لبنان يطلق دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز

ووزير الطاقة يأمل تحقيق أرباح تساهم بسداد الدين العام المقدر بـ59 مليار دولار

TT

أطلق لبنان رسميا دورة التراخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية بعدما تم اختيار 46 شركة معظمها من كبريات الشركات العالمية، من أصل 52 شركة بطلبات تقدمت للتأهيل المسبق منها كصاحب حق مشغل ومنها كصاحب حق غير مشغل، للمشاركة في مناقصات التنقيب قبالة سواحله المطلة على البحر المتوسط.

وتمهد هذه الخطوة للتوصل إلى اتفاقيات نهائية بشأن تراخيص التنقيب بحلول مارس (آذار) من العام المقبل. فيما أكد وزير الطاقة جبران باسيل خلال حفل خاص بالمناسبة أمس : «وصلنا إلى يقين بوجود النفط والغاز في الجنوب والشمال وفي وسط البلاد وغطينا حتى الآن أكثر من 70% من المساحات البحرية ووضعنا تصورا ضريبيا في لبنان قد لا يطبّق بالكامل في الدورة الأولى».

أضاف: «خسرنا الكثير من الوقت منذ الخمسينات في قطاع النفط ولكن جزءا من هذه الخسارة تم تعويضه في السنوات الثلاث الماضية، ونأمل أن نحقق أرباحا كبيرة في المستقبل بغية إنجاز مشاريع في البنى التحتية وسداد جزء من الدين العام (يبلغ حاليا نحو 59 مليار دولار). ومن واجبنا الوطني المضي قدما في تطبيق قرار مجلس الوزراء وإطلاق دورة التراخيص في موعدها ونفتخر بما أنجزنا ونأمل تحقيق إيرادات مالية بغية إنماء البلد حيث بدأنا بموارد مالية معدومة ونأمل أن نحقق أرباحا كبيرة في المستقبل».

ويتعين على الشركات التي ترغب في تقديم طلبات للحصول على تراخيص أن تتجمع في تحالفات من ثلاث شركات على الأقل، وأن تطرح جداول زمنية واضحة لعمليات الحفر والاستخراج. وكان لافتا إعلان شركة «روسنفت» الروسية مؤخرا أنها عقدت شراكة مع شركة «إكسون موبيل» الأميركية لتقديم طلب مشترك في المناقصة اللبنانية.

وبحسب الخبير الاستراتيجي بول سالم، فإنه «إذا سارت الأمور قدما رغم الغموض السياسي، يأمل لبنان في أن تبدأ عمليات استخراج الغاز ربما في عام 2016 أو 2017. ومع ذلك، ما زال يتعين على لبنان تمرير قانون إنشاء صندوق وطني للثروة السيادية تودع فيه الإيرادات المتوقعة من استخراج الغاز والنفط. وإذا ما تم التعاطي مع عملية استخراج الغاز بالشكل الصحيح، فإنها يمكن أن تخفض بشكل كبير فاتورة توليد الكهرباء في لبنان، وتخلق طفرة في الصناعات والوظائف المرتبطة بالطاقة، وتؤثر في شكل إيجابي على المالية العامة المرهَقَة في البلاد وعلى تحديات إدارة الديون. أما إذا تمت إدارتها بطريقة غير سليمة، عندها يمكن لقطاع الطاقة أن يكون مدخلا إلى فساد أوسع».

وتشمل الشركات المؤهلة كصاحب حق مشغل: «اناداركو» و«اكسون موبيل» و«شيفرون» الأميركية، و«بتروبراس» البرازيلية، و«ايني إنترناشيونال» الإيطالية، و«أنباكس كوبورايش» اليابانية، و«ميرزك أويل» الدنماركية، و«بتروناس» الماليزية و«ريبسول» الإسبانية، و«شل» الهولندية، و«شتات أويل» النرويجية، و«توتال» الفرنسية.

ومن المرتقب أن يفصح وزير الطاقة عن معلومات تفصيلية حول اكتشافات النفط والغاز وتقديرات المسوح الثلاثية الأبعاد التي تولتها شركات عالمية، وذلك خلال ندوة موسعة برعاية الوزارة تنظمها مجموعة الاقتصاد والأعمال، بالتعاون مع هيئة إدارة قطاع البترول ضمن فعاليات منتدى الاقتصاد العربي الذي تستضيفه بيروت يومي 9 و10 مايو (أيار) الحالي.

وستركز ندوة «النفط والغاز في لبنان وشرق المتوسط»، التي يختمها باسيل بحوار مفتوح مع مئات المشاركين اللبنانيين والعرب والأجانب، على محور التراخيص لجهة المراحل المنجزة والخطوات المرتقبة، والجدول الزمني المتوقع وصولا إلى الإنتاج، فضلا عن الآليات والمعايير المعتمدة لناحية تقسيم مناطق «بلوكات» التنقيب، وتأهيل الشركات، واستقبال العروض، وترسية العقود. إلى جانب مناقشة النموذج الأمثل لإنشاء وإدارة الصندوق السيادي للموارد البترولية.

وتحتل الجوانب الجيوستراتيجية، والآثار الاقتصادية حيزا كبيرا من اهتمام الشركات المؤهلة، لا سيما لجهة التحديات السياسية والأمنية محليا وإقليميا، وبالأخص إشكالية نزاعات الحدود. بالإضافة لسيناريوهات الجدوى الاقتصادية لدورة التراخيص الأولى، انطلاقا من حجم المخزون المتوقع، وكلفة الاستخراج، وكيفية التصدير، واتجاهات الأسعار، والأسواق المحتملة، فضلا عن فرص الأعمال والاستثمار المباشرة التي ستخلقها دورة التراخيص الأولى، وانعكاسها على باقي القطاعات الاقتصادية.

ويشارك في منتدى بيروت عدد من الوزراء ومحافظي المصارف المركزية من عدة دول عربية وقادة المصارف والأعمال. ومن بين الذين أكدوا مشاركتهم مسؤولون في الصندوق السعودي للتنمية ومجموعة البنك الإسلامي للتنمية والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات والشركة العربية للاستثمار، والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، والكثير من الوزراء ومحافظي المصارف المركزية من عدة دول عربية.

ويتناول برنامج منتدى بيروت إلى جانب موضوع النفط والغاز، وضع العالم العربي وتحديات الانتقال وتحقيق الاستقرار وإطلاق عجلة النمو في بلدان الربيع العربي. وسيتم في هذا السياق تقييم تجارب هذه البلدان ودول عربية أخرى. كما سيتم الاستماع إلى رؤية المستثمرين لمناخ الاستثمار في العالم العربي اليوم واتجاهات الصناعة المصرفية العربية في ضوء المتغيرات الإقليمية والعالمية.