قادت إلى ارتفاع الأسعار في الفترة الماضية».

وأوضح الربيعان أن بلاده تتجه نحو خطة وطنية جديدة لتحسين إنتاج وإكثار الماشية، معتبرا هذه الخطة من الأسباب التي ستساهم في حل مشكلة ارتفاع أسعار الأغنام وقلة مستوى المعروض. وأبدى الربيعان عدم رضاه عن مستوى الإنتاج الحالي في سوق الأغنام في البلاد، مشيرا إلى أن هنالك حاجة ملحة في ظل انخفاض مستوى المعروض وارتفاع حجم الأسعار إلى تحسين مستوى إنتاج الماشية في السوق السعودية. وأوضح الربيعان أن من الأسباب التي قادت إلى ارتفاع أسعار الأغنام في السوق السعودية، عملية الإصرار على استيراد الأغنام الحية، متمنيا في الوقت ذاته أن تشهد السوق خلال الفترة المقبلة توازنا بين العرض والطلب أكثر مما هي عليه الآن.