منتدى فرص الأعمال السعودي ـ الفرنسي يستعرض آفاق الاستثمار بين البلدين

مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: هولاند ينوي زيارة المملكة مجددا قبل الصيف المقبل

TT

فرشت فرنسا السجاد الحمر لمنتدى فرص الأعمال السعودي - الفرنسي الأول الذي استضافته باريس على يومين حافلين (انتهى أمس) بدعوة من جمعية أرباب العمل الفرنسيين ومجلس الأعمال السعودي - الفرنسي. وللتدليل على الأهمية التي توليها فرنسا للمنتدى وللعلاقات السعودية - الفرنسية، فقد حرص الرئيس فرنسوا هولاند على استقبال المشاركين في قصر الإليزيه كما أن ثلاثة وزراء من الحكومة الفرنسية شاركوا في أعمال المنتدى في اليوم الأول وهم وزراء المالية والصناعة والتجارة الخارجية فيما مثل الحكومة السعودية وزير التجارة والصناعة ونائب وزير التربية وزميله نائب وزير البلديات.

وقالت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس هولاند ينوي زيارة السعودية مجددا قبل الصيف المقبل. ويتم العمل في الوقت الحاضر على استكشاف أفضل توقيت مع ترجيح أن تتم الزيارة نهاية مايو (أيار) أو بداية يونيو (حزيران) المقبلين. وضج المنتدى بما لا يقل عن 600 شخص بينهم ممثلو كبريات الشركات الفرنسية أمثال توتال وكهرباء فرنسا وأريفا «النووي» وشركة السويس - غاز فرنسا وطاليس وشنيدر وألستوم وسان غوبان وبنك بي إن بي باريبا والعشرات من رؤساء أو مديري الشركات المهتمة بالسوق السعودية والتي تغطي قطاعات الطاقة والنقل والصحة والمياه والبيئة والتعليم والبنوك.

وحضر وفد سعودي رفيع المستوى يضم محمد بن لادن، رئيس مجلس الأعمال السعودي – الفرنسي، وعبد اللطيف العثمان، محافظ الهيئة العامة للاستثمار، وخالد السليمان، نائب الرئيس لشؤون الطاقة المتجددة في مدينة الملك عبد الله وخالد البوعينين، من شركة أرامكو وراشد الزهراني وعبد اللطيف الغيث والعشرات غيرهم من كبار رجال الأعمال السعوديين والفاعلين في القطاعات الاقتصادية الأساسية. وتوزعت أعمال المنتدى أمس على جلستين عامتين أعقبتهما أربعة ورش عمل خصصت للصحة والموارد الإنسانية، النفط والغاز والصناعات البتروكيماوية والنقل والصناعات الغذائية. واتبعت هذه الورش بأربع إضافية «الطاقة والكهرباء، الصحة والصناعات الصيدلية، الصناعات والبنى التحتية، وأخيرا الطاقة النووية والطاقة المتجددة» بحيث تغطي كافة القطاعات الاقتصادية السعودية. واليوم تعقد جلسة عامة إضافية يفسح المجال بعدها للقاءات ثنائية بين رجال الأعمال من الجانبين أو مع المؤسسات الممثلة في المنتدى الفرنسية والسعودية.

