استغلوا الخدمات الإلكترونية

سعود الأحمد

TT

أحد الأصدقاء يستغرب كيف أستقبل رسالة نصية على هاتفي الجوال عن أي عملية تحصل على حسابي البنكي! وكيف أستغل الخدمات الإلكترونية، ومنها أن لدي ذاكرة ببريدي الإلكتروني مصنفة بمجلدات حسب كل موضوع، وكيف أستغل برامج جهاز الهاتف الذكي على الوجه الصحيح.. والحقيقة أن هذه قضية تستحق التوقف عندها.

فالبعض ما زال يتجاهل الاستفادة من النعم التي وفرها الله لنا، ممثلة في خدمات الأجهزة الإلكترونية، أو ما يسمى بالأجهزة الذكية، وما يحمل عليها من برامج وروابط خدمات على مواقع الشبكة الإلكترونية! وأستغرب ماذا ينتظر هؤلاء، وبالأخص إذا كان الشخص (المتجاهل) رجل أعمال أو أستاذ جامعة، ويفترض أن استخدامه لهذه الخدمات سيوفر له الراحة والوقت والجهد والمال، ويحقق له الدقة والحماية والأمان في تعاملاته.. لعلها مشكلة ثقافة، كون البعض يستنكر ويقاوم ويخاف من كل ما هو جديد.

إلى درجة أن البعض ما زال يذهب بنفسه للبنك ليسدد فواتير استهلاك الخدمات، ولكي يسددوا نيابة عنه مستحقاته يلجأ لسماسرة التسديد الموجودين على أبواب الجهات الخدمية (الرسمية وغير الرسمية)، نظير رسوم. هذا مع ما تتضمنه هذه الإجراءات من مخاطر وتكاليف وتضحيات. هذا مع أن المسألة لا تحتاج إلا إلى دقائق لتعلم تنفيذ هذه العمليات لأول مرة، ومن ثم تصبح مهارات إجراء هذه المعاملات سهلة وطبيعية.

والذي أؤكد عليه أنه بين أيدينا اليوم نعمة يجب علينا ألا ننكرها، وخدمات من العقل والمنطق ألا نهدرها. فأجهزة الاتصالات الذكية بها ذاكرات ضخمة تتسع لما تشاء من أسماء وأرقام وتفاصيل معلومات عن جهات الاتصال، وبها سجلات تمكنك من كتابة ما تشاء من مذكرات، وكاميرات لك أن تسجل وتصور بها الحوارات والمشاهد والمقاطع والمناسبات، وتخزن ذلك في أجهزة الحاسب الشخصي أو أقراص الذاكرات الخاصة، وبرامج للوصول إلى مصادر المعلومات، كالمواقع والتواريخ والتقويمات والاتجاهات والعناوين وساعات للتذكير والتنبيه.. وكل ذلك بالمجان. فهل ينتظر البعض لعقارب الساعة أن تعود؟ بل إن المؤكد أن علماء الحاسب ومصممي برامج الخدمات وصانعي التقنيات العالية يعملون ليل نهار وفي سباق محموم ليطوروا البرامج والأجهزة التي بين أيدينا.. وما نحن إلا مستخدمون نستخدم ما يخترعون ويطورون (ويا تلحق أو ما تلحق!). ولا ننسى أن لهذه البرامج مردودا لا يستهان به على الاقتصاد الوطني، إضافة إلى كونها مؤشرا حضاريا على المجتمع والحكومة. وستنعكس فوائدها حتى على حركة المرور وإيجاد بيئة خصبة لتطوير برامج الاتصالات. والذي أقترحه... أن تنظم الجهات المعنية بهذا الأمر وعلى مستوى الدولة والإقليم والمنطقة والأمة، وبريادة وتبنٍّ من الجهات المعنية بسداد الخدمات، كالجوازات والبلديات وكتابات العدل والمحاكم والمرور والأحوال المدنية والكهرباء والاتصالات والشركات الأخرى، مؤتمرا لدعم تطبيقات الخدمات المالية والإدارية الإلكترونية، توزع به نشرات توعية للمواطنين بمختلف اللغات، بحيث تدعى لافتتاحه الوزارات والسفارات لتحفز على المشاركة في تعميمه لديهم بلغات الدول الأخرى.. وعلى أن تعقبه دورات تدريبية مفتوحة لجميع الأعمار والجنسيات والطبقات.

ويبدو أن المشكلة تكمن في غياب معايير ومؤشرات نقص برامج التوعية. ولو سألنا (مثلا): متى نحتاج لبرامج التوعية؟ وما هي برامج التوعية التي نحتاجها؟ فإننا (ربما) نحتار إلى من نوجه هذا السؤال. وختاما... فإن على الجميع أن يدرك أن التقنيات الحديثة قادمة، والعالم من حولنا لن ينتظرنا، والحكومات الإلكترونية أصبحت واقعا يجب على الجميع أن يتعامل معه. والخاسر الوحيد في هذه النقلة الحضارية هو المتأخر، أو من يسمى بالمتخلف عن الركب.