لأول مرة منذ 4 سنوات.. «الشيوخ» الأميركي يقر موازنة بـ3.7 تريليون دولار

في جلسة «ماراثونية» تجاوز فيها الخلافات الحزبية بين الجهوريين والديمقراطيين

TT

بعد جدال ساخن استمر طوال الليل وانتهى في الخامسة فجرا، أقر مجلس الشيوخ أمس السبت موازنة عام 2014 وقدرها 3.7 تريليون دولار، وتعد الأولى منذ أربع سنوات. وتقوم الموازنة بتحفيز تمرير زيادة الضرائب، وخفض الإنفاق بحذر، بينما تترك الحكومة غارقة في ديون لمدة عقد من تاريخ إقرارها.

ومن شأن موافقة 50 من الأصوات مقابل رفض 49 أن يؤدي إلى مفاوضات مثيرة للقلاقل، وربما غير مثمرة، مع مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون في أبريل (نيسان) المقبل حول إقرار خطة من خطتين مختلفتين تماما للتعامل مع المشاكل الاقتصادية والموازنة. ولم يصوت أي عضو جمهوري في مجلس الشيوخ بالموافقة على خطة المجلس يوم السبت، في حين لم يعارضه من الديمقراطيين سوى مارك بريور، النائب عن ولاية أركنساس، وكاي هاغان، عن نورث كارولينا، ومارك بيغيتش، عن ألاسكا، وماكس بوكوس، عن مونتانا. ويمثل الأربعة أعضاء ولايات تدعم الجمهوريين، ويستعدون لخوض الانتخابات المقبلة عام 2014.

وقالت عضو مجلس الشيوخ عن واشنطن ورئيسة لجنة الموازنة، باتي موراي، الساعة الرابعة وست وخمسين دقيقة «أقر مجلس الشيوخ الموازنة».

وبحسب «نيويورك تايمز» من المفترض أن تنجح خطة مجلس النواب في إعادة التوازن بين الضرائب والإنفاق الحكومي بحلول عام 2013 من خلال خفض الإنفاق المحلي إلى ما دون مستويات «المصادرة» الآلية التي تفسد البرامج الفيدرالية حاليا وتنص على تعديلات كبيرة في نظام الرعاية الصحية وقانون الضرائب. أما خطة مجلس الشيوخ، فعلى العكس من ذلك، تتضمن إنفاق 100 مليار دولار في البنية التحتية من أجل تحفيز الاقتصاد، وتدعو إلى الدفع سريعا بقوانين لإصلاح قانون الضرائب وجمع 975 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة من خلال التشريعات غير القابلة للمماطلة السياسية. وحتى مع زيادة الضرائب وخفض إنفاق المنصوص عليه، سوف تترك خطة مجلس الشيوخ الحكومة فريسة لعجز في الموازنة قدره 556 مليار دولار، وديون إضافية قدرها 5.2 مليار تريليون، خلال عشر سنوات.

وقالت باتي موراي، رئيسة لجنة الموازنة في المجلس «الأولوية في موازنة مجلس الشيوخ هي لتوفير فرص عمل وتحقيق نمو اقتصادي من المركز إلى الخارج وليس من أعلى إلى أسفل. وفي ظل استمرار ارتفاع معدل البطالة وثبات رواتب أفراد الطبقة الوسطى لفترة طويلة، لا يمكننا أن نتحمل أي تهديد للتعافي الاقتصادي الهش».

وانتقد الجمهوريون أولويات الديمقراطيين. وقال عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما، وأحد الأعضاء الجمهوريين البارزين في لجنة الموازنة، جيف سيشانز «يمكن للصادقين الاختلاف حول السياسات، لكن لا يمكن لشخص صادق أمين رفض الحاجة إلى تغيير مسار الدولة المتجه نحو المزيد من الديون. الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن لأحد إنكارها هي أن موازنة مجلس النواب تغير مسار الديون، في حين لا تغيره موازنة مجلس الشيوخ».

