الأزهر يدرس قانون الصكوك.. وتخوفات من تملك الأجانب أصولا سيادية

مسؤول حكومي: لا توجد أي حقوق عينية لحاملها في ممتلكات الدولة

TT

قال مصدر مطلع بمشيخة الأزهر الشريف إن «مجلس الشورى المصري أرسل مشروع قانون الصكوك بعد تعديله، لعرضه على هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة بالأزهر)، لإبداء الرأي الشرعي فيه خلال جلستها القادمة المقرر لها الخميس المقبل». يأتي ذلك في الوقت الذي يواصل فيه مجلس الشورى الذي يتولى السلطة التشريعية في البلاد، مناقشة القانون وسط تأكيدات حكومية بأن أول طرح سيكون في يونيو (حزيران) المقبل. ويعتبر رأي هيئة كبار العلماء بعد وضعها الجديد في الدستور المصري استشاريا وليس ملزما، ولكن إذا صدر قانون كان يجب أن يعرض على الهيئة ولم يعرض، يكون قانونا معيبا.

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو لم يتم عرض أي قانون تكون له خلفية شرعية، على الهيئة، يكون هذا القانون غير دستوري؛ أي فيه عوار دستوري»، وتابع: «الأزهر رفض دعوة مجلس الشورى أول من أمس لحضور مناقشة المشروع، وهذا حرصا منه على عدم تمرير القانون بصورة سريعة كما كان يفضل المجلس (الذي يستحوذ عليه إسلاميون)».

ولم يحدد المصدر ما إذا كان مجلس الشورى قد عدل نقاط الخلاف التي تضمنها القانون ورفضها الأزهر في المرتين الأولي والثانية، قائلا: «ننتظر الاطلاع على القانون بعد تعديله»، لافتا إلى أن «هيئة كبار العلماء سوف تدرس القانون جيدا قبل إبداء رأيها وإقراره».

ورفض الأزهر مشروع قانون للصكوك السيادية قدمته وزارة المالية في وقت سابق، وقال إن القانون لا يتوافق مع الشرع كما أنه يعرض ممتلكات الدولة للخطر.

وقال المصدر ذاته إنه في حال لم يطرأ جديد على المشروع وظل دون تعديل للتحفظات التي أبداها الأزهر، فمن الطبيعي أن يرفضه الأزهر مجددا.

واعترض الشيخ حسن الشافعي عضو مجلس الشورى قبل أيام على قانون الصكوك، مشيرا إلى أن المشروع لم ينص على أن الصكوك ستكون للمشروعات الحديثة فقط وليست للمشروعات القائمة حاليا، مضيفا أن المشروع لم يحدد نسبة تملك الأجانب في المشروعات التي ستمول من خلال الصكوك، مشيرا إلى أن تملك الأجانب خطر، معربا عن تخوفه من تسرب الصكوك إلى إسرائيليين، مما يمثل خطرا على الأمن الاقتصادي المصري.

وحول النصوص التي لو تضمنها مشروع الصكوك الحالي فسيتم رفضه بشكل قاطع من الأزهر، قال المصدر إنه «يجب أن يكون المشروع الجديد للصكوك خاليا من وجود مخالفات شرعية في بنوده مثل كلمة (سيادية)، حيث يتخوف الأزهر من عدم جواز الطعن على التصرفات والقرارات الناجمة عن المشروع أو تحصينها بشكل غير قابل للنقاش والاعتراض بما يفتح الباب لوجود مخالفات أخرى في ما بعد».

إلا أن الدكتور أحمد النجار مستشار وزير المالية رئيس الوحدة المركزية لإصدارات الصكوك، قال إن جميع القوى السياسية والتيارات الشعبية متفقة على أهمية دور الاستثمارات الأجنبية بوصفها رافدا من روافد النمو الاقتصادي لمصر، وأكد أن استخدام الصكوك آلية لجذب هذه الاستثمارات الأجنبية أمر يتماشى مع هذا التوافق، خاصة أن الصكوك لا ترتب أية حقوق عينية لحاملها على الأصول المزمع إنشاؤها بحصيلة الصكوك، حيث لا يسمح القانون لحامل الصك بالحجز أو رهن الأصول العامة أو بيعها، و«كل الحق الممنوح له هو حق انتفاع بهذه الأصول». وأضاف النجار أن من عوامل أهمية مشاركة الأجانب في طروحات الصكوك، انخفاض معدلات الادخار المحلي التي لم تتجاوز نسبة 17% طوال الفترة من عام 1993 وحتى الآن، في حين أن تحقيق معدلات نمو اقتصادي تتجاوز رقم الـ7% يتطلب رفع هذا المعدل إلى 30% على الأقل، و«هذه الفجوة التمويلية يتم تعويضها بالاستثمارات الأجنبية، وهو ما تؤكده أرقام نمو الناتج المحلي».

وتابع أن التعديلات التي تم إدخالها على مشروع قانون الصكوك من أعضاء مجلس الشورى تتمثل في وضع حد أدنى لاكتتابات الصكوك، وهو 100 مليون جنيه أو ما يعادله بالعملات الأجنبية، وذلك نظرا للقيمة العالية لمصاريف إصدار الصكوك التي تتطلب، شرطا للموافقة على طرحها للجمهور، الحصول على تصنيف ائتماني من أحد بيوت الخبرة المتخصصة بجانب إعداد دراسات جدوى اقتصادية كاملة للمشروع المستهدف تمويله بحصيلة الصكوك بخلاف المصاريف الأخرى لقيد الصكوك في بورصة الأوراق المالية وعمولات المروجين.

وردا على المخاوف التي يبديها البعض من استغلال تلك الصكوك بابا خلفيا للخصخصة، قال النجار إن الخصخصة كانت تستهدف بيع الأصول العامة لتصبح ملكية خاصة، في حين أن آلية الصكوك تتيح للدولة حصيلة مالية للإنفاق على مشروعات عامة تؤول ملكيتها بعد انتهاء فترة الصكوك إلى الدولة، و«هو ما يعمل على تعظيم حجم الأصول العامة للدولة».

وأوضح أن مجلس الشورى تأكيدا لهذه السياسة أدخل تعديلا على مشروع القانون، ينص على حظر استخدام الأصول العامة كافة القائمة حاليا في إصدارات الصكوك، بحيث لا يسمح بإصدار صكوك إلا لتمويل إنشاء أصول جديدة، و«هو ما يرد تماما على تلك المخاوف».