نائبة رئيس البنك الدولي: نصف سكان الشرق الأوسط عاطلون عن العمل

إنغر أندرسون: البطالة بين الشباب تصل إلى 25%.. وإلى 75% بين النساء

البطالة بين الشباب المصري الذين صنعوا الثورة تتزايد في ظل حكومة مرسي (نيويورك تايمز)
TT

أعطت إنغر أندرسون، نائبة رئيس البنك الدولي، صورة قاتمة لأوضاع الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي، مشيرة إلى أن أكثر من نصف سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - ممن بلغوا سن العمل - هم إما عاطلون عن العمل أو غير ملتحقين بالتعليم. وقالت إن معدل النساء غير الملتحقات بسوق العمل ومعدل البطالة بين الشباب هما الأعلى على مستوى العالم، حيث توجد ثلاث نساء من كل أربع نساء عاطلات عن العمل، وتصل معدلات بطالة الشباب ما بين 15 في المائة إلى 25 في المائة في الشرق الأوسط.

وأشارت أندرسون في لقاء مع الصحافيين، بمقر البنك الدولي بواشنطن مساء الأربعاء، إلى الأوضاع غير المستقرة في بلدان الربيع العربي وتداعيات التغيير السياسي التي حدثت خلال العامين الماضيين، لكنها أقرت بأنه من المعتاد أن يحدث تراجع اقتصادي وتباطؤ في الأداء مع التغييرات السياسية، وأكدت أن تراجع معدلات النمو في منطقة الشرق الأوسط يجب ألا يؤخذ بمعزل عن أزمة اليورو. وطالبت حكومات المنطقة بتطبيق أعلى درجات الشفافية والمحاسبة حتى يتحقق التعافي للاقتصاد.

وعلقت أندرسون على ثلاثة تقارير أصدرها البنك الدولي حول منطقة الشرق الأوسط قبل أيام من اجتماعات الربيع للبنك وصندوق النقد الدوليين. ويناقش التقرير الأول مشكلة البطالة والتوظيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أوضحت أندرسون أن أسواق العمل في منطقة الشرق الأوسط تفتقر إلى الكفاءة والإنصاف، وتعاني عدم كفاءة توزيع رأس المال البشري وتباين الأجور، كما يظهر القطاع الخاص ديناميكية ضعيفة، فيما يوظف القطاع العام ما بين 14 في المائة إلى 40 في المائة من مجمل العمالة في كل البلدان.

وتقول أندرسون «لا توفر أسواق العمل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حاليا سوى القليل من الوظائف الجيدة للقليل من العمال المحميين الذين يهيمن عليهم الكبار سنا والذكور، أما الشباب والنساء فيتحملون عبء انعدام الكفاءة في أسواق العمل، وللأسف تسجل المنطقة رقمين قياسيين على مستوى العالم.. فثلاثة من بين كل أربع نساء في سن العمل في المنطقة خارج قوة العمل، وربع الشباب يبحثون عن عمل ولا يجدونه».

وأشارت نائبة رئيس البنك الدولي إلى توصيات التقرير لحل هذه المشكلة، وهي ضرورة التحرك لتحسين مناخ الأعمال أمام القطاع الخاص كي يتسنى له تهيئة وظائف جيدة في المستقبل. وتقول إن منطقة الشرق الأوسط تضم أقدم الشركات والمديرين في العالم بما يعكس غياب «الهدم الخلاق»، وهي عملية تحل فيها شركات جديدة أكثر إنتاجية محل شركات قديمة أقل كفاءة، وهي تلعب دورا مهما في البلدان السريعة النمو في أوروبا الشرقية وآسيا. ويوصي التقرير «بتحقيق مزيد من المساواة في الحصول على الفرص الاقتصادية وتحسين الكفاءة الإنتاجية، وإطلاق العنان لقدرات القطاع الخاص وتطوير نظام التعليم والتدريب وتقديم الحوافز للاستثمار، وخفض كلفة الدخول والخروج من الأسواق، وتوسيع فرص الحصول على القروض للشركات مما يساعدها على النمو والاستثمار، وهو ما يشجع على الابتكار وفي النهاية يزيد من الطلب على العمالة».

