رئيس البنك الإسلامي للتنمية: التكتلات الاقتصادية تستدعي وضع استراتيجيات لإنشاء سوق إسلامية مشتركة

د. أحمد علي يؤكد التوجه نحو ابتكار طرق لتطوير صناعة «الحلال» وتعزيز أنشطة «الأوقاف» والزكاة

د. أحمد محمد علي
TT

شدد رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية على ضرورة وضع استراتيجيات إسلامية جماعية لإنشاء سوق إسلامية مشتركة، مبينا أن المجموعة تقوم حاليا بتحسين هيكلها التنظيمي وعملياتها المالية والخدمية.

وقال الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية لـ«الشرق الأوسط»: «إن المجموعة تبتدع حاليا طرقا مبتكرة لتطوير صناعة (الحلال)، وتعزيز أنشطة (الأوقاف) والزكاة، كما يسعى لإضافة خطوط عمل جديدة في مجال الخدمات والمنتجات المبتكرة». وقدّر إجمالي أصول البنك بـ17 مليار دولار، والأصول التشغيلية بـ10مليارات دولار، مبينا أن نسبة نمو التمويلات بلغت في عام 2012 نحو 13 في المائة، بإجمالي تمويلات تصل إلى نحو 7.9 مليار دولار، لافتا إلى أن التزامات وثائق تأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، تقدر بنحو 17 مليار دولار حتى نهاية 2012.

وتوقع أن تزيد عمليات المجموعة في العام الحالي، بنحو 15 في المائة، كاشفا أن قرار زيادة عملياته السنوية بنسبة 30 في المائة، خلال الفترة من 2009 إلى 2011، هدفت لمساعدة الدول الأعضاء على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، مشيرا إلى أن تمويلات البنك عادت إلى معدلات الزيادة السابقة، والمقدرة بنحو 15 في المائة ابتداء من عام 2013.

ووفق رئيس مجموعة بنك التنمية الإسلامي، فإن الأزمة المالية أدت إلى زيادة النشاط التمويلي للبنك في الدول الأعضاء لتمويل مشاريعها التنموية، مبينا أن البنك حقق أرباحا سنوية بمعدلات تصل إلى نحو 5 في المائة سنويا.

* ما حجم أصول وموجودات البنك منذ إنشائه وحتى الآن، وما نسبة النمو التي حققها العام الماضي، وما توقعاتكم للنمو في العام المقبل؟

- يقدر إجمالي أصول البنك (إجمالي الاستثمارات والموجودات) بـ17 مليار دولار، كما تقدر الأصول التشغيلية بـ10 مليارات دولار، بينما بلغت نسبة نمو التمويلات في عام 2012 نحو 13 في المائة، بإجمالي تمويلات تصل إلى نحو 7.9 مليار دولار، بما في ذلك تمويل المشاريع وعمليات التجارة، ويُتوقع أن تزيد عمليات مجموعة البنك في العام الحالي بنحو 15 في المائة، كذلك قرر البنك الإسلامي للتنمية، أن يزيد إجمالي عملياته السنوية بنسبة 30 في المائة سنويا، خلال الفترة من 2009 إلى 2011، لمساعدة الدول الأعضاء على تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، وبعد ذلك عادت تمويلات البنك إلى معدلات الزيادة السابقة والمقدرة بنحو 15 في المائة ابتداء من عام 2013، وبالإضافة إلى المبلغ السابق، فإن التزامات وثائق التأمين التي أصدرتها المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات تقدر بنحو 17 مليار دولار، وذلك حتى نهاية 2012.

* ما أثر الأزمة العالمية على أداء البنك، وما الأرباح التي حققها العام الماضي، وما يتوقع تحقيقها العام الحالي؟

