المخاوف تتزايد من تكرار ضرائب الودائع في بنوك قبرص لإنقاذ مصارف اليورو

رئيس اليورو: الخطة يمكن أن تصبح نموذجا للتعامل مع أزمات بنوك المنطقة

TT

فيما بدأت السلطات في قبرص أمس الاستعدادات لفتح بنوكها اليوم، يخشى محللون من أن فرض الضرائب على الودائع في البنوك القبرصية يمكن أن يرسي سابقة خطيرة لجهود إنقاذ «بنوك منطقة اليورو» المتعثرة في المستقبل ويجعل بنوك منطقة اليورو أكثر عرضة لعمليات سحب كثيفة إذا اعتقد المودعون في دول أخرى مثقلة بالديون أن أموالهم لم تعد في مأمن. وقال بارت أوسترفلد العضو المنتدب للمخاطر السيادية لدى موديز يبدو أن صانعي السياسة واثقون جدا من أن الأوضاع في السوق مواتية بشكل كاف وأن لديهم الأدوات اللازمة لتفادي امتداد الأزمة إلى اقتصادات أخرى في أطراف المنطقة وقطاعاتها المصرفية. وقال: «نعتقد أن تلك الثقة قد لا تكون في محلها». ويسعى البنك المركزي الأوروبي لنفي ما تردد من أن خطة قبرص يمكن أن تصبح نموذجا لخطط الإنقاذ.

وكانت التصريحات التي أدلى بها جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو يوم الاثنين ومفادها أن خطة إنقاذ قبرص يمكن أن تصبح نموذجا للتعامل مع أزمات بنوك منطقة اليورو في المستقبل أثارت مخاوف في الأسواق يصعب تبديدها. وامتنع أوسترفلد ومحللون من موديز عن التعليق عما إذا كانت إيطاليا وإسبانيا على وجه الخصوص معرضتين لخفض التصنيف بعد أحداث قبرص. لكنهم قالوا إن قبرص ستظل عرضة لفترة طويلة لمخاطر التخلف عن سداد الديون والخروج من منطقة اليورو.

بدأت السلطات القبرصية أمس بذل جهود حثيثة لاتخاذ تدابير تمكنها من إعادة فتح المصارف المقررة اليوم الخميس بعد إغلاقها 12 يوما لتفادي تهريب الرساميل. وذلك حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان يفترض أن تفتح المصارف المغلقة منذ 16 مارس (آذار) في الجزيرة المتوسطية الثلاثاء لكن البنك المركزي قرر انتظار الخميس كي يتمكن من اتخاذ إجراءات تحول دون أن يفرغ القبارصة حساباتهم. وأفادت المتحدثة باسم البنك المركزي اليكي ستيليانو أن «المؤشرات تدل على الاتجاه نحو إعادة فتح البنوك الخميس»، من دون أن تؤكد ذلك. ولم يصدر أي تصريح بشأن إعادة فتح بنك قبرص، أكبر بنوك الجزيرة الذي تقرر إعادة هيكلته، وثانيها بنك لايكي الذي تقرر تصفيته. وقال مصدر أوروبي: «من غير المرجح أن يفتح بنك لايكي وبنك قبرص الخميس».

وأضاف المصدر: «سيكون جيدا إذا أعيد فتح البنوك الأخرى، الأمر شديد التعقيد»، مضيفا أنه في ما يخص بنك لايكي فإن الأمر يتعلق بتنظيم كيفية تمكين المودعين من التصرف بودائعهم التي تقل عن 100 ألف يورو والتي ستنقل إلى بنك قبرص في إطار قرار تشكيل بنك صالح يستوعبه بنك قبرص ويضم الودائع التي تقل عن 100 ألف يورو. أما ما هو فوق 100 ألف يورو فسيوضع مع الديون المتعثرة في «بنك سيئ » يفترض أن تتم تسوية أوضاعه مع الوقت. وقال المصدر: «لا يتوقع أن يعاد فتح بنك قبرص قريبا، هناك عمل كثير لضبط الأمور الإدارية لتفادي تهريب رؤوس الأموال».

وفي الأثناء يمكن لمودعي بنك قبرص وبنك لايكي أن يسحبوا 100 يورو في اليوم فقط. ويخضع المصرفان لخطة إنقاذ الجزيرة المبرمة بين السلطات القبرصية ودائنيها في الترويكا التي تضم الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وهي خطة تقضي بتصفية بنك لايكي وخصم 40 في المائة من ودائع بنك قبرص التي تتجاوز مائة ألف يورو.

وتظاهر موظفو المصرفين وطلبة ثانويون الثلاثاء في نيقوسيا لكن الهدوء ما زال يسود الجزيرة رغم أن اقتصادها مشلول.

وقال رئيس البنك المركزي القبرصي بانيكوس ديمتريادس «كل يوم يمر والبنوك مغلقة، تتراجع فيها ثقة الناس وهم يرغبون بسحب أموالهم، لذلك نحن مضطرون لفرض قيود» على حركة الرساميل. كذلك ساد غموض بشأن إدارة بنك قبرص الذي رفض مجلس إدارته استقالة رئيسه أندرياس أرتيميس الثلاثاء، في حين أقال البنك المركزي المدير التنفيذي للبنك الأربعاء بناء على طلب من الترويكا.