ويناقش التقرير الثاني أوضاع المرأة في العمل والتنمية والمساواة بين الجنسين، حيث تبلغ مشاركة النساء (فوق سن 15 عاما) في سوق العمل نسبة 2.25 في المائة، وتعد المعدلات الأدنى في دول العالم. وأثنى التقرير على تقدم دول المنطقة في توسيع نطاق حقوق المرأة السياسية وتعيينها في مناصب سياسية، وطالب بضمان المساواة بين الجنسين بموجب القانون وتعزيز الحوافز الاقتصادية أمام النساء.

وفي ما يتعلق بارتفاع معدلات البطالة بين النساء أكدت أندرسون أن أسباب ذلك تعود إلى الثقافة والعادات وليس له دخل بتشدد الخطاب الديني لدى بعض الجماعات التي تدعو لعودة المرأة إلى البيت. وقالت «نرى عددا كبيرا من الدول الإسلامية مثل إندونيسيا وبنغلاديش ترتفع فيها مشاركة المرأة في العمل، وقد أثبتت الدراسات أنه لا يمكن لدولة أن تتقدم اقتصاديا من دون مشاركة المرأة».

ويناقش التقرير الثالث شبكات الأمان الاجتماعي ونظم الدعم وحماية الفقراء. وقالت نائبة رئيس البنك الدولي إن شبكات الأمان الاجتماعي التي ترعاها الحكومات تقدم حماية غير كافية وتساعد على بقاء الكثيرين في براثن الفقر جيلا بعد جيل. وأكدت أن الدعم غالبا ما يفيد الأثرياء أكثر مما يستفيد منه الفقراء، ويخلق تشوهات اقتصادية ملموسة تخفض الطلب على العمالة. وأشارت إلى أن الأطفال وسكان الريف في منطقة الشرق الأوسط هم أكثر الفئات تأثرا بالفقر، وتصل نسبتهم إلى ربع عدد السكان ممن يعيشون تحت خط الفقر.

وانتقدت أندرسون ارتفاع معدلات الدعم الموجه للطاقة والغذاء، حيث تصل نسبته إلى 5.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن 90 في المائة من هذه النسبة يذهب إلى الدعم الشامل للوقود والغذاء، حيث تقوم دول المنطقة بإنفاق الكثير من الأموال على دعم أسعار الوقود (بمتوسط 4.5 في المائة من الناتج القومي الإجمالي) مقارنة بدعم أسعار الغذاء (بمتوسط 1.1 في المائة من الناتج القومي)، ويستفيد الأغنياء منه أكثر من الفقراء، ويخلق عبئا ثقيلا على عاتق المالية العامة. ويؤثر دعم الوقود بشكل سلبي على أسواق العمل، إذ إنه يجعل الاستثمار في الصناعات كثيفة الطاقة أرخص من تعيين عمالة. ويرى معظم المواطنين في المنطقة عدم فاعلية شبكات الدعم والأمان الاجتماعي، ويفضلون تقديم المنافع النقدية للفقراء أكثر من العينية.

واستعرضت نائبة رئيس البنك الدولي توصيات التقرير بإعادة توجيه الموارد نحو شبكات الأمان التي تتيح للفقراء النجاة من براثن الفقر والإسهام في التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وإرساء ركائز النمو الاشتمالي. وأوصى التقرير بتمكين الفقراء من خلال تزويدهم بالوسائل التي تتيح لهم تحسين معيشتهم، وضرورة إعادة توجيه الأموال العامة من الدعم إلى شبكات الأمان، وتحسين فاعلية تلك الشبكات من خلال الرصد والتقييم والمساءلة المجتمعية، وإعادة أولويات أنظمة شبكات الأمان وإصلاح دعم الأسعار، والسماح للإمكانيات البشرية الهائلة في المنطقة بأن تتحول إلى مصدر للنمو والرخاء المشترك.