- أدت الأزمة المالية العالمية، إلى زيادة النشاط التمويلي للبنك في الدول الأعضاء، حيث إن شح السيولة العالمية والركود الاقتصادي العالمي الناجمين عن الأزمة، جعلا كثيرا من الدول الأعضاء تتجه للبنك أكثر من أي وقت مضى، لطلب المساعدة في تمويل مشاريعها التنموية، كما تضاعف معدل النمو السنوي للعمليات التمويلية للبنك من 15 في المائة سنويا في عام 2009 إلى 30 في المائة سنويا حتى نهاية عام 2011، وارتفعت بذلك عمليات البنك على مدى 3 أعوام بنسبة 90 في المائة، ومع أن البنك هو مؤسسة تنموية دولية تطبق في كل معاملاتها التمويلية أحكام الشرعية الإسلامية، فقد حقق أرباحا سنوية بمعدلات تصل إلى نحو 5 في المائة سنويا، كما أن البنك لا يقوم بتوزيع هذه الأرباح، بل يخصصها لتمويل أنشطته وعملياته المختلفة ودعم الاحتياطي العام للبنك، ومن المتوقع أن تتزايد أرباح البنك التي بلغت في عام 2012 نحو 175 مليون دولار، لتنمو بمعدلات متقاربة مع الأعوام الماضية.

* ما حجم التمويلات التي قدمتها مجموعة البنك لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟

- بلغ حجم اعتمادات المجموعة لصالح الدول الأعضاء منذ التأسيس وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، نحو 90 مليار دولار، تم توجيهها لكل قطاعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء، وفق قدر عالٍ من التفاهم والتوافق في توجيه الموارد ومعالجة الأولويات الرئيسة للتنمية، كان له صدى كبير لدى كل الدوائر ذات الصلة، بما فيها مؤسسات التصنيف الدولية، وبفضل الدعم السخي الذي يحظى به البنك من الدول الأعضاء، نجح في الحفاظ على أعلى التصنيفات الائتمانية العالمية وهي «AAA»، مع نظرة مستقبلية مستقرة للسنة الـ11 على التوالي من وكالات التصنيف العالمية الرئيسة الثلاث، وهي: «ستاندرد أند بورز»، و«موديز»، و«فيتش».

* كيف ترون نشاط المصارف الإسلامية بشكل عام، وهل هناك تناغم وتفاعل فيما بينها؟

- تنمو صناعة الخدمات المصرفية الإسلامية بسرعة حول العالم، مما يؤكد تكامل التمويل مع النشاط الحقيقي، حيث بلغ عدد المصارف الإسلامية حتى الآن نحو 300 مصرف في جميع أنحاء العالم، وبلغ عدد البنوك أو النوافذ الإسلامية في القارة الأوروبية على سبيل المثال نحو 30 بنكا، وهي مرشحة للزيادة، ذلك أن الخدمات المالية الإسلامية لا تختص بالمجتمعات المسلمة فقط، بل هي لجميع الشرائح المجتمعية، والمبادئ التي تقوم عليها تلك الصناعة مشتركة بين الأديان السماوية كلها، كما حدث تطور كبير فيما يتعلق بإنشاء البنى التحتية للعمل المصرفي الإسلامي، مما يمثل قاعدة انطلاق قوية للمصرفية الإسلامية، وفي اعتقادي أن الوقت الحالي مناسب جدا لتفعيل هذه الصناعة، لتحقيق نقلة نوعية في مستوى الجودة والمصداقية لمنتجاتها وخدماتها، بما يلبي تطلعات العالم نحو مصرفية آمنة ومنتجة ومبدعة في الوقت نفسه.

* بهذه المناسبة، ماذا عن السوق المالية الإسلامية الدولية؟

- تأسست السوق المالية الإسلامية الدولية في أبريل (نيسان) من عام 2002 في البحرين، بهدف معالجة نقص وغياب الأدوات المالية الاستثمارية الإسلامية، بجانب معالجة مشكلة السيولة لدى البنوك الإسلامية، حيث إن معظم نشاطات البنوك الإسلامية تتركز على التعامل في السلع، ويشكل هذا الجزء الأكبر من نشاطها، ولكن يجب الالتفات إلى أن هناك أدوات استثمارية كثيرة متاحة أمام البنوك الإسلامية، مثل صكوك المضاربات الإسلامية، وصكوك التأجير التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة، وكذلك فإن من أهم ما تهدف إليه هذه السوق خلق أدوات مالية استثمارية جديدة تسهم في خلق سوق ثانوية وفرص استثمار جديدة تعمل على جذب استثمارات الدول الإسلامية بالأسواق التقليدية، وكذلك تعمل على جذب المستثمرين من العملاء الراغبين في التعامل في هذه الأدوات المالية وفقا للشريعة الإسلامية.

