السعودية تتجه لتصدير الكهرباء الشمسية إلى أوروبا خلال 10 سنوات

مصادر لـ «الشرق الأوسط» : المملكة تستغني خلال «الشتاء» عن 50% من إمكاناتها المتعلقة بالتوليد

استهلاك الكهرباء في السعودية يقل إلى النصف خلال فصل الشتاء بفعل الاستغناء عن المكيفات («الشرق الأوسط»)
TT

أبدت السعودية التي تنوي القيام باستثمارات واسعة في مجال الطاقة المتجددة، آمالا واسعة بتصدير الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية إلى أوروبا في فصل الشتاء، يأتي ذلك حينما يؤدي انخفاض درجات الحرارة إلى تقليص الحاجة إلى تكييف الهواء في البلاد.

وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، فإن السعودية تستغني خلال فصل الشتاء عن 50 في المائة من إمكاناتها المتعلقة بتوليد الكهرباء، يأتي ذلك في الوقت الذي يسيطر فيه التكييف على ما نسبته 70 في المائة من استهلاك الكهرباء في البلاد خلال فصل الصيف.

وأبدت مصادر مطلعة في قطاع الكهرباء خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط» أمس تفاؤلها بإمكانية أن تنجح السعودية في تصدير الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية إلى أوروبا خلال السنوات الـ10 المقبلة، إلا أن هذه المصادر حذرت من إمكانية أن تكون هنالك عوائق فنية قد تؤخر تنفيذ المشروع قليلا.

وفي هذا الإطار قال خالد بن محمد السليمان نائب رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة لشؤون الطاقة، في مؤتمر صحافي عقد في باريس يوم أمس: «سيكون من المجدي للسعودية أن تقوم بتصدير ما يصل إلى 10 غيغاواط أو ما يعادل إنتاج 10 محطات نووية عن طريق شمال أفريقيا وإيطاليا أو إسبانيا».

وقال السليمان، حسبما نقلت وكالة الأنباء العالمية «رويترز» أمس: «إنه ليس مشروعا، إنها إمكانيات ويجب على الجميع دراستها دراسة وافية»، مضيفا: «إن طاقة توليد الكهرباء من مصادر شمسية في السعودية لا وجود لها تقريبا في الوقت الحالي، كما أنه لم يتم تركيب سوى نحو 10 ميغاواط أو 11 ميغاواط في البلاد كلها، ولكن المملكة تراودها آمال عريضة لبناء مرافق لتوليد الطاقة المتجددة والنووية مع سعيها لتقليص اعتمادها على استهلاك النفط المحلي».

وكانت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم قالت في فبراير (شباط) الماضي إنها تهدف إلى تركيب 24 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2020، و54 غيغاواط بحلول عام 2032، وهو ما سيجعل السعودية واحدة من المنتجين الرئيسيين للكهرباء من مصادر متجددة في العالم.

وأوضح نائب رئيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة لشؤون الطاقة أن أول المناقصات للطاقة الشمسية ستقام هذا العام، وقال: «الدراسات تظهر أن استثمارات شبكة الكهرباء المطلوبة لتصدير الكهرباء إلى أوروبا ستعادل ما بين 15 و20 في المائة من إجمالي الاستثمارات اللازمة لتركيب نحو 20 غيغاواط من طاقة التوليد من مصادر متجددة».

وأشار السليمان إلى أن كابلات نقل الكهرباء يمكن أن تمتد عبر شمال أفريقيا أو عبر تركيا وبلغاريا، إلا أنه استدرك قائلا: «لكن الطريق الأخير أقل من حيث المزايا؛ لأن بلغاريا ليست مصدرا صافيا للكهرباء»، موضحا أن مشروع تصدير الكهرباء الشمسية إلى أوروبا سيستغرق تنفيذه 5 أعوام إلى 10 أعوام، إلا أنه لم يذكر تقديرا للتكاليف المتوقعة.

من جهة أخرى، قال فضل البوعينين الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الطاقة الشمسية في السعودية من الإمكانيات المهدرة في توليد الطاقة، خاصة أن الطاقة الشمسية متوفرة لأكثر من 9 أشهر في السنة، وبشكل متوسط في الأشهر الثلاثة الأخرى، وهو ما يعطي المملكة قدرة كبيرة على توليد الطاقة الشمسية».

وأضاف البوعينين: «تستهلك السعودية كميات كبيرة من النفط محليا، وهذا يعني خسارة كبرى للثروات التي تمتلكها البلاد، واستمرار ذلك يعني تقليلا للموارد المالية، وهو ما يهدد الاستقرار المالي في نهاية المطاف، لذلك الطاقة الشمسية تعتبر هي الخيار الأمثل، وهو ما يجب الاستفادة منه».

وكانت شركة «أرامكو السعودية» قد حذرت في وقت سابق من التمادي في الاستهلاك العالي للبترول داخليا، داعية إلى تكاتف الجهود لترشيد إنتاج واستهلاك الطاقة المرتفع محليا، وقالت الشركة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن استهلاك السعوديين للنفط البالغ حاليا 4 ملايين برميل يعد «من أعلى المستويات في العالم».

وقال المهندس أحمد الخويطر، المدير التنفيذي لنظم الطاقة بـ«أرامكو السعودية» بالوكالة، إن المملكة تستهلك حاليا ما يزيد على 4 ملايين برميل مكافئ من البترول في اليوم لتلبية الطلب المحلي، موضحا أن كثافة استهلاك الطاقة في المملكة تعد بذلك من أعلى المستويات في العالم. وأضاف: «لقد دلت المؤشرات على أن متوسط استهلاك الفرد بلغ ضعف متوسط الاستهلاك العالمي بحسب الإحصاءات».

ودعا المهندس الخويطر حينها إلى تكاتف الجهود الرامية إلى ترشيد إنتاج واستهلاك الطاقة في المملكة كضرورة حتمية لا يمكن تجاوزها في ظل ما تشهده المملكة من تطور عمراني وصناعي، وقال: «بدأت (أرامكو السعودية) منذ مطلع عام 2000 تبني برنامج إدارة كفاءة الطاقة، الذي يهدف إلى الحد من استهلاك الطاقة بنسبة 2 في المائة سنويا في مرافق الشركة. ولدعم هذا التوجه، قامت الشركة بإنشاء محطات الإنتاج المزدوج للبخار والكهرباء، بسعة إجمالية تقدر باثنين غيغاواط لرفع كفاءة استخدام الوقود إلى 75 في المائة والحد من إهدار الطاقة، كما ستقوم الشركة خلال الخطة الخمسية الحالية بإنشاء محطات إضافية للإنتاج المزدوج للمساهمة في زيادة التوفير للطاقة، ليصبح إجمالي الطاقة المنتجة من محطات الإنتاج المزدوج نحو 4.3 غيغاواط».