الدولار يتألق... والإسترليني أكبر الخاسرين

المستثمرون يعيدون حساباتهم في أسواق الصرف

TT

تألق الدولار من جديد في أسواق الصرف الدولية أمس بعد فترة الاضطراب التي شهدها خلال الشهور الماضية فيما واصل الإسترليني انخفاضه ليصبح أكبر الخاسرين. وقال مصرفيون في لندن «المستثمرون يعيدون حساباتهم من جديد في توجهات أسواق الصرف بعد تلميحات أميركية بوقف سياسة التحفيز... هم الآن يراهنون من جديد على الدولار بدلا عن الذهب». وقال مصرف ميريل لينش الاستثماري «لم يعد المستثمرون يربطون الدولار بأدوات المخاطر الاستثمارية كما كانوا يفعلون في السابق». وحسب تقريره الصادر أمس فإن ميريل لينش من البنوك التي أوصت زبائنها بشراء الدولار في عام 2013. ويرى مصرف «بانك أوف أميركا - ميريل لينش» الاستثماري في تقرير تسلمته «الشرق الأوسط» أن المستثمرين باتوا ينظرون نظرة إيجابية للدولار وأن «العملة الخضراء» تتجه نحو الصعود خلال الشهور المقبلة. وقال المصرف الاستثماري الأميركي إن أهم الأسباب وراء النظرة الإيجابية للدولار هي الإحساس أن سياسة التحفيز الكمي قد تكون وصلت نهايتها بعدما أظهرت تفاصيل أحدث اجتماع للجنة السياسة النقدية ببنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي البنك المركزي الأميركي أن بعض صانعي السياسة يعتقدون أنه قد يتعين على البنك إبطاء مشتريات السندات أو وقفها تماما قبل أن يرى تحسنا في عدد الوظائف. ومن المهم التذكير أن سياسة التحفيز التي اتبعها بنك الاحتياط الفيدرالي «البنك المركزي الأميركي» خلال السنوات الماضية لإخراج الاقتصاد الأميركي من براثن الركود قد ساهمت في توسيع الكتلة الدولارية في الأسواق مما أدى إلى تدهور سعر صرف الدولار. مما حدا بكبار المستثمرين والصناديق إلى الهروب إلى الذهب كـ«ملاذ آمن» لحماية استثماراتهم من التآكل. وبالتالي حدث هروب من الدولار والموجودات المقيمة بالدولار.

ومما أفاد الدولار في صعوده مقابل اليورو البيانات الأولية لمؤشرات مديري المشتريات في فبراير (شباط) التي أشارت إلى استمرار الضعف في منطقة اليورو مما يرفع احتمالات أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. وانخفض اليورو أمس نحو 8.‏0% إلى 3166.‏1 دولار وهو أدنى مستوى له منذ العاشر من يناير (كانون الثاني) ومقارنة مع أعلى مستوى له في 15 شهرا البالغ 3711.‏1 دولار الذي سجله في الأول من فبراير بعد أن أظهرت بيانات نمو القطاع الخاص الألماني أقل من المتوقع. وجاء ذلك بعد بيانات عن انكماش قطاع الخدمات الفرنسي بأسرع معدل في أربع سنوات.

ويلاحظ أن الدولار واصل ارتفاعه كذلك مقابل الين الياباني. ومنذ صعود رئيس الوزراء الجديد شينزو آبي إلى الحكم في اليابان، بدأ المستثمرون يراهنون على ارتفاع الدولار مقابل الين. وقد كسب صندوق سورس الاستثماري مليار دولار من المضاربة على الين. ومن الأسباب التي أدت إلى صعود الدولار المستمر أمام الين، المحاور النقدية والتضخمية التي تبناها رئيس الوزراء آبي لتوسيع الإنفاق وإعادة النمو القوي للاقتصاد الياباني الذي تقوده الصادرات. ومن أهم هذه المحاور «التحفيز الكمي» عبر شراء السندات وإجبار البنك المركزي الياباني على استهداف معدل تضخم يبلغ 2.0% بدلا من 1%. ولكن يلاحظ أن الاتجاه الصعودي للدولار أمام الين توقف أمس ليتراجع 4.‏0% إلى 03.‏93 ين.

وفي صعوده مقابل الجنيه الإسترليني استفاد الدولار من ضعف النمو البريطاني والضغوط التي تعرض لها بنك إنجلترا «البنك المركزي البريطاني» لتحفيز الاقتصاد عبر ضخ جنيهات جديدة في السوق. وقد أظهر محضر الاجتماع الأخير لبنك إنجلترا المركزي أن المحافظ واثنين من المسؤولين صوتوا لصالح استئناف شراء السندات ما يشير إلى أن البنك قد يكون أقرب لاتخاذ إجراءات تحفيز أكبر مما توقعته الأسواق. وسجل الإسترليني أمس خسائر جديدة بعدما انخفض 4.‏0% إلى 5180.‏1 دولار بعدما لامس 5135.‏1 دولار وهو أدنى مستوياته منذ يوليو (تموز) 2010.

وفي أسواق المعادن الثمينة ارتفعت أسعار الذهب قليلا أمس الخميس بعد هبوطها 6.‏2% لتعود فوق 1565 دولارا للأوقية «الأونصة» إذ اجتذبت الأسعار المنخفضة بعض المشترين. غير أن المعدن النفيس ما زال عرضة لمزيد من الخسائر بعد نزوله عن مستويات دعم مهمة في الجلسة السابقة وتسارع عمليات البيع بعد أن أثار محضر الاجتماع الأخير للاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي الأميركي» شكوكا بشأن استمرار خطته للتحفيز.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 3.‏0% إلى 90.‏1566 دولار للأوقية بحلول الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش بينما زادت العقود الأميركية للذهب 7.‏0% إلى 40.‏1566 دولار للأوقية. وكانت الأسعار الفورية قد سجلت 49.‏1554 دولار في تعاملات سابقة وهو أدنى مستوى منذ يوليو. وحسب تعليقات مجلس الذهب العالمي فإن سعر الذهب لا يعكس فقط القيمة الحقيقية الكامنة فيه ولكنه يعكس كذلك قيمة العملة المقيم بها. ويلاحظ كلما انخفض الدولار ارتفع الذهب والعكس بالعكس.