مع ذلك يعد تمرير خطتي الموازنة المتصارعتين تمهيدا لوضع أكثر تنظيما بعد نحو ثلاثة أعوام من الأزمات وخطر السقوط في الهاوية. وإذا تمكن أعضاء مجلس النواب والشيوخ المتفاوضين من التوافق على إطار لإصلاح قانون الضرائب والبرامج الاجتماعية مثل نظام الرعاية الصحية، يمكن للجان في المجلسين العمل على تشريع تفصيلي بموجب قواعد خاصة قادرة على حماية مشاريع القوانين من مماطلات مجلس الشيوخ.

وفي حال ما إذا ثبت أن المفاوضات عقيمة، فربما نشهد أزمة الموازنة القادمة خلال الصيف الحالي عندما يتعين على الكونغرس رفع سقف الاقتراض الحكومي أو المخاطرة بالتخلف عن سداد الديون الفيدرالية.

وأعاد رئيس مجلس النواب، جون بويهنر، النائب عن ولاية أوهايو، يوم الخميس إحياء الحديث عن قانون تمت مخالفته في يناير (كانون الثاني)، وينص على أن أي زيادة في سقف الدين يجب أن يقابلها خفض في الإنفاق.

وما منح إقرار مجلس الشيوخ أخيرا على الموازنة أهمية أكبر مما يستحقها هو العملية التي مر بها أعضاء المجلس التي كانت بمثابة ماراثون حطم الرقم القياسي يعرف منذ عام 1977 باسم «التصويت طويل النفس». وتم تقديم أكثر من 500 تعديل، وأدلى سبعون عضوا بأصواتهم. ورغم أن رأي المجلس استشاري، فقد أعاد أعضاء المجلس إلى دعم عدد كبير من الموضوعات بداية بتحديد تشريع تظلمات الحكماء ومنع الأمم المتحدة من انتهاك حق أميركا في حمل السلاح وإلغاء الضريبة المفروضة على المعدات والأجهزة الطبية التي تساعد في تمويل قانون الرعاية الصحية الذي يدعمه الرئيس وبناء خط أنابيب «كيستون إكس إل» الذي يمر عبر الوسط الغربي.

وعند الساعة الرابعة فجرا كان أعضاء مجلس الشيوخ يجلسون بهدوء على مقاعدهم يناقشون تعديلات مثل أطفال مدارس ناعسين من دون أن يقطع تلك المناقشات سوى التصفيق الحماسي والتذمر من طلب أحد الأعضاء التصويت بمناداة أسماء جميع الأعضاء رغم أن التصويت الشفوي كاف. وبمجرد تسجيل أعضاء مجلس الشيوخ تصويتهم النهائي، سارعوا إلى الخروج من مبنى «الكابيتول» للاستمتاع بإجازة فصل الربيع التي تستمر لأسبوعين.

كانت تلك الجلسة هي الثانية والثلاثين التي تستمر طوال الليل منذ عام 1915، وتعد الأولى منذ جدال الحرب الأميركية في العراق عام 2007، والتي بدأت الساعة العاشرة صباحا وانتهت الخامسة وتسع دقائق صباح اليوم التالي، بحسب المكتب التاريخي لمجلس الشيوخ. مع ذلك لم يفلح النعاس اللذيذ في التغلب على الانقسام والخلاف بين أعضاء الحزبين حول الموازنة. ولم يتمكن أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين والديمقراطيين من الاتفاق حتى على ما جاء في الموازنة؛ ففي حين قالت موراي إن الخطة وازنت بين زيادة العائدات التي تقدر بـ975 مليار دولار، وخفض الإنفاق والعائد على الاستثمار، قال الأعضاء الجمهوريون إن هذا غير صحيح، حيث ألغى المقترح تريليون دولار من خفض الإنفاق الشامل في كل البنود، لكنه لم يضع في المقابل خفض في الإنفاق. ولم تحمل تلك الاختلافات أي بشائر تدعو إلى التفاؤل. وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ والعضو عن ولاية كنتاكي، ميتش ماكونيل «ولعل النبأ السار الوحيد هو أن المسار المالي الذي وضعه الديمقراطيون في موازنتهم لن يصبح قانونا».