السعودية تستهدف زيادة فرص عمل مواطنيها داخل القطاع المصرفي من خلال تشريعات جديدة

«ساما» تدعو البنوك إلى إيضاح فرص العمل التي من الممكن توطينها بنسبة 100%

مؤسسة النقد العربي السعودي كثفت من تحركاتها الإيجابية لزيادة عدد فرص عمل المواطنين داخل البنوك المحلية («الشرق الأوسط»)
TT

عززت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» (البنك المركزي)، من توجهاتها العملية نحو زيادة عدد فرص العمل المتاحة في البنوك والمصارف المحلية في البلاد، يأتي ذلك في الوقت الذي بدأت تشرع فيه «ساما» خلال الأيام الحالية في إعداد مسودة نظام مقترحة من المتوقع تعميمها على البنوك المحلية خلال الفترة المقبلة.

وتعتمد مسودة النظام الجديدة على خطابات عدة بعثت بها «مؤسسة النقد العربي السعودي» خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى البنوك المحلية، حيث طالبت «ساما» البنوك بإيضاح فرص العمل التي من الممكن توطينها بنسبة 100 في المائة داخل القطاع المصرفي، وهي خطوة جديدة من المتوقع أن تقود إلى نتائج إيجابية على مستوى سوق العمل السعودية.

وتأتي تحركات «ساما» خلال الفترة الحالية في الوقت الذي بدأت تتحرك فيه وزارة «العمل» السعودية نحو تكثيف عدد الفرص المتاحة للعمل أمام السعوديين، وسط تحركات حكومية كبرى تقوم بها الوزارة بالتعاون مع «الجوازات» نحو إعادة تنظيم سوق العمل في البلاد، وتسريح العمالة المخالفة.

وبحسب معلومات جديدة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، فإن البنوك السعودية من المتوقع أن تقلص عدد فرص العمل أمام الموظفين الأجانب في تخصصات إدارية عدة، تأتي في مقدمتها «الموارد البشرية»، و«السكرتارية»، و«البحوث»، و«التسويق»، وهي الوظائف التي تشغلها بعض الأيدي الوافدة خلال الفترة الحالية.

وتأمل مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» في أن تثمر تحركاتها فتح مزيد من الفرص الوظيفية أمام السعوديين والسعوديات الباحثين عن العمل، وسط توقعات بأن تكون عمليات التوظيف ومعدلات الرواتب متاحة أمام البنوك المحلية بما يضمن حرية المنافسة في استقطاب الكوادر البشرية المؤهلة.

وفي ظل هذه المستجدات، كانت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» (البنك المركزي)، قد بعث خلال الأيام القليلة الماضية خطابات متفرقة إلى البنوك المحلية في البلاد، بهدف حصر البنوك خلال مدة أقصاها 3 أشهر الوظائف التي من الممكن توطينها بنسبة 100 في المائة، ومن ثم الرفع بذلك إلى «ساما».

فيما كان قد أوضح مصدر مصرفي لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو أسبوعين، أن بعض الوظائف المتعلقة بالقطاعات المالية والاستثمارية تتطلب وجود العنصر الأجنبي، وقال: «هذه الوظائف تحتاج إلى كوادر مؤهلة، وأعداد السعوديين المؤهلين في هذا الجانب قد لا تغطي حاجة السوق».

وتعليقا على هذه التطورات، قال فضل البوعينين الخبير المصرفي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس: «البنوك السعودية في فترة سابقة كانت من أكثر القطاعات الاقتصادية في نسبة توطين الوظائف حيث وصلت إلى ما نسبته 100 في المائة في الفروع، و85 في المائة في البنك بشكل عام، إلا أنها خلال السنوات الخمس الماضية بدأت بتوظيف الأجانب سواء أكان من خلال التوظيف مباشر أو غير المباشر، من خلال شركات التشغيل أو الدعم والمساندة».

ولفت البوعينين خلال حديثة إلى أن بعض المراكز الكبرى الحساسة في البنوك السعودية مسيطر عليها من قبل الأجانب كإدارات «الخزانة» و«التمويل وإدارة المخاطر»، و«الرئاسة التنفيذية»، مضيفا: «التوسع في توظيف الأجانب في السنوات الأخيرة كان بسبب تراخي تطبيق الأنظمة، وضعف مراقبة مؤسسة النقد، حتى أصبحت البنوك في الآونة الأخيرة تركز كثيرا على تقليل تكاليف التشغيل، مما يقود بالتالي إلى مشكلات كبرى في الاقتصاد الوطني بشكل عام».

وأكد البوعينين أن بعض الرؤساء التنفيذيين الأجانب يركزون على تعظيم الربحية خلال السنوات الأولى، وذلك بهدف الحصول على أكبر قدر ممكن من المكافآت المالية، وقال: «قد تكون هذه الأرباح حقيقية أو مصطنعة، كما أنهم يقومون بتقليص عدد القوى العاملة وتقليل عدد فرص العمل، وتسريح بعض العاملين تخفيفا من حجم التكاليف، ومن ثم يعتمدون على شركات المساندة، إلا أن التحركات الإيجابية التي تقوم بها مؤسسة النقد العربي السعودي حاليا من المتوقع أن تقود إلى زيادة عدد فرص العمل أمام السعوديين من خلال الأنظمة الإيجابية في هذا الجانب».

يشار إلى أنه كان أحمد الحميدان وكيل وزارة العمل للشؤون العمالية قد كشف قبل شهر من الآن، أن السعودية تستورد سنويا نحو مليون عامل وافد، وأضاف خلال لقاء عقد في غرفة الرياض الشهر الماضي: «مقابل ذلك تم توظيف 615 ألف سعودي في سوق العمل خلال مدة 18 شهرا، في حين أنه يبلغ معدل البطالة في البلاد يبلغ نحو 12 في المائة، لتبلغ بشكل تفصيلي 6 في المائة بين الذكور، و35 في المائة بين الإناث»، مشيرا إلى أن قرار رفع الحد الأدنى لأجور السعوديين المحتسبين في برنامج «نطاقات» إلى 3 آلاف ريال شهريا، ساهم في تعديل أجور 180 ألف سعودي خلال الشهرين الماضيين.

وأضاف الحميدان خلال لقاء عقد بمقر غرفة الرياض حينها: «وزارة العمل ستطلق حوارا مجتمعيا شاملا حول مستويات الأجور، كما أنها ستقوم بحلول قصيرة المدى لحل تحديات توطين الوظائف من خلال الإحلال، وبناء قاعدة بيانات، يتم من خلالها توضيح آليات التوظيف، وتطوير كل من منظومة التفتيش، وبرنامج نطاقات، ومكافحة التستر، بالإضافة إلى تطوير أنظمة التحويلات المالية للوافدين».