صناعة الطيران «تحلق» في المغرب بفضل قدرته التنافسية

نمت بنسبة 65.5% بين 2008 و2011

عاملة في مصنع لإنتاج قطع الطائرات في منطقة النواصر غرب المغرب (أ.ف.ب)
TT

تشهد صناعة الطيران ازدهارا كبيرا في المغرب حيث تستقبل السلطات بحفاوة في منطقة النواصر (غرب) المجموعات الكبرى وتلك التي تعمل بعقود ثانوية لإنتاج معدات الطيران وتجميعها.

وعلى بعد كيلومترات قليلة من أوروبا وبأسعار إنتاجية وتنافسية أفضل، حققت المملكة نصرا في قطاع صناعة الطيران بإعلانها نهاية 2012 عن استثمار ثالث مجموعة لصناعة الطيران في العالم «بومباردييه» على أرض المغرب.

وبدأت «بومباردييه» إنتاج أولى القطع في منطقة النواصر قرب مدينة الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمملكة، حيث تتركز 85 في المائة من أنشطة هذا القطاع.

وقال عبد القادر عمارة وزير التجارة والصناعة والتكنولوجيات الحديثة خلال ندوة مساء الثلاثاء قبل افتتاح المناظرة الوطنية للصناعة في طنجة (شمال)، إن «اختيار (بومباردييه) للمغرب يبين أنه بإمكاننا أن نصبح قاعدة عالمية لكبار المصنعين».

وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، يشهد هذا الاستثمار الذي قامت به «بومباردييه» بقيمة 200 مليون دولار على مدى ثماني سنوات المقبلة، مع تأمينه 850 فرصة عمل مباشرة، على قوة صناعة الطيران المغربية التي حققت حسب الأرقام الرسمية نموا بنسبة 65.5 في المائة بين 2008 و2011. ويقول حميد بنبراهيم الأندلسي رئيس تجمع صناعات الطيران والفضاء، بنبرة واثقة، إن المغرب لن يكتفي ولن يتوقف عند العائد الربحي الذي قارب المليار دولار العام الماضي، «بل هناك طموح للذهاب أبعد من ذلك».

ويؤكد بنبراهيم الذي كان من بين الذين خططوا لإقامة منطقة النواصر أنه «في بلد كان فيه الحديث دائما يدور حول صناعة السيارات خاصة مع افتتاح (رينو) مصنعها بطنجة، صارت الآفاق اليوم واعدة أكثر» في مجال الطيران «الذي لا يشهد أزمة» كباقي القطاعات.

ويشرح المصدر نفسه أن المغرب «طيلة عشر سنوات استطاع أن يؤسس لقاعدة تنافسية مهمة، كامتداد طبيعي لأوروبا وأصبحت المملكة اليوم مستعدة للاستفادة إلى أقصى حد من هذه الفرصة الاستراتيجية السانحة».

وتأمل المملكة في مضاعفة أنشطتها وإيراداتها بحلول 2020.

وبالفعل بدأت نحو مائة شركة ونحو عشرة آلاف موظف في الاستقرار في منطقة النواصر، بينهم 500 موظف يعملون في مجموعة «سافران إيرسيل» الفرنسية المعروفة التي احتفلت هذه السنة بالذكرى الثامنة لوجودها في المغرب.

ولا يخفي بونوا مارتين لابراد المدير العام للمجموعة الفرنسية، وهو يرافق صحافيين أجانب خلال زيارة ميدانية، ارتياحه للنتائج المحققة في المغرب. ويكشف بونوا أن رقم المعاملات الذي كان عشرة ملايين يورو سنة 2006، وصل إلى مائة مليون يورو السنة الماضية. أما بالنسبة للعمالة التي يبلغ متوسط عمرها 31 سنة كما يشرح المصدر نفسه، فـ«يكفي أن تمنحها تدريبا جيدا لتحصل على نتائج ممتازة».

ولغرض تكوين اليد العاملة المؤهلة دشنت السلطات المغربية سنة 2011 «معهد مهن الطيران» الذي يحظى بتقدير كبير من قبل مجموعة «سافران» الفرنسية وأيضا من قبل كريستوف دولكي الذي استقرت شركته «راتيير فيجيا» حديثا في المغرب.

ويشرح دولكي الذي تتخصص شركته في تصنيع المقصورات وقمرات القيادة والمروحيات، أن هذه المجموعة القادمة من جنوب فرنسا بدأت في 2007 شراكات مع مصنعين كانت «ناجحة جدا»، مما جعلها تفتح فرعها في المغرب.

وتعتزم هذه الشركة الفرنسية التي تشهد إقبالا على طلبياتها، توظيف 150 مغربيا يتلقون حاليا تكوينهم في «معهد مهن الطيران».

وتبقى كلفة اليد العاملة في بلد كالمغرب لا يتجاوز فيه الحد الأدنى للأجور 250 يورو شهريا، في صلب اختيار هذه الشركات التي تفتح فروعا لها في المملكة، مقابل رفضها الحديث عن ترحيل الخدمات أو إعادة التوطين. ويشرح مسؤول في «سافران إيرسيل» أنه «يجب علينا التوقف عن القول إن توظيف مغاربة لدينا يقتل الوظائف في فرنسا، فقد خلقنا العام الماضي 600 وظيفة جديدة، نصفها ذهب إلى مقر الشركة» في فرنسا.

من جانبه، يقول دولكي «إننا في مهد نقل الوظائف المشتركة، فالقدرة التنافسية أكبر ونستطيع جلب عملاء جدد وبالتالي نضمن وظائف أكثر في فرنسا».

وأكد بنبراهيم أنه يجب أن يطبق في المغرب «ما فعلته ألمانيا (في مجال نقل الوظائف) في أوروبا الشرقية». وأضاف أن كل مستثمر جديد يصبح بشكل آلي سفيرا للمملكة. وتابع: «تحدث إلى ياباني عن صناعة الطيران فسيتساءل عن مدى جديتك، لكنه إذا جاء ورأى ما حققه الآخرون فسيسعى إلى أن يفعل مثلهم».