المداخلات تميزت بكثافتها وغناها. غير أنه يمكن اختصارها كالتالي: الجانب السعودي يقول ويؤكد إن اقتصاد بلاده حافل بالفرص الاستثمارية الواعدة في الكثير من القطاعات وإنه راغب بمزيد من الحضور والاستثمارات الفرنسية وفق الحاجات والمواصفات التي تريدها السعودية. والجانب الفرنسي يرد التحية بأحسن منها بالتأكيد على أنه عازم على «مواكبة» التنمية الاقتصادية والاجتماعية السعودية ولديه الإمكانات والخبرات لذلك كما أنه يريد استثمارات متبادلة ومشددا على رغبة باريس باستقبال المزيد من الاستثمارات السعودية لا بل الرغبة في القيام باستثمارات مشتركة. والطرفان انطلقا من نقطة واحدة مفادها أن السعودية وفرنسا تربطهما علاقات استراتيجية وشراكات متميزة وأن الرياض قطب استقرار في المنطقة والعالم وأن العلاقات السياسية وثيقة بين الجانبين منذ زيارة الملك فيصل الأولى إلى فرنسا ولقائه الجنرال ديغول عام 1967. وقالت وزيرة التجارة الخارجية نيكول بريك التي رافقت الرئيس هولاند في أول زيارة له للسعودية في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي إن المنتدى جاء تحقيقا لرغبة هولاند وإنه «يبين الطابع الاستراتيجي» للعلاقة بين الطرفين. غير أن الوزيرة الفرنسية شددت على الحاجة لإعطائها «أفقا جديدا» مع السعودية العضو في منظمة G20 واللاعب الأساسي في السوق البترولية العالمية. وشددت بريك على أهمية الاستثمارات الفرنسية في السعودية البالغة 15 مليار دولار والتي تجعل منها ثالث مستثمر عالمي في المملكة. وأعلن وزير المالية والاقتصاد بيار موسكوفيتسي أن بلاده تريد «علاقات أوثق نوعيا وكميا» مع السعودية والوصول إلى درجة «التكامل» في الميادين التقنية والمالية والصناعية. وأعلن موسكوفيتسي أن حكومته «ترحب بمزيد من الاستثمارات السعودية» عارضا الميزات التي تتمتع بها فرنسا وموقعها المتميز على الساحة الاستثمارية العالمية إذ تحل في المرتبة الثالثة أوروبيا وفي المرتبة الأولى في الاستثمارات الصناعية. وعدد الوزير الفرنسي ستة قطاعات واعدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري بين الجانبين هي: الطاقة النووية «المدنية»، النقل، الصحة، البيئة، النفط والغاز وأخيرا القطاع الدفاعي. وخلاصة وزير المالية والاقتصاد أن باريس تريد أن تكون «الشريك المتميز الدائم» للسعودية. وبقي وزير الصناعة أرنو مونتبورغ الذي زار السعودية عدة مرات في الأشهر الأخيرة في السياق عينه لكنه تميز خطابه بالتركيز على أهمية «الشراكات بعيدة المدى» بين الطرفين وهي النصيحة التي جاءت على لسان أكثر من متدخل في الجلسة العامة الأولى إن من الرسميين أو من القطاع الخاص.

وعرض وزير التجارة والصناعة السعودي توفيق الربيعة التدابير والإجراءات التي اتخذتها المملكة لتسهيل جذب الاستثمارات عبر تحديث الأنظمة التجارية والإدارية وإنشاء الهيئة العامة للاستثمار فضلا عن المشاريع التنموية الإنسانية والتربوية وإطلاق المشاريع الداعمة للتنمية الاقتصادية كما عرض لمالية المملكة ولقدراتها ونسب النمو المتوافرة لديها والفائض في تجارتها الخارجية وهي أمور غائبة عن اقتصاديات البلدان الغربية الصناعية وبينها فرنسا التي تعاني من العجز في الميزانية ومن المديونية ومن الركود الاقتصادي وارتفاع البطالة.

وبعد الكلام الرسمي، حضر دور المؤسسات والشركات فعرض جان لوميير مستشار رئيس بنك باريبا حاليا تطور القطاع المصرفي والمالي السعودي إذ إن «السعودية اليوم ليست السعودية في الأمس» لأنها «تطورت في العمق ولأنها تستخدم أوراقها الرابحة في مسيرة التنمية». وعرض رئيس شركة توتال كريستوف دو مارجوري تجربة شركته مع السعودية متوقفا خصوصا عند مشروع مصفاة الجبيل المشترك الذي يجمع بين تكرير النفط الثقيل وبناء الصناعات البتروكيماوية.