المعتمرون الإيرانيون يتجهون للتعامل بالدولار تجنبا للخسائر

وسط تراجع كبير في نسبة ثقة المواطنين بالعملة المحلية

TT

أكد متعاملون في قطاع الصيرفة السعودي، أن نسبة استفادة الصيارفة من عملية تبديل العملة الإيرانية لا تتجاوز الربع في المائة، مرجئا السبب خلف ذلك إلى حظر السلطات الإيرانية من تداول عملتها «الريال الإيراني» خارج النطاق الجغرافي للجمهورية الإسلامية، الأمر الذي دفع كثيرا من المعتمرين الإيرانيين للتعامل بالدولار بدلا من عملة بلدهم.

وقال عادل ملطاني، رئيس طائفة الصيارفة في مكة لـ«الشرق الأوسط»: «إنه نظرا لأن إيران تعد من الدول التي تمنع التعامل بعملتها النقدية خارج إطار دولتها، وذلك بهدف المحافظة على قيمتها، ولا تمانع أوقات الحج والعمرة من ذهاب رعاياها إلى السعودية والتعامل هناك بتبديلها، وبالتالي لم نكن نستفيد من العملة الإيرانية عدا في حدود ضيقة كأن نأخذها من الشخص الإيراني عند قدومه إلى السعودية ومن ثم إرجاعها إليه عند عودته وبفروقات بسيطة».

وفي السياق ذاته، يأتي انخفاض العملة الإيرانية وسط تراجع كبير في نسبة ثقة المواطن الإيراني، بحسب آراء ميدانية لـ«الشرق الأوسط» مع عدد من المعتمرين - يقدر عدد المعترمين بـ100 ألف إيراني يفدون سنويا لأداء العمرة - أنهم يفضلون التعامل بالدولار بدلا من عملة بلدهم للحفاظ على سعر الصرف.

وبالعودة إلى ملطاني، «إن المعتمرين والحجاج الإيرانيين يحرصون على عدم جلب عملتهم إلى السعودية نظرا لانخفاضها الكبير في سوق العملات وبالتالي يجلبونها، وتبديلها يعد خسارة كبيرة لهم، ومن هذا المنطلق آثروا التعامل بعملة الدولار لأنها تعد مخرجا لهم في الصرف طوال مدة إقامتهم والتي تمتد في بعض الأحيان إلى أكثر من شهر تقريبا».

وأبان ملطاني، «أن مبلغ عشرة آلاف ريال إيراني كان في السابق يصرف مقابلها 4 ريالات، الآن لا يساوي هذا الرقم سوى نصف ريال، وهذا يكشف عن البون الشاسع في سعر الصرف سابقا وحاليا، ولذلك كما أسلف هم يحرصون على التعامل بالدولار الأميركي، والتي تعد أو تسمى وسط الصيارفة بـ(ملكة العملة)، عوضا عن عملتهم المنهارة». وأشار ملطاني، إلى أنه بسبب انهيار العملة لديهم أصبح هناك انخفاض في عدد القادمين إلى العمرة لهذا العام، على الرغم من أنه مقارنة بالأعوام السابقة كانت الأعداد أضعاف هذا الرقم الموجود حاليا في الأراضي المقدسة، ولذلك هناك صعوبات كبيرة يجدها المواطن الإيراني بعد انخفاض عملته بشكل كبير».

من جهته قال الدكتور فهد البشيري، أستاذ الاقتصاد الإسلامي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن واحدة من المشكلات الأكثر إلحاحا في إيران اليوم هو التضخم، والذي يعتبر ليس جديدا على حكومة طهران، ويرجع ذلك جزئيا للعقوبات في السنوات الأخيرة التي أدت إلى شلل كامل في عمليات الاستيراد وارتفاع تكاليف التشغيل، مؤكدا أن حجم التضخم الذي يمر به الاقتصاد الإيراني لم يسبق له مثيل.

وأورد البشيري أنه في أواخر يونيو (حزيران) من 2012، ذكرت إيران أن البنك المركزي أشار إلى أن قيمة الريال الإيراني، سقطت بمقدار النصف تقريبا مقابل العملات الأجنبية عن عام سبق، موعزا أن قيمته انخفضت بسرعة أكبر منذ بداية شهر يوليو (تموز)، ويتفاقم الوضع بسبب وجود تكهنات كبيرة في السوق ترتبط ارتباطا مباشرا بعمليات التغيرات السياسية جراء ما أحدثته العقوبات من إعاقة في نقل الأموال إلى بنوك أجنبية أخرى.

وأفاد بأن الطلب بات كبيرا على الدولار في السوق السوداء الإيرانية، مما يدل على ارتفاع الذعر بين الإيرانيين، يأتي ذلك في وقت يعاني فيه الريال خسائر فادحة لم يستطع القفز عن 40 ألف ريال إيراني مقابل الدولار الواحد، وهذا بدوره يسهم في التضخم، وهو أمر يربك العمود الاقتصادي بشكل كبير، ويؤثر على تجار التجزئة لفرق القيمة السوقية للدولار، مبينا أنه - ومع ذلك - وضعت إيران أحدث العملات في مكان قيودها كنوع من التحدي الذي لم يلبث أن يفشل.