لهيب الصيف ونقص الأيدي العاملة ينذران بأزمة جديدة في قطاع المقاولات السعودي

رئيس لجنة المقاولين لـ «الشرق الأوسط»: أتمنى زيادة مهلة تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية

4 يوليو المقبل موعد انتهاء مهلة خادم الحرمين لتصحيح أوضاع الأجانب في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت تلوح في الأفق بوادر أزمة جديدة قد تجتاح قطاع المقاولات في السعودية خلال الأسابيع المقبلة، يأتي ذلك في ظل تأكيدات مسؤول رفيع المستوى في لجنة قطاع المقاولات في مجلس الغرف السعودي لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن القطاع سيواجه نقصا كبيرا في أعداد الأيدي العاملة عقب انتهاء مهلة تصحيح أوضاع العمالة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين قبل نحو شهرين من الآن.

وما يزيد من حدة الأزمة المتوقع تفاقمها خلال الأسابيع القليلة المقبلة هو زيادة درجات حرارة الصيف في البلاد، حيث تعمل شركات المقاولات في السوق المحلية خلال هذه الفترة على تقليص عدد ساعات العمل بهدف تجنيب الأيدي العاملة إمكانية التعرض إلى ضربات الشمس.

ويعيش قطاع المقاولات والإنشاءات السعودي خلال الفترة الحالية مرحلة ذهبية من النمو والازدهار، ويأتي ذلك في ظل التوجه الحكومي الكبير نحو إنفاق مليارات الريالات على مشاريع البنية التحتية، وهي المشاريع التي يتم طرحها من خلال مناقصات عامة تتنافس عليها كثير من الشركات.

وفي هذا السياق، أكد فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات في مجلس الغرف السعودية لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن قرب انتهاء مهلة تصحيح أوضاع العمالة في السعودية سيقلص عدد الأيدي العاملة في قطاع المقاولات، وقال «أتمنى أن تمدد المهلة لمدة 3 أشهر إضافية بشكل خاص لشركات المقاولات والإنشاءات، لأن هذه الشركات كبيرة الحجم وعدد عمالتها كبير جدا، وقد لا يسعف الوقت كثيرا منها لتصحيح أوضاع عمالتها».

وأشار الحمادي إلى أن قطاع المقاولات والإنشاءات السعودي قد يوجه كثيرا من إمكاناته خلال الفترة المقبلة إلى منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال الأشهر القليلة المقبلة، مؤكدا على أن هذا التوجه سيزيد من فرصة تقلص عدد الأيدي العاملة عن بقية مناطق ومحافظات المملكة.

وأوضح رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات في مجلس الغرف السعودية خلال حديثه أمس، أن نقص عدد الأيدي العاملة سيزيد من فرصة ارتفاع تكاليفهم في الفترة المقبلة، مشددا على أن ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة سيقود إلى ارتفاع قيمة عقود الإنشاءات والمقاولات المبرمة.

ولفت الحمادي خلال حديثه إلى أن فرصة زوال الأيدي العاملة بالمحافظات والمدن الصغيرة عقب انتهاء مهلة تصحيح أوضاعهم كبيرة جدا، وقال «كثير من العمالة المخالفة سيتم ترحيلهم عقب بدء الحملات التفتيشية من جديد، في حين أن العمالة التي نجحت في تصحيح أوضاعها فإنها سترتكز للعمل في المدن والمناطق الرئيسة نظرا لغزارة تنفيذ المشاريع، وهو أمر وارد جدا».

وبيّن رئيس اللجنة الوطنية للمقاولات في السعودية أن الشركات النظامية حددت أوقات العمل من الساعه الـ5 فجرا وحتى الساعة الـ12 ظهرا، ومن الساعة الـ5 عصرا وحتى الساعة الـ7 مساء، خلال فترة الصيف التي تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة.

ولا يزال قطاع المقاولات في «السعودية» يفتقد للتنظيم، وهو الأمر الذي يعني أن تقيّد جميع الشركات بساعات العمل خلال فترة ارتفاع درجات حرارة الصيف أمر من الصعب تحقيقه، في ظل التشتت الذي يضرب القطاع، يأتي ذلك على الرغم من أن قطاع المقاولات في البلاد يعد من أكثر القطاعات ربحية، حيث أكدت دراسة اقتصادية حديثه أن 99.4 في المائة من شركات المقاولات السعودية الصغيرة والمتوسطة كانت قد حققت أرباحا إيجابية خلال الأعوام 2008 و2009 و2010م، فيما منيت 0.6 في المائة منها بخسائر.

وكانت قد رفضت الجهات المعنية في السعودية مطلع هذا الأسبوع طلب سفارات دول وجهات حكومية ومؤسسات خاصة بتمديد المهلة المحددة لتصحيح أوضاع المخالفين التي حددت بثلاثة أشهر تنتهي في 4 يوليو (تموز) المقبل. في الوقت الذي كشف فيه العميد حسين بن يحيى الحارثي مدير جوازات منطقة مكة المكرمة عن ضبط إدارته عددا من حالات التحايل والتزوير في وثائق تقدم بها بعض العمالة الوافدة للبقاء والعمل في السعودية.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» حينها: «تم رفع طلب تمديد المهلة قبل أسبوع، إلا أن الطلب قوبل برفض من الحكومة السعودية، مع التشديد على أن تلتزم الجهات الرسمية المعنية بهذا الملف في الفترة المحددة لتصحيح أوضاع العاملين في سوق العمل السعودية خلال فترة المهلة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومدتها ثلاثة أشهر».

وأكد حطاب العنزي، المتحدث باسم وزارة العمل لـ«الشرق الأوسط»، أن العمل جار على تصحيح أوضاع السوق السعودية، وأن جهاز وزارة العمل مع القطاعات الحكومية الأخرى ملتزم بالفترة التصحيحية المحددة، مشيرا إلى أن الوزارة لا يحق لها تمديد مهلة التصحيح بعد انتهائها خلال يوليو المقبل، وذلك باعتبارها جهة تنفيذية تعمل على ما يأتيها من قرارات وزارية، مفيدا بأن قرار مهلة تصحيح أوضاع العمالة المخالفة جاء بأمر ملكي، وفي حال تمديده، فإنه لا يتم أيضا إلا بأمر من أعلى سلطة في البلاد.

واستبعد العنزي حينها، تمديد تلك الفترة، بحكم أن هذا القرار جاء من خادم الحرمين الشريفين مباشرة، وأن انتهاء مهلة تصحيح أوضاع العمالة المقدرة بثلاثة أشهر هي الفترة المحددة لانتهاء الحملة التصحيحية وتنظيم سوق العمل، مؤكدا أن الجهات المعنية ستعمل فور انتهاء المدة المحددة العمل بالنظام الجزائي للمخالفين والمقرر بدايته في 5 يوليو المقبل، وسيتم تطبيق العقوبات على جميع المخالفين دون استثناءات.