توقعات بتراجع نسب الفوائد على القروض العقارية في السعودية

في أعقاب التدخل الحكومي في ملف «الإسكان»

جانب من البنايات الجديدة في السعودية
TT

يسعى عدد من البنوك التجارية السعودية إلى دراسة واقع سوق التمويل العقاري في البلاد خلال الفترة المقبلة، يأتي ذلك في ظل التوجه الحكومي نحو تطبيق برنامج «أرض وقرض»، وهو البرنامج الذي يتم من خلاله منح المواطن الراغب في تملك المساكن والمستحق لذلك أرضا سكنية مطورة، بالإضافة إلى قرض عقاري حكومي تصل قيمته إلى 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار).

وبحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، فإن البنوك التجارية في السعودية من المتوقع أن تعتمد خلال الفترة المقبلة خطة جديدة في برامج التمويل العقاري عقب التوجه الحكومي نحو تطبيق برنامج «أرض وقرض»، ومن المنتظر أن تشتمل الخطة الجديدة للتمويل على تقليص نسبة الفوائد البنكية على القروض العقارية، والتي تصل نسبتها التراكمية لـ40 في المائة.

وتأتي هذه التحركات التي تقوم بها بعض البنوك التجارية السعودية، في الوقت الذي تعتزم فيه وزارة الإسكان السعودية، تفعيل برنامج «أرض وقرض»، عقب 12 شهرا من الآن، حيث بدأت الوزارة خلال الفترة الحالية في الشروع نحو البحث عن مطورين عقاريين وشركات متخصصة، لتطوير أراضي المنح في المدن السعودية.

وفي هذا الخصوص، أكد الدكتور سالم باعجاجة أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن الفوائد البنكية الحالية على قروض التمويل العقاري «مبالغ فيها»، وقال: «من المنتظر أن تخفض البنوك التجارية من فوائدها البنكية على القروض العقارية التي تقدمها للمستفيدين، حيث إن الطلب على هذه القروض من المتوقع أن ينخفض في ظل وجود خيار جديد وهو التمويل الحكومي».

وأشار الدكتور باعجاجة إلى أن وزارة الإسكان السعودية أمام اختبار حقيقي يتمثل في النجاح في فك الاختناق الحالي في أزمة تملك المساكن، موضحا أنها قادرة على إتمام خطوات النجاح هذه في ظل الأمر الملكي القاضي بإعطاء الوزارة مزيدا من الصلاحيات المتعلقة بقطاع الإسكان. وتأتي هذه التطورات على صعيد قطاع الإسكان السعودي، في الوقت الذي ما زالت فيه نسبة تملك المساكن في البلاد تثير مجموعة من التساؤلات والردود بين الوزارات الحكومية والغرف التجارية من جهة، وبين الوزارات الحكومية والعقاريين المعنيين بقطاع الإسكان من جهة أخرى.

وفي هذا الإطار، أكد عبد الرحمن المطلق، وهو مسوق عقاري في العاصمة الرياض، أن الطلب على الأراضي السكنية خلال الأيام الثلاثة الماضية شهد جمودا تاما لم يسبق له مثيل، وقال: «هذا الجمود يأتي في ظل ترقب المواطنين الراغبين في تملك المساكن نتائج الأوامر الملكية الأخيرة القاضية بتكليف وزارة الإسكان بتطوير جميع مخططات منح الأراضي وتوزيعها على المواطنين المستحقين لذلك».

ولفت المطلق خلال حديثه أمس، إلى أن أسعار العقارات في السعودية شهدت خلال السنوات السبع الماضية ارتفاعا تصل نسبته إلى 300 في المائة ببعض الأحياء الواقعة داخل المدن الرئيسة، مشيرا إلى أن الفوائد البنكية التي تستقطعها البنوك المحلية في عمليات التمويل العقاري من المتوقع أن تنخفض في ظل التمويل الحكومي الكبير المنتظر.

وفي خطوة من شأنها حل أزمة الإسكان التي تعانيها البلاد، أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، الثلاثاء الماضي، بكف يد وزارة الشؤون البلدية والقروية فورا عن توزيع المنح البلدية التي تتم من قبل الأمانات والبلديات، موجها وزارة الإسكان في البلاد بأن تقوم بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق. وتأتي الأوامر الملكية المتعلقة بقطاع الإسكان في السعودية، في الوقت الذي تعاني فيه نحو 60 في المائة من أراضي المنح في البلاد من عدم التطوير، وهي نسبة كبيرة جدا قادت خلال السنوات الماضية إلى تراكمات تتعلق بارتفاع معدلات شح الأراضي السكنية، مما عزز معدلات عدم تملك السعوديين المساكن. وتوقع مختصون أن تشهد أسعار العقارات في السعودية خلال الفترة المقبلة حزمة من التراجعات، ويأتي ذلك بسبب الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الأسبوع الماضي، والتي تتعلق بتطوير أراضي المنح، وبنائها، بالإضافة إلى توزيع هذه الأراضي على المستحقين عقب تطويرها. بينما أكد الدكتور عبد الوهاب أبو داهش، الخبير المالي والاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» حينها، أن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين المتعلقة بملف الإسكان، ستقود إلى حل أزمة عدم تملك المساكن من جهة، وخفض مستويات الأسعار من جهة أخرى، مما يسهل على المواطنين فرصة تملك المساكن. وأشار الدكتور أبو داهش إلى أن تكليف وزارة الإسكان بمهمة تطوير أراضي المنح وتوزيعها على المستحقين، سيعزز فرصة رفع نسبة تملك المساكن في البلاد، حيث قال: «تطوير أراضي المنح سيحد من الاختناق الحالي فيما يخص سوق الأراضي السكنية، وهذا القرار سيحقق نتائج إيجابية واضحة على المواطنين الباحثين عن المساكن».

وأضاف الدكتور أبو داهش خلال حديثه أن «الأوامر الملكية الأخيرة أعطت وزارة الإسكان السعودية صلاحيات مطلقة لحل أزمة الإسكان، وهو الأمر الذي ستبدأ نتائجه الإيجابية في الظهور جليا في قطاع الإسكان بالبلاد خلال الفترة المقبلة».