* ما آلية تصنيف المصارف الإسلامية دوليا؟

- تعتبر الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف، والتي تأسست عام 2004 بالبحرين، أول وكالة تتخصص في تصنيف المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، حيث كانت هذه المؤسسات، تعتمد على المؤسسات المالية الدولية التقليدية، غير أن هذه الوكالة ساعدتها على تنمية أعمالها وطرح أوراقها في السوق الدولية، بعد أن تتمكن من الحصول على تصنيف دولي من قبل هذه الوكالة، خصوصا مع البنوك الأجنبية، كما أنها تضفي الشفافية المطلوبة على أعمال المؤسسات المالية الإسلامية، وتمكنها من تقييم حجم المخاطر التي تواجهها.

* كيف تنظر إلى واقع المصارف الإسلامية في محاربة الفساد والحوكمة؟

- الصيرفة الإسلامية بطبيعتها تلتزم بقواعد الشريعة الإسلامية، ليس في العقود والمعاملات المالية فحسب، بل في كل صور التعامل مع المساهمين والمستثمرين والمودعين، ولذلك فإن ضوابط الحوكمة للمصارف الإسلامية أعلى منها في المصارف التقليدية، ومع ذلك لا ننسى أن العاملين في المصارف الإسلامية بشر، وهم معرضون للأخطاء، لكن فرص التصحيح والاستدراك والانضباط أعلى في المصارف الإسلامية، بجانب أن مبدأ الصيرفة الإسلامية المرتبط دائما بالأصول في حد ذاته يقلل من الفساد ويؤطر للحوكمة.

* ما الطريقة التي تتبعها مجموعة البنك في التمويل المشترك مع المؤسسات الدولية التي لا تعمل وفقا للشريعة الإسلامية؟

- هناك عدة طرق للتعامل مع المؤسسات المالية، سواء الدولية أو التجارية في مجال التمويل المشترك، ومن حيث المبدأ فإن العقود الإسلامية يمكن أن تمنح ضمانات لا تقل عن القروض بفائدة، فالتمويل من خلال الإجارة يمنح الممول ضمانا أعلى من رهن الأصول، لأن الأصول في حالة الإجارة تسجل باسم الممول وليس المدين، وفي هذه الحالة لا يوجد ما يمنع البنوك التقليدية من استخدام العقود الإسلامية، وفي عقد الاستصناع مثلا يمكن الحصول على خطاب ضمان تنفيذ من مصارف إسلامية، بحيث لا يتعرض الممول لمخاطر تنفيذ غير مقبولة، وفي حالات أخرى يتم تقسيم المشروع إلى مكونات أو شرائح، بحيث يتم التعامل مباشرة بين البنوك وصاحب المشروع، وفي هذه الحالة لا يحصل تداخل بين تمويل البنك الإسلامي وتمويل البنك التقليدي.

* ما دور البنك في إنشاء سوق إسلامية مشتركة؟

- تعتبر الحاجة إلى الرفع من مستويات التجارة البينية للدول الإسلامية، هدفا استراتيجيا وضرورة تفرضها التطورات الاقتصادية العالمية، في ظل مناخ العولمة الاقتصادية وما نتج عنها من بروز كيانات ومصالح اقتصادية دولية، يعطي الأولوية لتلك التي توفر بيئة أكثر ملاءمة للنمو الاقتصادي والتكيّف مع التغيرات العالمية، وعموما فإن معدلات التبادل التجاري بين دول منظمة التعاون الإسلامي 18 في المائة وهي لا ترتقي بعد إلى الطموح المنشود، ويبقى مشروع السوق الإسلامية المشتركة حلما وأملا مطلوبا، لأنه ييسر عملية التكيف مع عولمة الاقتصاد والاستجابة لتحدياتها التجارية والإنتاجية والتقنية، ويدعم منافسة التجمعات الاقتصادية المتنافسة على الأسواق الدولية، ويحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدى الدول الإسلامية، كما يحقق التكامل بين الموارد المالية والطبيعية والبشرية التي تملكها كل دولة، ويسهّل معالجة حجم الأسواق الداخلية لكل دولة منفردة، ويقوي القدرة التفاوضية والتنافسية لهذه الدول في علاقاتها الاقتصادية الدولية، ويزيد الإنتاجية، ويقلل من شدة التبعية للدول المتقدمة.