سفير الاتحاد الأوروبي في الرباط: مفاوضات التجارة الحرة الشاملة تتطلب من المغرب إرادة سياسية قوية

قال إنها تشمل إصلاحات عميقة وتحقيق الانسجام في التشريعات والمعايير والمؤسسات

TT

قال ريبر جوي، سفير الاتحاد الأوروبي في الرباط، إن المفاوضات الجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاقية التجارة الحرة الشاملة ستتطلب من المغرب التحلي بإرادة سياسية قوية، خاصة في مجال تطبيق الإصلاحات وتحقيق التقارب في المجال التشريعي والقانوني مع الاتحاد الأوروبي. وأضاف ريبر، الذي كان يتحدث مساء أول من أمس خلال لقاء نظمه اتحاد الغرف الأوروبية في المغرب بالدار البيضاء، أن هذه المفاوضات التي ستجري جولتها الثانية في بروكسل يوم 24 يونيو (حزيران) الجاري، تهدف إلى تحقيق اندماج أكبر للمغرب في الفضاء الأوروبي، والتوصل إلى اتفاقية شاملة ستصبح الإطار المرجعي للشراكة التجارية الأوروبية المتوسطية، مشيرا إلى أن المغرب هو أول بلد يدخل معه الاتحاد الأوروبي في مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاقية التجارة الحرة الشاملة.

وأوضح ريبر أن هذه المفاوضات الجديدة لا تتعلق بولوج الأسواق، مشيرا إلى أن المغرب والاتحاد الأوروبي قطعا أشواطا مهمة في هذا المجال من خلال اتفاقية التجارة الحرة للمنتجات الصناعية التي تم تطبيقها تدريجيا مند سنة 2000 ووصلت أوجها مع التحرير الشامل في مارس (آذار) 2012. إضافة إلى اتفاقية تحرير تجارة منتجات الزراعة والصيد البحري التي تم توقيعها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال: إن المفاوضات الجديدة ستتناول قضايا عميقة تتعلق بالانسجام والتقارب في القوانين والمعايير والمؤسسات. لذلك يضيف ريبر «لا أخفي أن هذه المفاوضات ستتطلب من المغرب إرادة سياسية قوية». وأوضح ريبر أن المغرب حقق حتى الآن بعض التقدم في مجال التقارب التشريعي مع الاتحاد الأوروبي في إطار برنامج عمل اتفاقية «الوضع المتقدم»، التي أبرمها مع الاتحاد الأوروبي في سنة 2008. غير أن الإنجازات في هذا المجال لا تزال متواضعة وتتعلق بقطاعات معزولة، مشيرا إلى أن هذا التقارب كان اختياريا من طرف المغرب الذي كان يحدد القطاعات التي يرغب في إخضاعها للإصلاح ويوفر الاتحاد الأوروبي الدعم اللازم لذلك. بخلاف ذلك، فإن الاتفاقية الجديدة تهدف إلى وضع مخطط وطني لتحقيق التقارب والانسجام، بأهداف محددة وفق جدول زمني ملزم.

وأشار ريبر أن الجانب الوحيد المتأخر في مجال تحرير المبادلات وولوجية الأسواق هو الجانب المتعلق بتحرير تجارة الخدمات، والتي تعرف المفاوضات المتعلقة بها توقفا بسبب بعض الخطوط الحمراء. وقال: «الاتحاد الأوروبي يرى أن بالإمكان تجاوز مأزق هذه المفاوضات في إطار أشمل. وبالتالي فمفاوضات التجارة الحرة الشاملة تشكل الإطار الأمثل لتجاوز هذا المأزق».

ومن أبرز نقاط الخلاف التي أدت إلى توقف مفاوضات تحرير تجارة الخدمات، حسب مارتا مويا دياز، رئيسة القسم التجاري في مندوبية الاتحاد الأوروبي بالرباط، معارضة بعض الأطراف الأوروبية لتنقل وإقامة حرفيين ومهنيين مغاربة في الاتحاد الأوروبي خلال مدة تقديم الخدمات، كما تعارض بعض الأوساط الأوروبية أيضا طلب المغرب بإدراج «الخدمات عن بعد» (الأوفشورينج) في الاتفاقية.

وكانت المفاوضات الجديدة بشأن اتفاقية التجارة الحرة الشاملة قد أطلقت في بداية مارس الماضي خلال زيارة خوسي مانويل باروسو، رئيس اللجنة الأوروبية، للمغرب والتقائه مع رئيس الحكومة المغربية عبد الإله ابن كيران. وجرت الجولة الأولى للمفاوضات في أبريل (نيسان) الماضي في الرباط. وأوضح أن الجولة الأولى من المفاوضات تناولت قضايا المنافسة والملكية الثقافية والصفقات الحكومية والتسهيلات التجارية وتجارة الخدمات وحماية الاستثمار وتجارة الطاقة، وقضايا أخرى. وأشار إلى أن الجولة الثانية 24 من الشهر الحالي في بروكسل ستتناول قضايا أعمق. وأضاف ريبر أن الاتحاد الأوروبي أطلق دراسة الوقع الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للاتفاقية الجديدة، والتي أسند إنجازها لمكتب خبرة مستقل. وفي يوم 27 من الشهر الحالي سينظم في الرباط لقاء تشاوريا مع هيئات المجتمع المدني المغربي لاستطلاع آرائها وتطلعاتها بشأن هذه الاتفاقية.