ولا تزال الأزمة القبرصية تنوء بثقلها على اليورو الذي بلغ سعر صرفه عند الظهر 1,2780 مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى منذ أربعة أشهر، وسط حالة توتر قبل فتح البنوك. وانهارت بورصة أثينا بعيد ظهر الأربعاء إلى ما دون 6,83 في المائة. وانخفض المؤشر العام في الساعة 13,00 تغ بـ824,47 نقطة وذلك بعد أن تسببت المخاوف من أزمة قبرص في تراجع بورصة أثينا 4.9 في المائة الثلاثاء، علما بأن اقتصادي البلدين مرتبطان بشكل وثيق. وقال الخبير أومير أزينر لدى وكالة «كومنولث فورن أكتشيج» للصيرفة إن حالة الذعر لدى فتح البنوك قد تعقد جهود السياسيين لإقرار الأسواق.

وقال كريس وستون المحلل في «إي جي إن»: «أوروبا ما زالت متخوفة من انعكاسات أزمة قبرص رغم أن السوق في حد ذاتها لا تشعر بالقلق، بل هي متخوفة أكثر من انعكاسات الخطة على منطقة اليورو». وأعلن الرئيس المحافظ نيكوس أنستسيادس الذي خلف قبل أقل من شهر الشيوعي دميتريس خريستوفياس، عن نيته تشكيل لجنة تكلف بتحديد مسؤوليات هذه الكارثة التي تطال النظام المصرفي والاقتصاد القبرصي. وسعيا منها إلى دعم الاقتصاد، أعلنت الحكومة الأربعاء خفض أسعار الكهرباء بنسبة 3 في المائة ستضاف إلى 5,75 في المائة يفترض أن يبدأ العمل بها اعتبارا من الأول من أبريل (نيسان). ويصعب على الكثير من الشركات القبرصية العمل بشكل طبيعي بسبب إغلاق البنوك، وتواجه بعضها خطر الانجرار سريعا نحو الإفلاس حسب غرفة التجارة القبرصية.

ودعا حزب أكيل الشيوعي إلى التظاهر مساء الأربعاء أمام القصر الرئاسة احتجاجا على خطة الإنقاذ. وستطال التدابير المتخذة لمنع تهريب الرساميل أيضا ودائع أجانب في قبرص وخصوصا الودائع الروسية المقدرة بنحو عشرين مليار يورو حسب وكالة «موديز» والتي ستخضع لاقتطاع كبير ضمن إجراءات خطة الإنقاذ.

وقال وزير المالية ميخاليس ساريس لصحيفة «فاينانشيال تايمز» إن القيود ستفرض في الفترة الأولى لسبعة أيام وقد تستثنى منه بعض البنوك.

وأضاف: «نعمل على اتخاذ تدابير مرنة لضمان استمرار النشاط الاقتصادي». وقال: إنه «قد يستثنى من ذلك البنوك الأجنبية التي لا تعاني مشكلات في السيولة ولديها ودائع عابرة من الخارج وأموال ترسل إلى الخارج لتسديد دفعات أو عمليات أخرى جارية».

وفي اليونان التي تقيم على غرار روسيا علاقات اقتصادية وثقافية وثيقة مع قبرص، فتحت فروع البنوك القبرصية الثلاثة في اليونان، وهي بنك قبرص بنك أوف سايبروس ولايكي بنك وهيلينيك بنك، ثالث مصرف قبرصي، أبوابها الأربعاء بعد أن استوعبها الثلاثاء بنك بيريوس اليوناني.

وقبل فتح البنوك وقف الزبائن في طوابير طويلة أمام أبواب المصارف حيث لم تخضع هذه الفروع الثلاثة التي أصبحت تحت إدارة يونانية للاقتطاعات المفروضة على المصارف القبرصية في قبرص.

وفي لندن، حيث يقيم عدد كبير من القبارصة، بقيت فروع مصرفي لايكي وبنك قبرص مفتوحة. وقال بنك قبرص إنه لا يمكن سحب أموال مودعة في قبرص من فروعه في لندن.

قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني إن إدارة منطقة اليورو المرتبكة لعملية إنقاذ قبرص تشكل مزيدا من الضغط على التصنيفات السيادية المهددة بالخفض وتظهر أن صانعي السياسة يبالغون في قدرتهم على احتواء الأزمة.

يخشى محللون من أن فرض الضرائب على الودائع في البنوك القبرصية يمكن أن يرسي سابقة خطيرة لجهود إنقاذ «بنوك منطقة اليورو» المتعثرة في المستقبل ويجعل بنوك منطقة اليورو أكثر عرضة لعمليات سحب كثيفة إذا اعتقد المودعون في دول أخرى مثقلة بالديون أن أموالهم لم تعد في مأمن. وقال بارت أوسترفلد العضو المنتدب للمخاطر السيادية لدى «موديز» يبدو أن صانعي السياسة واثقون جدا من أن الأوضاع في السوق مواتية بشكل كاف وأن لديهم الأدوات اللازمة لتفادي امتداد الأزمة إلى اقتصادات أخرى في أطراف المنطقة وقطاعاتها المصرفية. وقال: «نعتقد أن تلك الثقة قد لا تكون في محلها». ويسعى البنك المركزي الأوروبي لنفي ما تردد من أن خطة قبرص يمكن أن تصبح نموذجا لخطط الإنقاذ.

وكانت التصريحات التي أدلى بها جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو يوم الاثنين ومفادها أن خطة إنقاذ قبرص يمكن أن تصبح نموذجا للتعامل مع أزمات بنوك منطقة اليورو في المستقبل أثارت مخاوف في الأسواق يصعب تبديدها. وامتنع أوسترفلد ومحللون من «موديز» عن التعليق عما إذا كانت إيطاليا وإسبانيا على وجه الخصوص معرضتين لخفض التصنيف بعد أحداث قبرص. لكنهم قالوا إن قبرص ستظل عرضة لفترة طويلة لمخاطر التخلف عن سداد الديون والخروج من منطقة اليورو.