مصر تعد قانونا للتصالح مع رجال أعمال أدينوا قضائيا لإنعاش اقتصادها

وزير: الفجوة التمويلية تتجاوز 14.5 مليار دولار.. وبدائل قرض صندوق النقد غير جيدة

TT

في خطوة أثارت جدلا واسعا في البلاد، عرضت الحكومة المصرية التصالح مع رجال أعمال أدينوا غيابيا في أحكام تتعلق بتعاملات شابها الفساد أثناء حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وذلك في محاولة إعادتهم إلى القاهرة لاستكمال أعمالهم، وبث رسائل إيجابية عن مناخ الاستثمار الذي يشهد أداء سلبيا قوض الاقتصاد. يأتي هذا في وقت قال فيه وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور أشرف العربي، إن معدلات النمو في البلاد بلغت 2.2% خلال الربع الثاني، وإن الفجوة التمويلية تتجاوز 14.5 مليار دولار.

وقالت الحكومة في بيان رسمي إن العرض يهدف إلى إلغاء الأحكام بالسجن الصادرة بحق مستثمرين خارج البلاد ورفع التجميد عن أصولهم، مما يعني تصرفهم في أموالهم من جديد، بما فيها الشركات والمؤسسات الاقتصادية التي توقف عدد منها لسبب أو لآخر.

وأضافت الحكومة أن التصالح المقترح سيؤدي إلى إلغاء أحكام السجن التي صدرت بحقهم وإنهاء تجميد أصولهم. وقال البيان إن مجلس الوزراء وافق أول من أمس على تعديل مرسوم بقانون خاص بضمانات وحوافز الاستثمار، يتضمن إضافة فقرة تنص على أنه في حالة صدور حكم غيابي بالإدانة يجوز اتخاذ إجراءات إعادة نظر الدعوى بناء على طلب وبحضور مدافع خاص عن المستثمر، وكان يتطلب قبل التعديل حضور المستثمر نفسه. ولم يتضح بعد ما إذا كان القانون يسري على من صدرت ضدهم أحكام حضورية في تهم مماثلة. ويترتب على إتمام التصالح، سقوط الأمر الصادر بضبط المحكوم عليه وحبسه وإنهاء منعه من التصرف في أمواله أو إدارتها، وانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمستثمر، بحسب نص البيان.

وواجه عدد من المستثمرين المصريين والأجانب أحكاما قضائية، عن تعاملات غير قانونية، وفروا إلى خارج البلاد، وبعضهم لجأ إلى التحكيم الدولي للفض في نزاعهم مع الحكومة المصرية وطالبوا بمليارات الدولار، مثلما فعل حسين سجواني رئيس شركة «داماك» العقارية الإماراتية، الذي حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه 293 مليون جنيه، مما اضطر المستثمر، الذي لا تزال تسويته مع الحكومة المصرية جارية، إلى رفع دعوى للتحكيم الدولي، مطالبا بتعويض قدره خمسة مليارات دولار.

وأشار مراقبون إلى أن الخطوة تلك كانت متوقعة، خاصة بعد دعوة عدد من قيادات جماعة الإخوان (التي ينتمي إليها رئيس البلاد) لرجال الأعمال الفارين إلى الخارج هربا من الأحكام القضائية، للعودة إلى مصر والاستثمار فيها.

وتحاول الحكومة جذب مستثمرين لتحفيز الاقتصاد، الذي يتعافى ببطء شديد جراء الأوضاع الأمنية والسياسية السائدة. وأظهرت مؤشرات الاقتصاد المصري معدلات غير مبشرة وأقل من المستوى الذي تستهدف الحكومة تحقيقه، حيث حقق الاقتصاد نموا بلغ 2.2% خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي المنتهي في ديسمبر (كانون الأول)، ليصل معدل النمو خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 2.4%.

وكانت الحكومة تستهدف تحقيق معدلات نمو تصل إلى 4.5% خلال العام المالي الحالي، إلا أنها خفضت مستهدفها ليصل إلى 3%.

وقال العربي أمس إن معدلات الاستثمار استمرت في تحقيق آثار سلبية على النمو نتيجة لتواضع معدلاتها التي بلغت خلال النصف الأول من العام المالي الحالي 112 مليار جنيه، بنسبة انخفاض بلغت 4.5% عن استثمارات الفترة المقابلة من العام المالي السابق.

وبلغ إجمالي الاستثمارات التي تم ضخها خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي نحو 62.3 مليار جنيه، منها 44 مليار جنيه استثمارات نفذها القطاع الخاص.

وبلغ إجمالي الدعم الحكومي خلال النصف الأول نحو 67 مليار، منها 50 مليار جنيه خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي، وأضاف العربي أن المنتجات البترولية استحوذت على 84% من قيمة الدعم خلال الربع الثاني وبلغت 42 مليار جنيه، مقابل 5.2 مليار جنيه للسلع التموينية.

وتحاول الحكومة المصرية عقد اتفاقية مع صندوق النقد الدولي، تطرح من خلالها برنامجها المعدل للإصلاح الاقتصادي ويشمل تخفيض الدعم على بعض البنود وخاصة المنتجات البترولية، إلى جانب زيادة الضرائب. ويرى مراقبون أن تلك التعديلات قد لا تلقى قبولا لدى الشارع.

وتبلغ قيمة قرض صندوق النقد الدولي الذي يتم التفاوض عليه 4.8 مليار دولار، وقال العربي إنه ستتم دعوة بعثة صندوق النقد خلال أيام لبدء المحادثات حول القرض، وقال: «اقتربنا من الانتهاء من البرنامج».

«السيناريوهات البديلة عن قرض صندوق النقد الدولي غير جيدة، فالاتفاق مع الصندوق ضروري للحصول على شهادة جودة للاقتصاد المصري، وسيحفز دولا ومؤسسات لإعطاء منح ومساعدات لمصر، مثل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والبنك الأفريقي للتنمية وغيرها، سنكون في موقف صعب إذا لم نحصل على قرض الصندوق»، كما قال وزير التخطيط.

وأضاف أن الفجوة التمويلية خلال العامين الماليين، الحالي والمقبل، تتجاوز 14.5 مليار دولار، بسبب التأخر في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي حالت احتجاجات شعبية دون البدء في تنفيذه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وحصلت مصر على مساعدات وقروض من المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا تقدر بنحو 10 مليارات دولار، مما يمثل 70% من الفجوة التمويلية التي كانت تسعى للحصول عليها، إلا أن تلك المساعدات لم تحفز اقتصاد البلاد، كما لم تساند احتياطي النقد الأجنبي الذي وصل إلى 13.6 مليار دولار، كما لم تقلص عجز الموازنة الذي وصل إلى 91 مليار دولار بنهاية ديسمبر (كانون الأول).