سوق العقار السكني في حالة ترقب!

سعود الأحمد

TT

أتمنى لو أن لدينا جامعات أو مراكز بحث علمي تدرس آثار القرارات الإدارية، وبالأخص في مسألة تكاليف الفرص الضائعة والبديلة والوقت المهدر لتأخر تنفيذ المشاريع الحيوية!. لكنه قدر الدول النامية، فالمشاريع الحيوية تخطط وتنفذ وتقيم وتستلم وتصان بذهنية بيروقراطية!. وفي بيئات عمل ما زالت تكتفي فقط بالرقابة الحسابية على المصروفات والإيرادات، ولا تعرف ما يسمى بآليات تقييم أو الرقابة على الأداء! ولعلي أناقش هنا موضوع تأخر تنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين بمنح قطع أراض مطورة وقروض بناء المساكن للمواطنين. وذلك بعد قرارات ضم كل الأراضي التي تحت سيطرة وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان من أجل تطويرها وتوزيعها على المستحقين مدعومة بقرض من الصندوق العقاري. ولنتصور سيناريو تأثير مثل هذا التوجه وما أعلن عنه من قرارات. ومسألة التأخر في حسم هذا المشروع ليبقى سوق العقار في حالة ترقب لفترة الله يعلم مدتها! فالمشروع جاء بعد عدول وزارة الإسكان عن بناء مساكن للمواطنين المستحقين وكأنه بهدف منح الفرصة للمواطن لبناء مسكنه وفق رغبته الخاصة، وبعنوان «قرض وأرض» وأنه تلبية لرغبة الملك في تحقيق الرفاه للمواطن الذي فقد الأمل في امتلاك منزل. ولكن ما تبعياته؟! وهل ستنخفض بموجبه أسعار العقارات السكنية؟! فالمستثمر في مجال تطوير المخططات السكنية وبناء المجمعات والعمائر والفلل والوحدات السكنية، وهو يعايش ما يطلق من إشاعات بسقوط سوق العقار، لا بد أنه سيحجم عن الاستمرار في مشاريع البناء. وهذا بالتالي سيؤدي إلى نقص المعروض في سوق العقار السكني! هذا في ظل غياب الدراسات التي توضح عدد ونسبة الذين ستنطبق عليهم شروط مشروع القرض والأرض! وحتى مسألة فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، فهذه قد لا تصب في مصلحة المواطن المحتاج للسكن! وإنما سترفع تكلفة هذه الأراضي السكنية على المستخدم الأخير (هذا إذا استجاب ملاك هذه المخططات لنظام دفع الرسوم).

وإذا سلمنا بجدوى إعطاء مهمة البناء للمواطن؛ فهل وفرت وزارة الإسكان معلومات لتسهيل مهمة المواطن في شراء مواد البناء والحصول على العمالة لتنفيذ مراحل البناء، ونماذج عقود الاتفاقيات مع الأطراف الفنية لبناء مساكنهم؟! وهل لدينا دراسات لتقدير وحصر تكاليف أخطاء البناء ونقص خبرة المواطن، آخذين بالاعتبار غياب الخلفية الفنية لدى المواطن في أسواق مواد وعمالة البناء وأخطاء وتلاعب وتدليس العمالة والمقاولين؟! خصوصا مع ما تواكبه الفترة القادمة من شح في العمالة المدربة وما يتوقع لها أن تصير إليه مع القيود والإجراءات الصارمة التي تتوعد بها وزارة العمل والجوازات والبلديات. التي بلا أدنى شك سيدفع ثمنها المواطن الذي هو المستخدم الأخير لهذه السلع والخدمات.

بقي أن نؤكد: أن أي إجراء لتصحيح أسعار العقارات السكنية بعد أن حلقت أسعارها عاليا، لا شك أنه يصب في المصلحة العامة. لكن علينا أن نراعي مصلحة سوق العقار، وأن لا ننسى أن حجم الاستثمار في القطاع العقاري السعودي في منتصف عام 2012م يقدر بنحو 900 مليار ريال وأن المملكة تحتل المرتبة الثانية في العالم في مجال الاستثمار العقاري.. وبالتالي فإنه ليس من مصلحة الاقتصاد الوطني هذا التوجه المفاجئ الذي يستهدف كسر عظم تاجر العقار!

* كاتب ومحلل مالي